أحمدي نجاد: قد ننسحب من معاهدة الانتشار النووي.. ودول تقبل أيادينا لنتعامل معها

أحيا الذكرى الـ27 للثورة الإيرانية بالتصعيد واستخف بالآثار الاقتصادية إذا فرضت عقوبات على طهران

TT

حذر الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، من أن بلاده قد تنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي في حال اتخاذ أية إجراءات صارمة ضدها، خلال اجتماع مجلس الامن الدولي في مارس (اذار) المقبل. وقال أحمدي نجاد، في خطاب ألقاه في احتفال أقيم بمناسبة ذكرى مرور 27 عاما على قيام الثورة الايرانية، ان «سياسة إيران حتى الان تقوم على تطوير التكنولوجيا النووية، في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي، والوكالة الدولية للطاقة الذرية.. ولكن في حالة ما إذا واصلتم (الغرب) جهودكم لحرمان الشعب الايراني من حقوقه النووية، فإننا سنعيد النظر في هذه السياسة». لكن وزير الخارجية الايراني متقي منوشهر خفف فورا من حدة تهديدات احمدي نجاد، حيث قال لوكالة أنباء الطلبة الايرانية (إسنا)، إنه على الرغم من أن بلاده علقت العمل بالبروتوكول الاضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي، إلا أن برامجها النووية السلمية ما زالت في إطار القواعد التي تنص عليها المعاهدة. وأضاف أن بلاده ستواصل المشاورات مع بلدان أخرى، بشرط إقرارها بحق إيران في امتلاك تكنولوجية نووية للاغراض السلمية.

وقال أحمدي نجاد في خطابه «إن الامر الذي يثير العجب أكثر من غيره، أن دولا لم توقع حتى على معاهدة حظر الانتشار النووي تعارض البرنامج النووي الايراني. إن الامر يبدو كما لو أن هذه البلدان (التي لا تحترم المعاهدة) لها حقوق أكبر من تلك التي تحترمها». واتهم الرئيس الايراني «الدول الامبريالية» بتقويض شرعية الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومعاهدة حظر الانتشار النووي ليس لهدف إلا حرمان بلدان، مثل إيران من التقدم العلمي.

وأكد الرئيس الايراني أنه لن تكون هناك أية فاعلية لاية عقوبات تفرض على إيران، وتابع «ان الصادرات الغربية لايران تتضمن في الاساس سلعا استهلاكية توجد لها منافسة على الساحة الدولية. والعديد من الدول الاخرى غير الغربية ستقبل أيادينا لنشتري هذه السلع منها».

وشدد احمدي نجاد على ان بلاده لن تتراجع عن برنامجها النووي. موضحا ان «سياسة الجمهورية الايرانية هي متابعة جهودها النووية». وابدى الحشد تأييده لتصريحات احمدي نجاد هاتفا «التكنولوجيا النووية حق لا تنازل عنه». غير ان أحمدي نجاد قال، ان ايران اذا انسحبت من معاهدة الحد من الانتشار النووي، فلن تنسحب من المعاهدة بشكل مفاجئ، كما فعلت كوريا الشمالية. وقال «نود ان نظل متحلين بالصبر، لذا لا تجعلوا صبرنا ينفد». وتعقد روسيا وايران مباحثات الاسبوع المقبل للنظر في امكانية تحقيق تقدم فيما يتعلق باقتراح روسي يقضي بان تقوم موسكو بتخصيب اليورانيوم لطهران، ومن ثم تهدئة المخاوف من احتمال تحويل الوقود النووي للاستخدام في تصنيع اسلحة.

لكن احمدي نجاد اشار الى ان مثل هذه الاقتراحات ليست قابلة للنجاح. وقال «تطلبون منا الا ننتج وقودنا النووي وانكم ستنتجونه في مكان اخر، ثم تعطونه لنا.. أتعتقدون حقا اننا نصدقكم». وأضاف «لقد حرمتم بلادنا من قطع غيار طائرات الركاب لمدة وصلت الى 27 عاما. ماذا يضمن لنا انكم ستوفرون وقودنا النووي غدا». وتبنى الرئيس الايراني موقفا متحديا ايضا في وجه عقوبات اقتصادية قد يفرضها مجلس الامن على ايران. وأضاف «لن يبيعوا لنا شيئا. حسنا لا تبيعوا. الشبان هنا اكتسبوا علما في ما يتعلق بتكنولوجيا الطاقة النووية والخلايا الجذعية من دون اية موارد. لذا فمن المؤكد انهم سيتمكنون من توفير احتياجاتهم اليومية». وطالب الرئيس الايراني مواطنيه بإظهار «روح التضحية» من أجل مقاومة الضغوط الغربية. وقال «أنا واثق من أن الشعب الايراني لن يستسلم للحرب النفسية والتهديدات التي يطلقها الغرب وسيواصل طريقه ليصل إلى ذروة النصر». كما أعلن احمدي نجاد أن الفلسطينيين وشعوبا أخرى، سيزيلون إسرائيل من المنطقة في نهاية المطاف، وقال أحمدي نجاد: «لقد طلبنا من الغرب أن يزيل ما زرعه قبل 60 عاما، ولو لم ينصت إلى توصياتنا بهذا الصدد، فسيقوم الشعب الفلسطيني وشعوب أخرى بالقيام بذلك في نهاية المطاف».

