مستقبل السلاح الفلسطيني في لبنان تتجاذبه الأولويات الداخلية والالتزامات الإقليمية

بعد فوز «حماس» في الانتخابات

TT

يعتبر المراقبون للوضع الفلسطيني في لبنان «ان شرعية سلاحه الميليشياوي فقدت «بعد دخول حركة «حماس» الحكم، لتصبح الاولوية لشرعية مؤسساتية سواء في فلسطين او في لبنان، والمناوشات التي حصلت على هذا الصعيد في المرحلة السابقة لن تجد لها امتدادا اذا انصهرت «حماس» في حالة الدولة، لأن دخولها اللعبة السياسية لا يسمح لها بأي عمل «غير مؤسساتي». كما يستبعد المراقبون «اي تمرد» للسلاح الفلسطيني في لبنان على «حماس»، لانها اصبحت رقما الى اليمين في المعادلة، وليس الى اليسار. ولن تسمح لقوى اقليمية باستخدام فصائل صغيرة في غايات قد تضر انخراط «حماس» في حالة الدولة.

«الشرق الاوسط» طرحت مستقبل هذا السلاح الذي يأخذ مكانة اشكالية على الساحة الأمنية اللبنانية، ولدى سؤالها مسؤول حماس في لبنان اسامة حمدان قال «فوز حماس لا شك سيترك انعكاسات كثيرة على المستوى الفلسطيني العام ويتعلق بالواقع الفلسطيني في لبنان. لكن المسألة لن تحدث بين ليلة وضحاها. الامور ستترتب بالتدريج وبشكل تلقائي... ولكن سنحتاج الى الوقت اللازم لاستيفاء ملف بحث السلاح الفلسطيني في لبنان استنادا الى الوقائع». ويشير حمدان الى ان البحث سيتم في اطار العلاقة الفلسطينية ـ اللبنانية الصحيحة التي تضمن حق العودة للشعب الفلسطيني وضمان أمن لبنان وسيادته ومستقبله.

رئيس لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني السفير السابق خليل مكاوي اوضح ان مسألة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات لا تخص حركة «حماس» وإنما «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة» و«فتح الانتفاضة»، مستدركاً: «لكن حماس بعد فوزها وما عرف عنها من جدية ودراية بقضايا تخص الشعب الفلسطيني، لا شك ستنظر بايجابية الى بت مصير السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، ليصار بعد ذلك الى بحثه داخل المخيمات بالاتفاق بين الفصائل الفلسطينية والدولة اللبنانية». ويضيف: «يجب ضبط هذا السلاح وتنظيمه حتى لا يؤثر على الاستقرار في لبنان ولا يشوه القضية الفلسطينية ويحرض عليها الرأي العام».

مدير الخدمات الصحافية في منظمة التحرير الفلسطينية هشام الدبسي يخالف وجهة النظر «المتفائلة» ويقول: «اعتقد ان الخطاب السياسي الذي نسمعه من حماس بعد فوزها سيضع السلاح الفلسطيني في لبنان امام احتمالين: الاول هو معالجة هذا السلاح على سكة المحاور الاقليمية. والثاني هو الانتقال الصافي باتجاه الموقف الرسمي للرئيس الفلسطيني محمود عباس... وسيظهر الامر قريباً عندما يتم افتتاح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، ليتبين وزن حماس ومن معها في صنع القرار المحلي او في صنع القرار المركزي».

أما اسامة حمدان فيقول، ردا على سؤال عن ربط الأمن الفلسطيني بالحقوق الانسانية والسياسية للمخيمات: «انا اعتقد ان هناك تراكمات كثيرة في 40 عاماً من العلاقة بين لبنان والفلسطينيين، ولم تكن هذه العلاقة منتظمة ومنظمة كما يجب، الامر الذي ترك خللاً بحاجة الى ترتيب لازالة التراكمات والاثار السلبية في المرحلة المقبلة». ويذكر حمدان ان «الوجود الفلسطيني في لبنان هو ناتج عن عدوان اسرائيلي، يتحمل تبعاته الاحتلال، وبالتالي ليست هناك ازمة بين جهتين، احداهما فلسطينية والثانية لبنانية، وانما هناك ازمة فلسطينية ـ لبنانية مع هذا الاحتلال».

ويوافق السفير خليل مكاوي على هذا الطرح مستشهداً بحكمة «حماس» منذ فوزها في الانتخابات ومشيرا الى ان «تصريحات المسؤولين فيها تدل على السعي الى تنظيم السلاح داخل الاراضي الفلسطينية، وهذا الامر يصب في خانة ايجابية». ويستبعد مكاوي ان يلعب الملف الاقليمي دوراً في استخدام غرضي لهذا السلاح في لبنان موضحا ان «الشعب الفلسطيني سينظر الى مصلحته الوطنية بغض النظر عن التناقضات الاقليمية، وسيرفض ان يكون ورقة لأي طرف، ليحافظ فقط على حقه السياسي والانساني، مثل حق العودة بموجب القرار 194 والمطالبة باجراءات لتحسين الظروف الانسانية في المخيمات بانتظار الحل الجذري لقضيته».

ويشدد اسامة حمدان على «ان وجوه الوجود الفلسطيني في لبنان ستبحث مع الحكومة اللبنانية ليس على قاعدة مقايضة، فنحن لسنا متخاصمين، وانما على قاعدة المصلحة الوطنية المتبادلة بين الطرفين الشقيقين «كما يشير الى ان حماس «طرحت موقفاً واضحاً وهو تأييد تشكيل وفد فلسطيني يعبر عن جميع الفصائل ويحاور الحكومة اللبنانية بلغة واحدة. هذا ما سعينا اليه في الفترة الماضية. وهذا ما نأمل تحقيقه في المرحلة المقبلة». السفير مكاوي يشارك حمدان في «ان يكون الوفد الفلسطيني للحوار موحداً، وان شاء الله ستعمد حماس الى توحيد الكلمة الفلسطينية في الداخل والخارج. وبانتظار ذلك الحوار بيننا وبينهم مستمر لا عوائق تعتريه بغض النظر عن وجود وفد موحد. نحن نسير في معالجة كافة القضايا التي تخص الشعب الفلسطيني، ليس لانها مطلب في ورقة العمل فقط وانما عن قناعة لبنانية بأن لهذا الشعب حقوقاً علينا لا بد من الوفاء بها».

وجهة نظر هشام الدبسي تميل ايضاً الى تحليل «متشائم» بشأن الحوار المرتقب بين الطرفين اللبناني والفلسطيني، ويبررها فيقول: » حتى اللحظة يعطي مسؤولو «حماس» اشارات تطمينية الى لبنان، تنسجم بدرجة كبيرة مع الرئاسة الفلسطينية. لكن هذه الاشارات لا تكفي حتى نرى التطبيق». وتوقع ان تعمد حماس في مسألة السلاح الفلسطيني في لبنان الى اللعب على التوازن بين الالتزامات الفلسطينية والالتزامات الاقليمية. «وانا اميل في لبنان تحديدا الى القول ان السلاح الفلسطيني يخضع لصراع حاد حول من يمتلك الاوراق الفلسطينية؟ وقد تقع حماس في مأزق بين النظام الاساسي والنظام التشريعي عندما تطرح بيانها الوزاري».

ويخشى الدبسي من «تمرد بعض السلاح الفلسطيني على حماس لأنها متحالفة معه وليست مرجعيته، واذا كان لا بد من ضرورة للافتراق سيعود كل سلاح للفصائل الفلسطينية الى مرجعيته».