احتفالات عاشوراء تجري تحت إجراءات أمنية مشددة وسط مخاوف من هجمات وتسميم المياه

8 آلاف عنصر أمن ضاعفوا عمليات المراقبة والتفتيش في فنادق كربلاء

TT

بغداد ـ كربلاء ـ الوكالات: أحيا نحو مليوني شيعي من العراق وايران وباكستان ودول اخرى ذكرى عاشوراء امس في مدينة كربلاء وسط اجراءات أمنية مشددة. وضاعف حوالي ثمانية آلاف من رجال الأمن عمليات المراقبة والتفتيش في فنادق المدينة التي تبعد 110 كيلومترات جنوب بغداد وتدفق عليها آلاف الزوار.

وقرب مسجد الامام الحسين قامت مجموعات من الشرطة بتفتيش دقيق للزوار. وقد اقيمت خيام مخصصة لتفتيش النساء في نقاط المراقبة. وكانت الشرطة اعلنت انها تخشى وقوع اعتداءات خلال عاشوراء التي يحيي فيها الشيعة ذكرى مقتل الامام الحسين بن علي واصحابه في القرن السابع في معركة كربلاء. وقال الجيش الأميركي هذا الاسبوع ان قوات عراقية خاصة أحبطت خطة لمهاجمة الزائرين بعد أن شنت هجوما جويا على معسكر لتدريب المقاتلين في قرية قرب سلمان باك الى الجنوب من بغداد واحتجزت 26 مشتبها.

وتمركزت أعداد كبيرة من الشرطة حول محطات معالجة المياه في كربلاء تحسبا لاحتمال لجوء المسلحين الى أساليب أخرى غير التفجيرات الانتحارية لإيقاع عدد كبير من الضحايا. وقال الشرطي علي أمين «نحن نؤمن هذه المنشآت حتى لا يسممها الارهابيون». وتعرضت المدينة لعدة اعتداءات انتحارية احدها بسيارة مفخخة اسفر عن سقوط 14 قتيلا في 19 ديسمبر (كانون الاول) الماضي وفي مارس (اذار) 2004 عندما اسفرت اعتداءات ضد الشيعة في كربلاء وبغداد عن سقوط اكثر من 170 قتيلا. وقال سيف محمد علي، 35 عاما، الذي قدم من بغداد مع زوجته واثنين من اطفاله سيرا على الاقدم ان «احياء هذه الذكرى من اهم الطقوس التي نمارسها نحن الشيعة». واضاف سيف الذي يرتدي الملابس السوداء ويمسك بيد احد ابنائه «اننا على استعداد للتضحية بارواحنا وتحدي كل الارهابيين الذين يريدون ايقافنا من اداء هذه المراسم». واوضح ان «اشتداد العمل الارهابي يزيد التصميم والعزم فينا»، موضحا انه «لفرح عظيم للانسان ان يقتل في مثل هذه المناسبة العظيمة وفي مثل هذا المكان المقدس». من جهتها، قالت زوجته سهير ايوب، 30 عاما، انه «على الرغم من الخطر في الطريق وضعنا الحسين نصب اعيننا وتوكلنا على الله والحمد لله وصلنا سالمين». واثنت على الاجراءات الأمنية التي اتخذتها قوات الأمن العراقية. وقالت «من الصعب التصديق ان ياتي يوم تكون فيه القوات الأمنية سلاحا للدفاع عنك وليس لاعتقالك وقمعك». وكان نظام صدام حسين منع ممارسة الشعائر الدينية الشيعية منذ توليه السلطة في 1979 واستمر هذا الحظر حتى سقوط نظامه في 2003. واضافت العائلة التي بدا عليها التعب والاجهاد من الطريق واتخذت من الشارع الواقع بين الحرمين مكانا لاقامتها ليل الاربعاء الخميس ان «هذا نصر على الارهاب وتحقيق غاية يحلم ان يحققها كل الشيعة في العالم». وحمل ابناهما محمد، سبعة اعوام، ومصطفى، ثمانية اعوام، رايات صغيرة خضراء اللون ويرتديان ملابس سوداء. وقد لطخا وجهيهما بالتراب تعبيرا عن الحزن على مقتل الحسين.

وفي مكان قريب من العائلة اصطف عدد من الاولاد امام خيمة منصوبة بالقرب من ضريح الامام الحسين امام حلاق لحلق رؤوسهم استعدادا لشعائر التطبير، اي الضرب على الرؤوس بالسيوف. ويرتدي الذين يقوم بالتطبير عادة لباسا ابيض يدعى الكفن. وقال الشاب محمد رياض من اهالي كربلاء وهو يحلق راسه ان «هذه هي السنة الثانية التي اقوم فيها بالتطبير فقد مارست هذه الطقوس للمرة الاولى العام الماضي ولم اشعر بالالم على الرغم من كثرة الدماء التي سالت من رأسي».

وقدم سكان كربلاء للزائرين وجبة البرياني في أوان كبيرة منتشرة في جميع أنحاء المدينة. والبرياني يتكون من الارز وقطع اللحم والبطاطس والشعرية واللوز والفستق والمكسرات ويطهى الجميع في قدر واحد لكن على مراحل. وحمل بعض الزائرين أعلاما عراقية كبيرة مطالبين بالوحدة الوطنية وانهاء النزعة الطائفية التي تمزق العراق.

وفي بغداد أغلقت الشرطة الطرق الرئيسية في حي الكاظمية وهو مكان اخر يتدفق عليه الزائرون خلال عاشوراء. وبدا وكأن الالاف من الزائرين مسحورون في الوقت الذي كان يسرد فيه راو عبر مكبر للصوت قصة مقتل الحسين.