إسرائيل صرفت حوالي 14 مليار دولار على الاستيطان في الضفة غزة

اليمين يطالب الحكومة بهدم 55 ألف بيت عربي بحجة بنائها من دون ترخيص

TT

كشف تقرير سرّي في المعهد الاسرائيلي للبحوث الاقتصادية والاجتماعية بأن مجموع ما صرفته اسرائيل على الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 وحتى نهاية السنة الماضية بلغ 63 مليار شيكل (أي حوالي 14 مليار دولار أميركي). وهذا المبلغ لا يشمل ما بني من استيطان في القدس الشرقية وهضبة الجولان السورية اللتين تعتبرهما اسرائيل ضمن تخوم حدودها الرسمية. كما لا تشمل المصاريف التي دفعها الجيش الاسرائيلي في اطار ميزانيته الخاصة التي لا تخضع عموما للمراقبة.

ودفع نصف المبلغ المذكور من الموازنة العامة للحكومة فيما دفع نصفه الآخر من استثمارات القطاع الخاص. ويوزع المبلغ على النحو التالي: 4.7 مليار دولار للوحدات السكنية، و4.3 مليار دولار للبيوت التي بنيت في عمارات شاهقة، و454 مليون دولار للأبنية العامة (مدارس وعيادات ومكاتب حكومية ونواد ومرافق عامة أخرى)، و150 مليون دولار مراكز تجارية، و113 مليون دولار للكنس، و92 مليون دولار للبيوت المؤقتة. وبقية المبلغ انفق على البنى التحتية (شوارع ومجار وكهرباء وأنابيب ماء وغيرها).

وقد تم إعداد هذا البحث في اطار دراسة بادر اليها المعهد المذكور للاطلاع على مدى الخسائر التي لحقت باسرائيل من جراء هذا الاستيطان في الوقت الذي يتضح فيه أن معظم هذه المستوطنات ستزال عن الوجود في أية تسوية سياسية، خصوصا بعد خطة الفصل التي أزيلت في اطارها جميع المستوطنات في قطاع غزة وأربع مستوطنات أخرى في شمال الضفة الغربية والنية لتنفيذ خطة فصل شبيهة في الضفة الغربية أو في جزء منها خلال الدورة المقبلة للحكومة.

وجاء هذا النشر في الوقت الذي تقوم فيه ضجة صاخبة في اسرائيل حول قيام الشرطة الاسرائيلية بإخلاء مستوطنة «معونا» قرب رام الله، أول من أمس، بوسائل عنيفة أسفرت عن اصابة 220 شخصا، 80 منهم رجال شرطة. ويتهم اليمين الشرطة بأنها قصدت استخدام العنف الإرهابي ضد المستوطنين وعدم القبول بأية حلول وسط معهم، لأنها تلقت أوامر بذلك من رئيس الحكومة بالوكالة. وأجمع رؤساء أحزاب اليمين وقادة المستوطنين على ان اولمرت اتخذ هذه الخطوة في اطار حسابات انتخابية خالصة وليس من خلال رؤية القمع ضروريا لعملية الإخلاء. وقالوا ان اولمرت أراد أن يظهر لناخبيه انه رجل قوي وحازم وانه ليس مجرد شخصية سياسية جاءت به الظروف والمصادفات (مرض رئيس الوزراء، أرييل شارون)، الى كرسي رئيس الحكومة، وأنه أراد أن يستعرض عضلاته أمام الإدارة الأميركية وأنه ملتزم مواصلة السير على نهج شارون.

وأعرب قادة اليمين عن قناعتهم بأن إخلاء «معونا» لن يكون الأخير وأن هناك احتمالا كبيرا أن يقدم أولمرت على المزيد من عمليات الإخلاء في الأسابيع المقبلة عشية الانتخابات. وقال ناطق بلسان حزب الليكود، الذي يرئسه بنيامين نتنياهو، ان اولمرت تآمر مع اليمين المتطرف على حزب الليكود في هذه العملية. فهو، أي اولمرت، بطش بالمستوطنين وبذلك نال رضى الادارة الأميركية والغرب عموما وأقنع غالبية السكان انه جاد في السير على طريق شارون. وأحزاب اليمين المتطرف، التي قام قادتها بمشاركة المستوطنين في تصديهم لقوات الشرطة والجيش وقاوموا الاخلاء، واثنان من قادتهم، ايفي ايتام وأريه الداد، أصيبا بجراح شديدة من جراء الضرب بالعصي من الشرطة، قطفوا ثمار هذا الصدام، إذ يقف اليمين المتطرف معهم. كذلك اتهمت أحزاب اليسار رئيس الوزراء بالوكالة، باستخدام سلطته كرئيس حكومة من أجل تحسين وضعه الانتخابي. ودعت كل من النائبة يولي تمير من حزب العمل، ويوسي بيلين من حزب «ميرتس»، الى اقامة لجنة تحقيق في أحداث الصدام الدامي بين الشرطة والجيش من جهة وبين جمهور المستوطنين. ودافع قادة الشرطة والجيش عن تصرفهم في قمع المستوطنين وقالوا ان هؤلاء هم حفنة من «البلطجية» الذين داسوا على القانون مرات ومرات في السنوات التالية ولم يعد ممكنا التعامل معهم بشكل طبيعي. فهم احتلوا أرضا فلسطينية خاصة، لها أصحابها، من دون إذن. وادعوا انهم اشتروا الأرض من الفلسطينيين، ثم تبين انهم يكذبون. ثم راحوا يبنون البيوت على الأرض من دون تصاريح. وعندما قررت الحكومة اخلاءهم، قبل ثمانية أشهر، راحوا يماطلون ويتيهون الدوائر المسؤولة بمختلف الأساليب حتى تعرقل الهدم. وعندما صدر قرار محكمة العدل العليا بوجوب الترحيل والهدم بدأوا يستعدون للمقاومة العنيفة من دون أي احترام للقانون. ولما حضرت قوات الشرطة للإخلاء، أي لتنفيذ القانون، اعتدوا على رجال الأمن بواسطة القذف بالحجارة والمواد السامة والحارقة. وأتيح لهم للحظة أن يستفردوا بأحد رجال الشرطة، فأشبعوه ضربا ورفسا ولكما، «كما لو انه عدوهم العربي».

أما المستوطنون أنفسهم فقد قرروا تصعيد مقاومتهم للحكومة باتجاهين، أحدهما اقامة المظاهرات الصاخبة في كل شارع وتقاطع طرق مركزي في طول اسرائيل وعرضها، والثاني بالمطالبة بهدم البيوت غير المرخصة التي بناها العرب في اسرائيل (فلسطينيو 48) في مدنهم وقراهم، علما بأن هناك 70 الف مبنى غير مرخص في اسرائيل، 55 ألف عقار فيها يملكها فلسطينيون.