رايس تطلب من الكونغرس 75 مليون دولار لـ«دعم الديمقراطية» في إيران

وفد إيراني في موسكو الاثنين لبحث الملف النووي .. ولافروف يشترط وقف طهران التخصيب للتفاوض

TT

بروكسل: عبد الله مصطفى

* في وقت وصفت فيه وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، البرنامج النووي الايراني، بأنه «تحد صريح» للمجتمع الدولي، قدمت الادارة الاميركية طلباً للكونغرس بتخصيص 75 مليون دولار لـ«تشجيع الديمقراطية» في ايران. من جهته، اكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن اقتراح بلاده لحل الأزمة حول الملف النووي، تعتمد على وقف طهران نشاطها النووي. وكرر الاتحاد الاوروبي نفس المطالب الروسية من ايران أمس، قائلاً انه يريد علاقات ايجابية مع طهران، ولكن بشرط تخليها عن تخصيب اليورانيوم. وحثت المفوضية الاوروبية ايران أمس، على قبول الاقتراح الروسي، مؤكدة انه لا يزال هناك وقت للحيلولة دون إحالة الملف النووي الايراني الى مجلس الامن الدولي. واستمرت المحاولات الاوروبية للتوصل الى حل دبلوماسي للأزمة الرهانة وأعلن البرلمان الاوروبي توجه وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي الاثنين المقبل الى بروكسل، للقاء أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، بينما يتوجه وفداً ايرانياً الى موسكو في اليوم نفسه للنظر في الاقتراح الروسي.

وفي واشنطن، رأت رايس أن إيران تتحدى المجتمع الدولي قائلة «لقد تجاوزوا الآن حداً، باتوا معه في تحد صريح مع المجتمع الدولي»، قائلة إنه يتوجب على المجتمع الدولي، إن يقف موحداً في مواجهة الخطر الإيراني. وبدأت الحكومة الأميركية تحركاً جديداً لتشجيع الحراك الديمقراطي في إيران بغرض إحداث تغيير داخلي قد يعوض عن تدخل عسكري خارجي عالي التكلفة. وفي هذا السياق حثت وزيرة الخارجية الأميركية الكونغرس على الموافقة على رصد مبلغ 75 مليون دولار هذه السنة لـ«دعم الديمقراطية في إيران». وقالت إن على بلادها دعم الإيرانيين الساعين للتحرر من نظام وصفته بالراديكالي.

وقالت رايس، إن المبلغ المخصص لإيران سيكون ضمن مشروع موزانة إضافية طارئة للعام الحالي 2006 من المتوقع أن يرسلها البيت الأبيض إلى الكونغرس هذا الأسبوع، لاستخدامها في إنشاء بث إذاعي وتلفزيوني إلى إيران، إضافة إلى مساعدة الإيرانيين للدراسة في الخارج. وتابعت رايس قائلة لأعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ‏: «إن الولايات المتحدة ترغب في التواصل مع الشعب الإيراني الذي يتوق إلى تحقيق الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان». وأضافت إن الشعب الإيراني عليه أن يدرك أن الولايات المتحدة «تدعمه كلياً، وتقف إلى جانب تحقيق طموحه في مستقبل أكثر حرية».

وبينما شددت الولايات المتحدة لهجتها مع طهران، أعلن الجنرال يحيى رحيم صفوي قائد الحرس الثوري الايراني أمس، ان بلاده مستعدة للرد على أي هجوم عسكري تشنه الولايات المتحدة. وفي تصريح للتلفزيون الرسمي الايراني قال صفوي: «لا نرى اي خطر، ولكن بصفتنا قوات مسلحة وضعنا خططنا، ونحن مستعدون للقيام بعمليات دفاعية وهجومية». واضاف الجنرال: «اذا ما ارتكبت (الولايات المتحدة) حماقة أكبر من هجومها على العراق، فإن القوات المسلحة والشعب الايراني على استعداد للدفاع عن النفس وشن عمل دفاعي».