ووصف الرئيس الايراني مجددا المحرقة النازية (الهولوكوست)، بأنها «خرافة»، كما قال إن الاوروبيين باتوا أسرى «الصهيونية» في إسرائيل. وأنحى أحمدي نجاد باللائمة على الاوروبيين في عدم السماح «للعلماء المحايدين بإجراء بحوثهم وتحقيقاتهم، بهدف إعداد تقرير علمي عن الحقيقة بشأن خرافة الهولوكوست». وقال الرئيس الايراني: «كيف يتأتى أن تكون الاساءة للنبي محمد في مختلف أنحاء العالم مبررة في إطار حرية الصحافة، ولا ينطبق ذلك على إجراء تحقيق حول حقيقة خرافة الهولوكوست». وأضاف بقوله «الهولوكوست الحقيقي هو ما يحدث في فلسطين، حيث يتخذ الصهاينة من خرافة الهولوكوست مصدر نفع لهم، بوصفها مصدر ابتزاز وتبريرا لقتل الاطفال والنساء وتشريد الابرياء». وكان الرئيس الايراني قد وصف المحرقة اليهودية في منتصف ديسمبر (كانون الاول) بانها «خرافة»، بعدما دعا الى «ازالة اسرائيل عن الخريطة». مما ادى الى ردود فعل دولية غاضبة، وما يشبه الحصار الاقتصادي على الرئيس الايراني. من جهة اخرى، تجمع حشد كبير ضم مئات الآلاف من الايرانيين امس في ساحة ازادي (حرية)، للاحتفال بالذكرى السابعة والعشرين للثورة الايرانية 1979، والمطالبة بـ«حق ايران في انتاج الطاقة النووية».

وقال مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، ان الساحة غصت بالحشود، فيما كانت اعداد من الايرانيين لا تزال تتدفق اليها. وذكر التلفزيون الايراني ان عدد الاشخاص الذين تجمعوا في الساحة يبلغ ملايين الاشخاص. لكن مصادر اخرى قدرت العدد بمئات الاف. وقالت مهشيد شاهسواري، 48 عاما، وهي موظفة في شركة اتصالات: «اتيت الى هنا لادافع عن حق بلادي في الحرية والاستقلال». وجاء العديد من الاشخاص مع عائلاتهم، مثل منصورة شيخ، 54 عاما، التي أتت مع ابنتيها «لكي تتعلما مبادئ الثورة»، كما قالت. وقال حسن صمدي الطالب البالغ من العمر 18 عاما، ان هذه المبادئ هي «الاستقلال والحرية والحصول على حقوقنا». وفي جو احتفالي ووسط احوال جوية جيدة تم ترديد الهتافات التقليدية «الموت لاميركا» او الشعار الاحدث منها «الطاقة النووية حقنا الثابت».

وتضم المظاهرة المساندين التقليديين للنظام الايراني وموظفي المؤسسات التابعة للدولة ومؤيدين جددا وغيرهم، من بينهم دانيال فاجور، وهو مهندس معلوماتية يبلغ من العمر 25 عاما، الذي يبدو مختلفا عن بقية المتظاهرين بلباسه الغربي ونظارته الشمسية، والذي قال «لقد ولى زمن الثورة ولا يمكننا العودة اليه، لكن الولايات المتحدة تحاول دائما قهر دول اخرى وتريد الانتقاص من حقوقنا».

اما ميسم بازرغان، 20 عاما، وهو طالب وابن دبلوماسي ترعرع في سويسرا، ويشارك للمرة الاولى في المظاهرة، فاعتبر انه «في حال تمت ممارسة ضغوط كبيرة على ايران، سيتحد الشعب لمقاومة ذلك». وتتعرض ايران لضغوط من قبل الدول الغربية، التي تخشى ان يخفي برنامجها النووي المدني جانبا عسكريا، تسعى من خلاله الى صنع القنبلة الذرية. وقد لوحت الولايات المتحدة بفرض عقوبات دولية في حال لم تعلق ايران النشاطات الحساسة في هذا البرنامج. ويرى دانيال فاجور، ان التهديد بالعقوبات «حقيقي بالفعل»، مبديا تأييده لامتلاك ايران الطاقة النووية.

اذا كانت البلاد بحاجة اليها، وليس للقنبلة النووية. وشارك في المظاهرة ايضا ثوريون قدامى، مثل باري اسماعيلي الممرضة المتقاعدة، البالغة من العمر 75 عاما التي وضعت حجابا فقط على خلاف غالبية النساء اللواتي ارتدين التشادور الاسود، والتي قالت: «اشارك في المسيرة كل سنة منذ 27 عاما»، وتصف نفسها بانها ممثلة الجيل الاول للنساء المتعلمات في ايران. وحمل البعض صور آية الله الخميني واخرون مجسمات تمثل الرئيس الاميركي جورج بوش. وحسب عدة مراقبين للمسيرة، لا سيما رجال الشرطة، فان عدد المشاركين هذه السنة كان اكبر من العدد الذي سجل في السنوات الماضية. ودعا المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي، اعلى سلطة في الدولة، الثلاثاء الشعب الى المشاركة بكثافة في ذكرى الثورة. وقال خامنئي انذاك، انه في هذا الموعد «سيعبر الايرانيون للعالم عما يريدونه».