عون لا يعتبر المهرجان مشجعا على حوار بين اللبنانيين .. وقوى 14 آذار تدعو لمتابعة «انتفاضة الاستقلال» للنهاية

ردود فعل متباينة على خطب الذكرى الأولى لاغتيال الحريري

TT

انتقدت شخصيات سياسية ودينية لبنانية بعض الخطب التي ألقيت اول من امس في مهرجان إحياء الذكرى الاولى لاغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري.

وفيما اعتبر النائب اسامة سعد بعض هذه الخطب «مقلقا»، وصفها بيان لمشيخة عقل الطائفة الدرزية بانها «مهاترات وشتائم». أما قول الرئيس السابق للجمهورية امين الجميل ان «الله لبناني»، في معرض اشارته الى الطقس الجميل الذي رافق احياء الذكرى، فقد قوبل بانتقاد من «حركة التوحيد الاسلامي»، التي اعتبرته «إساءة للذات الإلهية».

ودعا رئيس حزب «التيار الوطني الحر» رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النيابي العماد ميشال عون، اصحاب هذه الخطب الى «اعادة النظر في خطبهم كي يستأنفوا الحوار ونصل الى حل للجميع». وإذ رأى «ان الحلول من خلال الخطب النارية لا يمكن الوصول اليها»، قال في حديث تلفزيوني بث امس، انه تحاشى المشاركة شعبياً في مظاهرة ساحة الشهداء «لأننا شهدنا في مناسبتين سابقتين توجيه شتائم. وتحاشينا ان تتحول هذه المناسبة الى صدامات. كما ان الخطب التي ألقيت لا تنسجم مع خطابنا السياسي. وكنا نعلم انه سيجري تصعيد. لذلك تحاشينا الحضور الشعبي حفاظاً على سلامة الاحتفال... واعتقد ان ما حدث لا يشجع على الحوار بين اللبنانيين».

وعما اذا كانت الخطب فتحت معركة رئاسة الجمهورية، قال عون: «لا أعلم ماذا يريد الخطباء. هناك حرب على رئيس الجمهورية وعلى سورية، وحرب شرق أوسطية. لا اعرف بالضبط ما هي الاهداف التي يريدون الدفاع عنها».

واستقبل عون وفدا من «الحزب الديمقراطي اللبناني» برئاسة امينه العام زياد شويري، الذي قال: «ان ما سمعناه في خطب الامس مؤسف لأنه خطاب تعبوي تحريضي... أما شعار اللقاء (لبنان أولا) فلا تنطبق عليه الكلمات التي سمعناها ولا تؤدي الى تقارب بين اللبنانيين، بل الى مزيد من الشرذمة».

وقال عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ابراهيم كنعان في حديث تلفزيوني: «ان العناوين التي طرحت في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري هي في الاصل عناوين التيار الوطني الحر. ولا داعي لأحد ان يزايد علينا»، لافتا الى «ان الجميع يريد رفض الجريمة ولا يريد سلاحا خارج الشرعية. لكن الاختلاف هو في كيفية تطبيق هذه الشعارات التي لن تكون عبر التحريض وسياسة العزل وبمزيد من الانقسامات والديماغوجية. وهو ما جرى في ساحة الشهداء». وشدد على «ضرورة عقد طاولة الحوار في اسرع وقت ممكن»، مستغربا «ما يحكى عن ان وثيقة مار مخايل استندت الى امكانية تحالف ايراني ـ اميركي».

وأصدرت مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز بياناً جاء فيه: «اللبنانيون رمز للوحدة والمحبة واللياقة والحفاظ على كرامة الآخرين. لكن ما نعيشه اليوم وما ينشر يومياً على شاشات التلفزة من مهاترات وتراشق كلامي لا يمت الى اسلوب اللبنانيين في المخاطبة، وبعيد كل البعد عن المنطق والآداب، فالمشاهد لم يسمع بالأمس من الذين تصدروا شاشات التلفزة الا مهاترات وشتائم تشوه صورة اللبنانيين وتسيء الى سمعة بلدهم وعلاقاته... اما اصحاب الوساوس الذين تعتريهم عقدة من سورية فهم يعيشون خوفاً دائماً، ويحرضون الشعب على اوهام، ويقعون في مغالطات كبرى...».

