مبارك: حرية التعبير لا ينبغي أن تكون ذريعة للنيل من الأديان

رجل أعمال مصري: الدنمارك كانت من أوائل الدول الأوروبية تفهما لقضايا العرب والمسلمين

TT

تفاعلت أمس قضية الرسوم الكاريكاتورية المسيئة الى نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم أمس. وقال الرئيس المصري حسني مبارك إن حرية الرأي والتعبير والصحافة التي نكفلها ونحترمها لا ينبغي أن تكون ذريعة للنيل من المقدسات والمعتقدات والأديان. وأكد مبارك في تصريح نقلته عنه وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية أن التمادي في هذه الحملة إنما ينزلق لمنطقة خطرة وسوف تكون له عواقبه الوخيمة في إثارة مشاعر العالم الإسلامي والجاليات الإسلامية في أوروبا وخارجها. كما أن التعامل غير المحسوب مع تداعيات هذه الحملة سوف يوفر المزيد من الذرائع لقوى التطرف والإرهاب. وأبدى مبارك احترامه وتقديره لما صرح به الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون أول من أمس من إدانته للمشاعر المعادية للمسلمين، وتحذيره من أن يحل التعصب ضد الإسلام محل معاداة السامية. وبعد أن نشرت هذه الرسومات بالدنمارك في سبتمبر (ايلول) الماضي، اتسع نطاق نشرها أمس في صحف ووسائل اعلام أوروبية. وأعادت نشرها صحيفة أردنية مستقلة امس. كما عرضت هيئة الاذاعة والتلفزيون البريطانية (بي.بي.سي) أمس الرسوم، وقالت ان ذلك لمساعدة المشاهدين على فهم «المشاعر القوية» وراء الأحداث المتعلقة بنشرها. وفي الوقت الذي انضمت فيه صحيفة «لوموند» الفرنسية النافذة أمس الى مجموعة المنشورات المتضامنة مع صحيفة «يلاندس بوستن» الدنماركية، قال محرر الصحيفة الدنماركية امس انه لو كان يعلم ان نشر الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد التي اثارت غضبا واسعا لدى المسلمين، ستضع العالم الاسلامي بأكمله في مواجهة مع بلاده لما نشرها.

وقد طلب رئيس الوزراء الليبرالي اندرس فوغ راسموسن من جميع الدبلوماسيين الدنماركيين خوض حملة واسعة «لتبديد سوء التفاهم» القائم حاليا.

وكانت شرطة كوبنهاغن قد قالت اول من امس انها تستعد لاحتمال قيام مظاهرات معادية للمسلمين في العاصمة الدنماركية غدا.

وفي باريس، استدعت الخارجية الفرنسية السفراء العرب لاجتماع مع كبار الموظفين في الوزارة حيث شرحت لهم إشكال نشر الرسومات، ودعت الى العمل على التهدئة. وكان مالك صحيفة «فرانس سوار» رجل الاعمال الفرنسي المصري رامي لكح قد أقال رئيس الصحيفة ومديرها جاك لوفران على اثر اعادة النشر اول من امس. وصرح وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي بأن بلاده لا يمكنها المساس بحرية الصحافة، لكنه دعا الى ممارسة هذه الحرية «بعقلية تقبل الآخر».

وقال الوزير الفرنسي ردا على سؤال حول اعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية في صحيفة «فرانس سوار» ان «الرسوم الكاريكاتورية الصادرة أول من امس في هذه الصحيفة تتحمل مسؤوليتها الصحيفة وحدها».

وتابع ان «مبدأ حرية الصحافة الذي تدافع عنه السلطات الفرنسية في كل انحاء العالم لا يمكن المساس به لكنه ينبغي ممارسته بذهنية تقبل الآخر وباحترام المعتقدات والديانات الذي يشكل اساس مبدأ العلمانية المعتمد في بلادنا».

من جانبه قال رجل أعمال مصري، وثيق الصلة بالعائلة المالكة في الدنمارك، إن حملة المقاطعة العربية والإسلامية ضد الدنمارك مبالغ فيها، وإنها يجب أن تتجه إلى شرح صورة الإسلام في الغرب بدلا من مقاطعة هذه الدولة، التي قال إنها لم تكن يوما ما معادية للعرب والمسلمين.

وقال عنان الجلالي، رئيس مجموعة شركة هلنان العالمية للفنادق، التي تمتلك مجموعة فنادق وقرى سياحية في مصر والدنمارك لـ«الشرق الأوسط»، إنه في الوقت الذي يستنكر فيه محاولة التطاول على مقام الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، فانه كمسلم مطالب بوضع الأمور في نصابها وعدم الاندفاع وراء حملة ستضر بالعلاقات العربية مع الدنمارك أكثر مما تفيدها.

وأوضح الجلالي، الذي يعد أول أجنبي تمنحه الدنمارك لقب فارس، في اتصال هاتفي من العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، أن حرية الصحافة يجب أن تكون حرية مسؤولة ولا تمس المقدسات والعقيدة، مشيرا إلى أن اعتذار الصحيفة الدنماركية يجب أن يكون كافيا لوقف حملة المقاطعة الإعلامية والتجارية ضد شعب دولة عرفت بمواقفها الصديقة للعرب.

وأشار إلى أن الدنمارك كانت من أوائل الدول الأوروبية تفهما لقضايا العرب والمسلمين، وأنها تلتزم الحياد في الصراع العربي الإسرائيلي، وقدمت في السابق مساعدات إنسانية مهمة لدول عربية وإسلامية كجزء من اهتمامها بقضايا الدول الأقل اقتصاديا. واعتبر أن الدنمارك على مدى تاريخها كانت صديقة للعرب والمسلمين، وأن ما حدث لا يعدو كونه خطأ ارتكبته إحدى صحفها ويجب ألا ينسحب على الشعب أو الحكومة.

وقال الجلالي لـ«الشرق الأوسط»، إنه يسعى مع شخصيات عربية ودنماركية إلى عقد لقاء قمة يضم ممثلي الأديان، لتأكيد رفض التطاول على المقدسات الإسلامية، والمطالبة بوضع ميثاق شرف يمنع أيا كان من الإساءة إلى الرسول واحترام مشاعر المسلمين.