السنيورة يشيد بالمقاومة ولا ينطق «العبارة السحرية».. والوزراء الشيعة يعودون عن مقاطعتهم للحكومة اللبنانية

فاجأ الجميع بكلمة في البرلمان من دون تنسيق مع «حزب الله» و«أمل»

TT

انتهت أمس أزمة مقاطعة الوزراء الشيعة للحكومة اللبنانية بشكل مفاجئ أمس بعد مبادرة من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي باغت الجميع أمس عندما وقف في قاعة البرلمان الذي كان مجتمعا لمناقشة الحكومة بالإدلاء بموقف بدا من خلاله أنه يحاول تقديم مخرج لعودة الوزراء الشيعة المقاطعين الذين يطالبون الحكومة بإعلان أن «المقاومة ليست ميليشيا» كشرط لعودتهم، بتأكيده التزام ما ورد في البيان الوزاري في ما خص المقاومة «التي لم ولن نسميها بغير المقاومة...». وبعد ساعات قليلة على كلام السنيورة أعلن الوزراء الشيعة من حركة«أمل» و«حزب الله» عودتهم الى الحكومة التي كانت في ذلك الوقت مجتمعة للمرة السادسة من دونهم. وقال رئيس كتلة نواب «حزب الله»، النائب محمد رعد، لـ«الشرق الأوسط» ليلاً «إن قيادتي الحزب والحركة اعتبرتا ما قاله السنيورة يحمل المضمون نفسه رغم انه لم ينطق العبارة المطلوبة». معتبرا أن السنيورة ربما «لا يريد أن يقع في المحظور المفروض عليه من قبل الأميركيين». وأشار رعد الى أن المطلب الثاني للوزراء المقاطعين بضرورة التوافق حول المواضيع الأساسية كان قد تم التوافق عليه في جولات الحوار السابقة. مشيرا الى ضرورة «التزام الدستور الذي ينص على التوافق أولاً قبل اللجوء الى التصويت لحسم الأمور، على أن يعطى لمساعي التوافق الوقت الكافي».

وكان السنيورة قد بدا خلال كلمته التي ألقاها في البرلمان وكأنه سيلفظ العبارة «السحرية» التي ستنهي أزمة المقاطعة المستمرة منذ 12 ديسمبر(كانون الأول) الماضي، لكنه كان يتجنب ذلك بصعوبة واضحة، إذ بدا وكأنه يختار كلماته بدقة بالغة». وبدا للوهلة الأولى أن هناك «سيناريو» مدبرا بعناية بين السنيورة ورئيس البرلمان وحركة «أمل»، نبيه بري، والأمين العام لـ«حزب الله»، الشيخ حسن نصر الله، عندما وقف النائب علي عمار وهو من «حزب الله» ليسأل الحكومة عما ستفعله حيال مقتل راع لبناني في الجنوب على يد القوات الإسرائيلية، قائلاً: «كأن دم الشهيد يقول للجميع إنني لست ميليشيا»، فرد رئيس الحكومة مؤكدا التحرك دوليا ضد ما سماه «اعتداء صارخا على سيادة لبنان»، وقال «نقدر معنى السيادة التي استطاع أن يحققها لبنان، وكان للمقاومة اللبنانية الشرف في ما تحقق، ولم نكن يوما لنسمي المقاومة بغير اسمها، بل هي مقاومة وطنية ولم نستعمل أي عبارة غير عبارة المقاومة الوطنية. نحن يا دولة الرئيس (بري) في الحكومة ملتزمون تمام الالتزام بالبيان الوزاري الذي حصلنا على ثقة المجلس الكريم على أساسه، وملتزمون الفقرة العائدة الى دور المقاومة الوطنية التي يشارك جميع اللبنانيين في تقدير الدور الذي أدته في تحرير الأرض، والتي يثمن دورها اللبنانيون والعرب على ما قامت به، وهو لم يكن ممكنا لولا تضحيات جميع اللبنانيين. انه دور كبير، ونحن لم نسم هذا العمل إلا مقاومة وطنية، لذلك سنعالج هذه الخروق، ونحن ملتزمون الدفاع عن أرض لبنان في كل المحافل الدولية لحماية هذه الأرض».

ولدى مغادرته المجلس، سئل الرئيس السنيورة لماذا لم يقل إن المقاومة ليست ميليشيا؟ فأجاب: «أنا أعتقد أننا عبرنا عن قناعتنا وقناعة اللبنانيين وتقدير العرب للدور الذي تقوم به المقاومة، وبالتالي يجب ألا يوضع موضوع المقاومة في باب ومجال التشكيك، لأننا نطرح المقاومة من الجانب الإيجابي وليس السلبي». وسئل: هل تعتبر أن «حزب الله» سيقبل ويكتفي بهذا الكلام؟ فأجاب: «لا أريد أن أضع أي موقف، وأنا عبرت عن قناعاتي وقناعات الحكومة، وأنا قلتها وأتمنى كل الخير».

وسئل السنيورة عما تردد من أن الولايات المتحدة عرقلت تطور الاتصالات التي حصلت الاثنين الماضي بينه وبين الوزراء المقاطعين فأجاب: «علينا ان نشتغل بأنفسنا من دون السير بالاتهامات، ونتطلع الى الأمور على قاعدة ماذا نريد نحن، لأن الكلام الذي «لا يودي ولا يجيب» لا يعطي نتيجة».

واستأثر كلام السنيورة باهتمام بالغ من قبل الفريق المقاطع حيث نشطت الاتصالات بين قيادتي حركة «أمل» و«حزب الله» لـ«التدقيق في مفاصله» واتخاذ الموقف المناسب. وفيما أكدت مصادر قريبة من السنيورة لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يتشاور مع أحد قبل إلقاء كلمته التي أرادها بادرة حسن نية، قال رئيس كتلة نواب «حزب الله»، محمد رعد، مازحا: إنه (السنيورة) «يحوم حولها ولا يقولها» في إشارة الى عبارة المقاومة ليست ميليشيا. وقال رعد لـ«الشرق الأوسط»: «إنها صيغة متقدمة، والموضوع قيد الدرس بين القيادتين لمعرفة دلالات هذا الكلام وما إذا كان يخدم المطلوب». وأشار ردا على سؤال الى أن كلام السنيورة «لم يكن منسقا مع الحزب»، قائلا: «لقد سمعناه كما سمعه غيرنا».

أما وزير الزراعة طلال الساحلي (أمل) فقد وصف كلام السنيورة بأنه «ايجابي»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «موقف الرئيس السنيورة نعرفه من الأساس، وهو إنسان وطني وقومي ونسجل له إيجابيته الدائمة».