محلات تبيع البطاقات والورود الحمراء.. وعشتار تتربع على عرشها رغم فحيح الموت

«عيد الحب» بين دخان الحرب في العراق

TT

لم تنس آلهة الحب (عشتار) ان العالم كان يحتفل امس بعيد تربعت هي على عرشه وعلى مدى السنوات الموغلة في القدم، حاملة لقب الحب بلا منازع، ولم تنس تلك الآلهة انها ما زالت اليوم ورغم اتون الحرب التي تحيطها على ارض الرافدين انها ما زالت تشتعل بالذكرى في قلوب كل العاشقين وهم يتهادون فيما بينهم بالبطاقات والورود الحمراء التي انتشرت على واجهات بعض المحال داخل العاصمة العراقية بغداد.

كان منظر تلك المحال يسر النظر رغم دوي القنابل وصوت السيارات التي تنفجر بين الحين والأخر لتحصد العديد من الاجساد البريئة. في «عيد الحب» كانت لـ «الشرق الاوسط» جولة في محال بيع البطاقات والهدايا التي وعلى ما يبدوا قد وجدت رواجا منقطع النظير، كما اكد لنا صبيح خمو من منطقة «كمب سارة»، وهو يؤكد ان العاشقين لم يكونوا وحدهم الباحثين عن فرصة للتعبير عن عواطفهم في عيد الحب، بل ان العديد من العراقيين ازواجا او طلبة او كسبة او من افراد عائلة واحدة كالاشقاء هم ايضا بدأوا بالاحتفال بعيد الحب.

ويقول خمو ان هذه الظاهرة بدأت بالظهور بشكل واضح خلال السنوات الثلاث الماضية. «اذ لم يكن العراقيون ليتذكروا هذا اليوم إلا ما ندر، وكان يقتصر على بعض العشاق، ولكن يبدوا ان الازمات وكثرتها التي مرت على العراقيين جعلتهم يبحثون عن فرصة للحياة».

وأشار نادر، وهو صاحب مكتبة قرب احدى الجامعات العراقية، ان اغلب الطلبة يبدأون بالتحضير للاحتفال بهذا اليوم والعديد منهم يشتري هدايا الحب مثل القلب الاحمر او الورد او علب الموسيقى. وقد باع نادر حسبما يقول اكثر من 300 هدية خلال يومين اثنين فقط على الرغم من غلاء بعض هذه الهدايا إلا ان العديد من الطلبة كان يدخر من مصروفه اليومي وصولا الى يوم الحب! وقال جبار، وهو طالب دراسات عليا، ان عيد الحب «يجب ان ينطلق من العراق وليس من فالنتينو لان آلهة الحب كانت في العراق وكل آلهة الحياة ايضا وكان العراقيون على الدوام هم افضل الرموز للحب الذي يجب ان يتميز بالتضحية، ولا يوجد في العالم من هو اكثر تضحية من العراقي». وأكد انه سيهدي حبيبته وردا احمر، مشيرا الى ان القنابل والسيارات المفخخة «لن توقف حياة العراقيين ابدا». وأضاف ان الاوضاع الماضية لم تمنح العراقي حرية التفكير او التعبير ولكنه اليوم يستطيع ان يقول اي شيء في اي وقت على الرغم من بعض الصراعات والنزاعات التي بدت غريبة على مجتمعنا والتي حدت من حرية العديد ممن يريد ان يعبر عن رأيه في القضية التي يريدها. وقالت سناء، وهي طالبة في كلية الهندسة، انها ستحتفل بعيد الحب مع افراد عائلتها في نفس الوقت الذي ستخصص هدية واحدة لانسان واحد لن تبوح باسمه لنا.

وفي محلات بيع الهواتف الجوالة كان لعيد الحب وقع آخر وهو ان العديد من العراقيين يطلبون اغاني للحب ورسائل على شكل قصائد لإرسالها لمن يحبون في عيد الحب.

ويقول احد اصحاب تلك المحال ان عمله قد استمر لوقت طويل خلال الايام القليلة الماضية، فقد طلب العديد من الزبائن بعض الاغاني التي تخص هذه المناسبة وقد اضطر ايضا للاستعانة بأحد الشعراء لينظم له ابيات يبيعها على زبائنه والتي تتغنى بالحبيب وتهدى في مناسبة عيد الحب.

ويبدو ان العراقيين مصرون على إلغاء حرف الراء من كلمة حرب والاحتفال بعيد الحب بطريقة تتحدى الموت وتعلن الغلبة عليه!