النجاحات في ضبط الحدود العراقية ـ السورية تقطع أرزاق سكان قرى المنطقة

تراجع عمليات التهريب أدى لانتشار مظاهر الفقر

TT

يعتمد سكان قرية أم الكباري على تهريب البضائع الى سورية عبر الحدود، إلا ان التطورات التي ظلت تشهدها المنطقة في الآونة الأخيرة حدت من نشاطهم وأثرت سلبا على النشاط الرئيسي الذي يعتمدون عليه كمصدر أساسي للدخل.

فالأمهات يشتكين من ان الأطفال اصحبوا حفاة وبات الحساء غذاءهم الوحيد. اما الرجال فقد اصبحوا بلا عمل ويقضون معظم ساعات اليوم في لعبة المربعات والتذمر من المروحيات الاميركية التي تجوب سماء المنطقة ليلا ونشاط القوات العسكرية الذي اثر سلبا على مصدر رزقهم. ويقول محمود احمد، الذي يقر وغالبية سكان القرية انهم يعملون مهربين، انهم يمكن ان يراوغوا ويتجنبوا أي شيء في نشاطهم التهريبي ما عدا طائرات الهليكوبتر. ومع تراجع وتقلص نشاط التهريب لم يعد بوسع المهربين في هذه القرية، التي يقدر عدد سكانها بحوالي 400 شخص، إطعام مئات الحمير التي يستخدمونها في تهريب حاويات البنزين سعة 30 جالون وصناديق السجاير وبضائع اخرى الى داخل الاراضي السورية عبر الحدود. ويقول مسؤولون عراقيون وأميركيون وسكان في المنطقة ان الركود الواضح في نشاط التهريب في هذه المنطقة وتراجع الدخل الذي تعتمد عليه غالبية سكان هذه القرية كمصدر للزرق يعتبر مؤشرا على النشاط المتزايد للقوات العراقية والاميركية خلال الأشهر الأخيرة ونجاحها في الحد من الحركة غير القانونية عبر الحدود بين العراق وسورية. وكان القادة العسكريون الاميركيون قد اعلنوا عن خطة تهدف الى سيطرة افضل على حدود العراق بغرض وقف تدفق المقاتلين الأجانب والأسلحة والأموال لدعم التمرد المسلح داخل العراق. وأرسلت الى المنطقة الحدودية مع سورية قوات عسكرية اميركية وعراقية تقدر بعدة آلاف لدعم قوات حرس الحدود العراقية. وشيدت في المنطقة العشرات من نقاط العبور وجرى تزويدها بوحدات إضافية، كما ان هناك خطة لإقامة سياج فاصل بين حدود الدولتين خلال العام المقبل. ويقول الليفتنانت كولونيل غريغوري رايلي، الذي يقود سرية مشاة اميركية تراقب منطقة حدودية مع سورية بطول 115 ميلا من نهر دجلة حتى الفرات، ان الحدود العراقية ـ السورية اكثر من مجرد خط على الرمال يفصل بين البلدين وانها لم تعد حدودا مفتوحة مؤكدا ان عبورها اصبح مسألة غاية في الصعوبة. وعلى العكس من اتهامات واشنطن بضعف سيطرتها على الحدود، قال الليفتنانت كولونيل رايلي ان شرطة الحدود السورية تعمل جاهدة على إحكام سيطرتها على الحدود ، مؤكدا انها اكثر عنفا وتشددا وتطلق النار على كل من يحاول العبور متسللا. وقال ضباط عراقيون ان القوات السورية اطلقت النار في الآونة الاخيرة على واحد من أفراد حرس الحدود العراقيين، ما تسبب في اندلاع مناوشات بين الجانبين.

ويؤكد قادة عسكريون ان قوات حرس الحدود العراقية شددت من الاجراءات في نقاط العبور. ففي بلدة ربيعة جرى تشييد محطة للجمارك العراقية، علما بان هذا المعبر العراقي كان يعج بالفوضى قبل بضعة شهور، إذ لم يكن هناك تمييز بين الحركة في نقطة العبور هذه من سورية باتجاه العراق والعكس. ويقول العقيد فاضل شعبان عباس، مدير شرطة الجمارك العراقي في ربيعة، ان الحراس العراقيين الذين كانوا يعملون في هذه النقطة كان لديهم خمس بنادق فقط وكانوا يفتقرون الى الذخيرة وليس لديهم فكرة عن جوازات السفر الحقيقية والمزورة. وعلق رايلي من جانبه قائلا ان الحركة من وإلى العراق عبر هذه المنطقة كانت في حالة فوضى تامة. وكانت نقطة العبور هذه قد اغلقت لفترة اسبوعين إثر هجوم انتحاري نهاية مايو (أيار) الماضي. ويعبر الحدود العراقية ـ السورية يوميا حوالي 5000 شخص، معظمهم راجلون، بالإضافة الى حوالي 300 مركبة. وازدادت عائدات الجمارك ثلاثة أضعاف، وجرى تسليح أفراد شرطة الجمارك العراقية (120 جنديا وضابطا) ببنادق كلاشنيكوف ومسدسات. وعززت هذه القوة بفوج من الشرطة العراقية قوامه 260 جنديا وضابطا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وكان فريق من الجمارك الاميركية قد أجرى دورة تدريبية لأفراد الشرطة العراقية للتعرف على جوازات السفر المزورة، ويضبط أفراد الشرطة العراقية في هذا المعبر حوالي 4 او 5 جوازات مزورة يوميا.