مطلوب ثان للمباحث الأميركية من خلية «لاكوانا» بين الفارين في اليمن

سفن أميركية تبحر قبالة اليمن لمنع هروب سجناء «القاعدة»

TT

قال مكتب المباحث الاميركية إن إرهابيا آخر من المطلوبين للولايات المتحدة هو من بين السجناء الذين تمكنوا من الفرار من سجن في اليمن الأسبوع الماضي.

وعرفت الوكالة السجين الهارب باسم جابر البنا، الأميركي الجنسية، العضو في «خلية لاكوانا» ومطلوب بتهمة تقديم الدعم لعناصر إرهابية.

وقال مكتب التحقيقات الفيدرالية إن البنا من بين مجموعة تضم 23 سجيناً تمكنت من الإفلات من قبضة السلطات اليمنية والهروب عبر نفق من السجن إلى مسجد مجاور.

ومن جهة اخرى قالت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» في بيان امس ان قطعات تابعة للبحرية الأميركية تبحر في المياه الدولية قبالة السواحل اليمنية تحسبا لمحاولة فرار أعضاء من «القاعدة» فروا من سجن يمني عن طريق البحر.

وقالت وزارة الدفاع في بيان من العاصمة البحرينية المنامة ان بين 23 سجينا فروا عبر نفق في الاسبوع الماضي جمال بدوي العقل المدبر للهجوم على المدمرة الأميركية كول في عام 2000 الذي راح ضحيته 17 بحارا أميركيا. والسفن البحرية جزء من فريق مهام مشتركة تسير دوريات روتينية في المنطقة.

واضاف البيان ان السفن التابعة للفريق: «تراقب المياه الدولية بطول الحدود اليمنية في محاولة لاعتراض طرق الهروب البحرية المحتملة أو الامساك بمن يشتبه في انهم ارهابيون اذا حاولوا الفرار». ومن جهته صرح ريتشارد كولكو المتحدث باسم المباحث الاميركية أن البنا «يعد من الخطرين ويمثل تهديداً على الولايات المتحدة ومصالحها، ويعمل مكتب التحقيقات الفيدرالية مع شركائه المحليين والدوليين لتحديد مكانه واعتقاله». ورصدت الولايات المتحدة جائزة قدرها 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود للبنا، 39 عاماً، والذي تشتبه واشنطن في تلقيه، وستة من عناصر خلية بلاكاوانا، تدريبات في معسكرات «القاعدة» بأفغانستان.

وفي مايو (ايار) عام 2003 اتهم مدعون أميركيون البنا بالتآمر مع ستة رجال اخرين أميركيين يتحدرون من أصل يمني اعترفوا بأنهم تدربوا في ابريل نيسان عام 2001 في معسكر بافغانستان يديره تنظيم «القاعدة» بزعامة أسامة بن لادن. واطلق على الخلية اسم «لاكاوانا 6»على اسم بلدتهم التي نشأوا فيها في نيويورك. واتهم البنا، 39 عاما، بتقديم دعم مادي الى منظمة ارهابية والتامر لتقديم مثل هذا الدعم الى «القاعدة».

وقال المسؤول ان «البنا لم يعد قط الى الولايات المتحدة بعد تدربه في افغانستان. ولا يعرف مكانه حاليا لكن اليمن بدأ حملة بحث واسعة عن مجموعة السجناء الثلاثة والعشرين ومنهم على الاقل 13 عضوا مدانا من اعضاء «القاعدة» الذين هربوا عبر نفق من السجن في العاصمة صنعاء. واصدرت الشرطة الدولية الانتربول مذكرة أمنية عالمية يوم الاحد تصف النشطاء الهاربين بانهم»خطر على كل الدول».

وكانت السلطات اليمنية قد أعلنت في وقت سابق أن العقل المدبر لعملية الهجوم على المدمرة الأميركية كول في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000، جمال أحمد بدوي، من بين الفارين الـ23.

وأنزلت محكمة يمنية في سبتمبر أيلول عام 2004 عقوبة الإعدام على بدوي بتهمة التخطيط للهجوم الذي أودى بحياة 17 بحاراً أميركياً وإصابة 39 بجراح، إلا أنها خفضت الحكم لاحقاً. وكان قد صدر حكم عليه بالاعدام ولكن الحكم خفف الى السجن 15 عاما. وبين الهاربين أيضا فواز الربيعي الذي صدر عليه حكم بالاعدام بوصفه زعيم المجموعة التي هاجمت ناقلة النفط الفرنسية ليمبورج بعد ذلك بعامين.

وقالت مصادر مطلعة أن المحققين يشتبهون في إمكانية تورط بعض عناصر الأمن اليمني في عملية الهروب، وأن السلطات اليمنية اعتقلت بعض العاملين في السجن.

وعلى صعيد متصل يرى مسؤولون أميركيون وأوروبيون أن هروب عناصر من تنظيم «القاعدة» من سجن يمني يحمل بصمات متواطيء من السلطات ويثير أسئلة بشأن مدى كفاءة اليمن وهو شريك رئيسي في الحرب على الارهاب.