وفي مقر البطريركية المارونية في بكركي عرض البطريرك نصر الله صفير الأوضاع اللبنانية في ضوء مضامين الخطب التي ألقيت خلال تجمع «يوم الوفاء» للرئيس الحريري. وقال رئيس «التنظيم الشعبي الناصري» النائب اسامة سعد عقب لقائه البطريرك: «إننا امام تطورات دقيقة وحساسة. والساحة اللبنانية تمر بأزمات متعددة الجوانب... هناك ملفات كثيرى أثيرت بالامس وهي محط خلاف بين اللبنانيين، خصوصا ملف رئاسة الجمهورية والمقاومة والعلاقات اللبنانية ـ السورية». واضاف: «منذ ايام شهدنا تفاهما في كنيسة مار مخايل اثار ارتياحا لدى الكثير من اللبنانيين. اما الخطاب السياسي بالامس فهو مثير للقلق لاننا نسأل هل هو خطاب حواري يوفر مناخا ملائما لحوار وطني في البلد؟ الجميع يتحدث عن حوار، انما المطلوب هو توفير مناخات ملائمة لهذا الحوار الوطني. ولقد شهدنا بالامس حضورا قويا للقرار 1559 وغيابا مدويا لمشروع وطني لبناني».

واستقبل البطريرك صفير ايضاً النائب سمير فرنجية والنائب السابق فارس سعيد والمحامي سمير عبد الملك (من قوى 14 آذار). وبعد اللقاء قال فرنجية ان البحث مع البطريرك صفير تناول «المرحلة التي اسسها اللبنانيون الذين كرروا بالامس عزمهم على متابعة انتفاضة الاستقلال وانهاء ما بدأوه في 14 مارس (آذار) 2005... والاساس اليوم في اعادة تصحيح المسار وتحديد اهداف واضحة والمتابعة حتى النهاية. والذي حصل بالامس انه نزل الى الشارع مليون شخص من دون ان تحصل ضربة كف، انما الذي حصل في الاشرفية كان بواسطة قرار، واللبنانيون بالامس كانوا، مسيحيين ومسلمين، موجودين مع بعضهم البعض ولم تحصل اي مشكلة».

واصدر «لقاء الجمعيات الاسلامية» في ختام اجتماع عقده امس، بياناً جاء فيه: «إن المجتمعين توقفوا بحذر وتوجس عند الكلمات التي ألقيت في ساحة الشهداء لمناسبة الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد الرئيس الحريري والتي تجاوزت في مضمونها واستهدافها وتوجهاتها مبادئ الحوار الوطني وسياسة التهدئة التي من المفترض ان تجمع اللبنانيين حول طاولة حوارية صادقة ومنفتحة بعيداً عن الاتهامات المتبادلة والتخوين والعمالة والاستفزاز، من اجل معالجة كافة النقاط الخلافية وتهييء لجو وفاقي وجامع يؤسس لدولة المؤسسات».

واعتبر اللقاء «ان التعرض لسلاح المقاومة البطلة بشكل مسيء واستعراضي يشكل اساءة للبنانيين جميعاً، لان سلاح المقاومة عنوان صمود وتضحية وتصد عملي وواقعي حرر الجزء الاكبر من الاراضي اللبنانية المحتلة وسيحرر لاحقاً مزارع شبعا وتلال كفرشوبا».

وفي سياق آخر، استنكر مجلس قيادة «حركة التوحيد الاسلامي» الاساءة للذات الإلهية «التي نطق بها احد اقطاب (14 اذار) على مسمع مئات الالوف من المسلمين المشاركين ومعهم علماء دين»، معتبرا ان أمين الجميل بقوله «ان الله لبناني» نصب نفسه في يوم الوفاء لدم الحريري «موزع هويات للذات الالهية». وتوقف مجلس قيادة الحركة عند خطاب النائب سعد الحريري، الذي وصفه بانه «كان خطاباً سياسياً معتدلا يعبر عن اهتمامه باستقرار الامور والاستقرار الاقتصادي الذي يحتاجه البلد».