المصريون يستمتعون بفيلم «كينغ كونغ» على طريقتهم الخاصة في السينما

فرحة عند إمساك الغوريلا بالطائرة ورنين «نانسي عجرم» لا يتوقف طيلة ساعات العرض

TT

على الساعة الثانية عشرة، منتصف النهار، تجمع عدد من المشاهدين أمام سينما اوديون الجديدة في وسط القاهرة، لمشاهدة فيلم «كينغ كونغ» الجديد، وقد سمح لهم بالدخول عبر مدخل وحيد ضيق، بالرغم من وجود ثلاثة مداخل يمكن فتحها. مر الشبان عبر المدخل من امام مراقب التذاكر الذي كان يعمل بحرص شديد لمضاهاة عدد التذاكر بعدد الاشخاص، بينما كان هناك عدد من الأسر، التي تصحب أطفالها، وبعضهم رضع، تدخل ومعها أكياس من الساندويتشات.

كان ذلك بداية، لما هو ليلة تفاعلية في دار السينما. فالمشاهدون المصريون يدمجون حياتهم مع ما يجري على الشاشة، ويجري دعم حبكة الفيلم المعروفة بمشاركة من المشاهدين.

وتجدر الإشارة إلى أن مقاعد السينما محددة بالأرقام، ويكتب رقم المقعد يدويا على التذكرة، وهو ما يؤدي الى مشاكل في كل دار السينما. ففي الصف السابع، يرغب شابان في الجلوس الى جوار اصدقائهما، وهو مقعد يجلس عليه شخص آخر. وقال الشاب الى الشخص الجالس على المقعد «هذه مقاعد افضل»، فرد عليه الشخص: «لكن مقعديكما في الصف الثالث». عاد الشاب ورد عليه قائلا: «ولكنهما في الوسط»، فقال الشخص وهو رجل في متوسط العمر ومعه زوجته: «ولكن نظري ضعيف».

خفتت الأضواء وظهرت على الشاشة شهادة الرقابة، وهي عبارة عن وثيقة بيضاء كبيرة عليها ختم النسر، وعندها صفق المشاهدون. جلس الجمهور عدا امرأة ممتلئة ترتدي حجابا بدلت حفاظات رضيعها، في الممر. ظهرت على الشاشة مشاهد لمدينة نيويورك في الثلاثينات وصفوف من الرجال والنساء يقفون انتظارا للحصول على طعام مجانا، فيما يعرف باسم طوابير الحساء، وصاح شخص «القاهرة».

وعندما اقنع المخرج السينمائي المهووس كارل دنهام الممثلة آن دارو التي لا تزال تواجه مصاعب بالذهاب معه في رحلة بحرية الى جزيرة skull، لمشاهدة كينغ كونغ، انتهز عدد من المشاهدين الفرصة لإجراء مكالمات هاتفية بالهاتف الجوال. ولم لا؟ فالحوار كان بالانجليزية مع ترجمة بالعربية، والدردشة لا تعرقل متابعة الجمهور للفيلم.

وفي الصف التاسع تردد صوت رجل في السينما «أحمد أنا في السينما، فلنتقابل عند عمتي». وقال شخص آخر: «نعم سأسلمها في الصباح».

وصل شخص متأخر الى السينما، وقاده واحد من معارفه كان جالسا قائلاً: «هنا.. هنا». أخرج شخص آخر ساندويتش جبنة بزيت الزيتون وعرضه على شخص أجنبي، غريب تماما، وسأله من أين هو، وعندما ذكر له جنسيته قال «أميركا، جيد».

عندما غادرت سفينة دنهام ميناء نيويورك، كان الوقت قد حان لرضيع في السينما أن يبكي، ولم يتوقف البكاء الا بعدما وصلت السفينة الى المحيط الهادئ. كان كونغ يستعد للاستيلاء على آن التي قدمها له سكان الجزيرة قربانا، عندما رن هاتف جوال بأغنية Mexican hat dance. وبعد ذلك بقليل عندما وقعت (في الفيلم) المعركة بين ديناصورات، انضم اليهم صوت نانسي عجرم من هاتف جوال آخر، وهي تغني «حبيبي حبيبي».

حاول ديناصور آخر قطع رأس آن، فصدر صوت من الظلام يقول: «عضيه». وعندما بدأ كونغ يدق على صدره، وقف عدة فتيان يقلدون المشهد. صاح واحد قائلا لصديقه «إنه يشبهك يا حسام». وخلال مشهد تبادل النظرات بين آن وكونغ المحب، انتهز العديد من الأشخاص الفرصة لفحص الرسائل النصية على الهاتف الجوال. وعندما تمكنت آن من الهرب من مخلوقات تشبه الخفاش صاح واحد من المشاهدين قائلا الى آن: «لا تتركي كونغ، سيطعمك موز إلى الأبد».

بدأ رجل وزوجته في الصف 12 يتناقشان فيما اذا كان يجب عليهم مغادرة السينما، لأن أطفالهما ناموا. خرجا من القاعة عندما كان كونغ قد وصل، لأول مرة، الى طريق برودواي في نيويورك.

لكن يبدو ان اقتراب خاتمة الفيلم جعلت الجميع يصمت، اذ لم يحدث أي ضجيج عندما كان كونغ يبحث عن آن، ويلتقط الشقروات ويرمي بهن. لكن عندما وصل كونغ الى قمة عمارة «امباير ستات» في نيويورك وأمسك بطائرة مزدوجة الأجنحة، صاح المشاهدون «الله اكبر، الله اكبر». وعندما بدأ كونغ المصاب في الانزلاق من فوق ناطحة السحاب، وقف العديد من المشاهدين استعدادا للخروج من دار العرض اعتقادا منهم بأن الفيلم انتهى. إلا أن واحدا من المشاهدين صاح «لسه»، فعادوا للجلوس على مقاعدهم. وعندما سقط كونغ في «فيفث افينيو» تجاهل بعض المشاهدين النصيحة وبدأوا بالخروج من السينما.

وفي النهاية، بعد ثلاث ساعات، صفق المشاهدون، وأضيئت الأضواء، وعاد رنين الهاتف الجوال بأغنية Mexican hat dance مرة أخرى، وفي الشارع كان متسول يدعو لشخص أعطاه بعض النقود.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ «الشرق الأوسط»)