وزار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد مساء أمس، مجمع نتانز النووي، الذي بدأت فيه عملية تخصيب اليورانيوم. وأفادت وكالة الأنباء الايرانية أن أحمدي نجاد تفقد المنشأة، والقى كلمة اشار فيها الى «الضجة التي افتعلها الاعداء للحد من حصول الشعب الايراني على الخبرة النووية السلمية». وفي خطوة متحدية لمنتقدي البرنامج النووي الايراني، اعلن رئيس البرلمان الايراني غلام علي حداد عادل، استعداد بلاده لمساعدة فنزويلا في تطوير التكنولوجيا النووية للاغراض السلمية. وقال حداد عادل، عندما سأله الصحافيون في كراكاس بخصوص ما اذا كانت طهران ستعرض على كراكاس التعاون في المجال النووي: «لم نجر أية مناقشات حتى الآن مع السلطات الفنزويلية، ومع ذلك فسنكون مستعدين لدراسة امكانية ذلك».

وفي فيينا، صرح وزير الخارجية الروسي أمس، بأنه يتوجب على ايران اثبات عدم نيتها استخدامها برنامجها النووي لأغراض عسكرية، محذراً في الوقت نفسه من أن فرض العقوبات على ايران سيؤدي الى تفاقم الازمة بشأن ملفها النووي. وقال لافروف بعد بحثه الملف الايراني مع نظيرته النمساوية اورسيلا بلاسنيك في فيينا أمس: «عندما تعاد الثقة بملف إيران النووي، يمكننا العودة الى امكانية دعم الحق الايراني بتطوير قطاع قوة نووية على نطاق واسع». وأضاف: «العقوبات لن تجدي نفعاً، ولن تسمح ابداً بايجاد حل لمشكلة ما، بل تشكل في افضل الأحوال مدخلاً الى مزيد من التفاقم». ورأى أن «من يفكرون في فرض عقوبات ضد ايران تحركهم دوافع سياسية».

وعلى صعيد آخر، اعلنت موسكو تحديد الاثنين المقبل موعداً للمباحثات مع الجانب الإيراني، والتي كان مقرراً لها اليوم. وكانت مصادر السفارة الايرانية في موسكو، قد اشارت الى ان السلطات الايرانية ابلغت موسكو بعزمها ايفاد وفدها من اجل مناقشة مقترحاتها حول تأسيس مؤسسة مشتركة لتخصيب اليورانيوم لإيران. وقال نائب وزير الخارجية سيرغي كيسلياك ان موسكو لا تجد غضاضة في تأجيل المباحثات من الخميس الى الاثنين المقبل بناء على طلب الجانب الإيراني الذي اعتذر لأسباب تقنية. وكان قسطنطين كوساتشوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما قد انتقد موقف طهران الذي وصفه بـ«الغريب» نظراً الى أن موسكو علمت بنبأ التأجيل من الصحافة. واعتبر كوساتشوف ان سلوك الجانب الايراني يثير القلق، معرباً في الوقت ذاته عن امله في انعقاد المباحثات في موعدها، من اجل التوصل الى نتائج بناءة وقرار مناسب قبيل اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في السادس من مارس (آذار) المقبل. وأكد كوساتشوف انه لا يستبعد احالة الملف النووي الايراني الى مجلس الأمن. وقال في تصريحات نشرتها شبكة «نيوز رو» الإلكترونية، انه من الواضح ان الموعد النهائي في هذا الشأن سيكون السادس من مارس المقبل، وهو ما تدركه طهران جيداً». وصرح سيرغي كيريينكو رئيس الوكالة الفيدرالية للطاقة النووية الروسية، بأنه لا ينوي تأجيل زيارته الى ايران، والتي اعلنت وكالة الانباء الايرانية انها ستبدأ 23 فبراير (شباط) الجاري. ومن المقرر اجتماع رئيسي اللجنة الحكومية المشتركة للتعاون التجاري الاقتصادي بين البلدين. من جهة أخرى، دعت المفوضية الاوروبية أمس، طهران الى قبول الاقتراح الروسي الخاص بتخصيب اليورانيوم الايراني، الامر الذي قد يؤدي الى عدم احالة الملف النووي الايراني إلى مجلس الامن الدولي. وقال المفوض فرانكو فراتيني المكلف العدل باسم المفوضية الاوروبية ان «الباب ما زال مفتوحاً من اجل التوصل الى حل تفاوضي للوضع واقتراح روسيا تخصيب اليورانيوم خارج ايران لا يزال على الطاولة ويجب دراسته بشكل كامل». وأضاف: «اذا علقت ايران نشاطات التخصيب، وقبلت الاقتراح الروسي فقد لا يكون ضرورياً احالة الملف على مجلس الامن الدولي». واكد المسؤول الأوروبي أن ذلك «مرهون بإرادة ايران للتوصل الى تسوية مع المجتمع الدولي. ودعا النواب الاوروبيون في قرار صادقوا عليه أمس طهران الى «دراسة جدية» للاقتراح الروسي، الذي يطرح امكانية المضي قدما في البرنامج النووي في اطار متعدد الاطراف».