ولم يكن بين السجناء الهاربين وعددهم 23 مدبرو هجمات على مدمرة أميركية وناقلة بترول فرنسية فحسب بل كان بينهم كما اتضح بعد عدة ايام مواطن أميركي من أصل يمني رصدت مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار مقابل رأسه. وهرب السجناء عن طريق نفق طوله 140 مترا يمر تحت سجنهم الى مسجد قريب. ونقلت الصحف اليمنية أن النزلاء دأبوا على الصياح داخل السجن للتمويه على عمليات حفر النفق والتي لحظها بعض القائمين على المسجد المجاور إلا أنهم تجاهلوا الأمر.

وزاد الانزعاج الأميركي بعد الانتهاك الأمني الخطير بسبب حقيقة أن رد فعل اليمن اتسم بالبطء وأن تعاونه مع الشرطة الدولية «الانتربول» لم يكن بشكل كامل رغم تصريحاته بعكس ذلك.

ولا يزال الهاربون طلقاء بعد مرور أسبوع على هروبهم. ووزعت الشرطة الدولية تحذيرات بشأنهم يوم الثلاثاء الماضي لكنها قالت انها لا تستطيع اصدار أعلى المذكرات الأمنية درجة بخصوص المطلوبين الدوليين لانها لا تزال تنتظر من اليمن ارسال بصمات الرجال ومذكرات اعتقالهم.

وقال مسؤول أوروبي في مجال مكافحة الارهاب ان رد الفعل اليمني «المحدود» لم يساهم الا في تعزيز الانطباع بأن عملية الهروب تمت على الاقل بمساعدة من اشخاص.

وقال «من المستحيل أن تكون «العملية» تمت دون ضلوع حراس السجن أو ادارته. انها عملية كبيرة للغاية ومخطط لها بعناية... لا بد أن يكون هناك بعض المشاركة من.. لنقل.. عناصر رسمية في اليمن».

ووصف السناتور الأميركي الديمقراطي كارل ليفن من لجنة الخدمات العسكرية الحادث بأنه «مروع بكل ما في الكلمة من معنى» وشكك أيضا فيما اذا كانت حكومة اليمن ضالعة في الامر.

وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر أرسلت الولايات المتحدة مستشارين عسكريين الى اليمن في عام 2002 لتدريب قوات الحكومة على اقتفاء اثار فلول تنظيم «القاعدة».

وأطلقت طائرة بدون طيار بتوجيه من وكالة المخابرات المركزية الأميركية صاروخا أسفر عن مقتل ستة يشتبه في انتمائهم للقاعدة في اليمن في نوفمبر (تشرين الثاني) من 2002. وكان بين القتلى شخص يشتبه في انه من الضالعين في تفجير المدمرة كول.

وفي عهد الرئيس علي عبد الله صالح حاول اليمن تغيير صورته السابقة بأنه مأوى للمتشددين. لكن مسؤولين أميركيين وأوروبيين يقولون ان سجل اليمن متضارب.

ويرى هؤلاء المسؤولون أنه في بلد فقير مجتمعه عشائري ونسبة البطالة والامية فيه مرتفعة فان صالح يواجه صعوبات في فرض سلطاته كاملة.

وقال مسؤول أميركي في مجال مكافحة الارهاب ان تعاون اليمن «مثل سعر السهم يصعد حينا ويهبط حينا آخر... نعم لدينا بعض النفوذ والاموال والمساعدات.. لكن في النهاية يتعين على الرئيس أن يتعامل مع القضايا المحلية الملحة أيضا». وقال مسؤول أميركي ثان ان «الحكومة تبذل ما في وسعها لكن النتائج ليست متسقة».

لكن على الصعيد الايجابي أشار المسؤول الى عدد من القضايا التي حاكم فيها اليمن مهندسي الهجمات على المدمرة كول والناقلة ليمبورج الى جانب مشتبه فيهم في اطلاق النار على ثلاثة أميركيين في عام 2002 والتخطيط لاغتيال السفير الأميركي في عام 2004.

بيد أن المخاوف الأميركية تشمل أيضا اطلاق سراح بعض السجناء من المتشددين الذين تعتبر الحكومة أنه أعيد تأهيلهم. وتعتبر واشنطن ذلك قصورا من اليمن في مكافحة تمويل الارهاب.

وقال مسؤول اوروبي في مجال مكافحة الارهاب ان مخاوفه لا تقتصر على حادثة الهروب. ونفذ رجال قبائل يمنيون أربع عمليات خطف لغربيين في غضون شهرين في أواخر العام الماضي رغم اطلاق سراح الرهائن في نهاية المطاف.

وأضاف في الاونة الاخيرة. في الاشهر الثلاثة الى الخمسة الاخيرة حسب علمي يبدو أن الوضع الأمني يتدهور في مجالي الخطف والجريمة وربما مكافحة الارهاب.

وعلى صعيد متصل أعرب وزير الدفاع الأميركي، دونالد رامسفيلد اول من امس عن مخاوفه من هروب العناصر الإرهابية التابعة «للقاعدة».

وقال رامسفيلد في تصريحات للصحافيين «هذه مشكلة حقيقية، لقد كانوا متورطين في أنشطة تابعة للقاعدة، وعلى صلة مباشرة بتنفيذ الهجوم على المدمرة الأميركية كول».