وابلغت اوروبا طهران برغبتها في تحقيق علاقات طبيعية بين اللجانبين، لكنها اعربت عن وقوف عوائق عدة في طريق تلك العلاقات، ومنها ملفا البرنامج النووي وحقوق الانسان في ايران. وقال بيان اوروبي وزع في بروكسل امس، ان الاتحاد الاوروبي ابلغ ايران بذلك، خلال اتصال هاتفي ليلة أول من أمس، بين وزيرة الخارجية النمساوية بلاسنيك ونظيرها الايراني مانوشهر متقي. والاتصال هو الأول من نوعه على هذا المستوى العالي بين الجانبين الاوروبي والايراني منذ فترة، بعد ان تأثرت العلاقات والمحادثات بينهما نتيجة للتطورات الأخيرة للملف النووي الايراني، بالاضافة الى تصريحات القيادات الايرانية بشأن اسرائيل والمحرقة اليهودية.

من جهتها، أكدت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل في مقابلة نشرت أمس، أن على بلادها ألا تخشى حرباً جديدة في الشرق الاوسط، حيث انها مصممة على حل الخلافات مع ايران وغيرها من الدول بالطرق السلمية. وقالت في مقابلة مع مجلة «شتيرن» ان «على الالمان الا يخشوا شيئاً. انهم وبدون شك يعيشون في وقت يشهد نزاعات جديدة، الا اننا نتصرف بطريقة صارمة ومسؤولة». واكدت انها تعتقد انه توجد «فرصة حقيقة للتوصل الى حل عن طريق المفاوضات» في الازمة بين الغرب وايران حول برنامج طهران النووي. واوضحت: «نحن نقوم بجهود لمحاولة التوصل الى شيء في هذا المجال، ومن بين ذلك المحادثات حول تخصيب اليورانيوم الايراني في روسيا». ووصفت قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الرابع من الشهر الجاري باطلاع مجلس الامن الدولي على مسألة ايران، بأنه «نجاح عظيم للدبلوماسية».

وضم وزير الداخلية الاماراتي الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، صوته أمس للمعربين عن مخاطر البرنامج النووي الايراني، معتبراً ان الخطر الذي يمثله مفاعل بوشهر النووي الايراني، هو «من النوع الذي لا يمكن التنبؤ به»، أو الوقاية منه، مشيراً الى ان بلاده تعمل على الاستعانة بخبرات دول لها تجارب في هذا المجال. واوضح الشيخ سيف لوكالة الصحافة الفرنسية: «الخطر الذي يمثله مفاعل بوشهر النووي، هو من النوع الذي لا يمكن التنبؤ به ولا الوقاية منه بالمعنى العملي، ولا توجد أية جهات دولية يمكنها ان تقدم اي نوع من الضمانات الملموسة» في هذا المجال. واكد ان بلاده «تعمل باستمرار على الاستعانة بخبرات الدول التي مرت بتجارب مماثلة، مثل دول حلف شمال الاطلسي والتي اضطرت الى مواجهة كارثة انفجار المفاعل النووي الروسي تشيرنوبيل» عام 1986.