أحمدي نجاد: الخطة الأميركية لنشر الديمقراطية في المنطقة أحدثت تأثيرا عكسيا

تضارب في وكالة الطاقة حول كلام للبرادعي اعتبر فيه السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم أمرا لا مفر منه

TT

اعتبر الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان الخطة الاميركية لنشر الديمقراطية في الشرق الاوسط كان لها مفعول معاكس لاهداف الولايات المتحدة اذ ادت الى فوز الاسلاميين في الانتخابات في عدد من دول المنطقة. ويأتي ذلك فيما قال كبير المفاوضين الايرانيين جواد وعيدي ان ايران لن تتخلى عن نشاطاتها النووية الحساسة لانتاج الوقود النووي، مؤكدا ان قبول طهران للمطالب الغربية سيكون مرادفا «لاذلال قومي».

وحول خطة الاصلاحات الاميركية في الشرق الاوسط، قال احمدي نجاد في مقابلة اجرتها معه الوكالة الايرانية الرسمية «ارنا» ان خطة «الاميركيين من اجل الديمقراطية في الشرق الاوسط ادت الى نتيجة معاكسة لامال الاميركيين في ايران والعراق ولبنان وحتى في فلسطين». وأضاف الرئيس الايراني انه «اذا ما جرت انتخابات حرة في كل بلدان العالم الاسلامي، فسوف يفوز فيها الاسلاميون والمجموعات المؤيدة لمقاومة الاحتلال» الاميركي. ورأى احمدي نجاد ان «الشعوب لا تؤمن بديمقراطية الغرب الزائفة». وأضاف ان «وهم الصهيونية الابدية التي لا تقهر سقط بعد الثورة الايرانية في ايران عام 1979 وهو منذ ذلك الحين هي في تراجع متواصل». وقال ان «الشعب (الفلسطيني) صوت من اجل مواصلة المقاومة ومن اجل الهدف السامي وهو دولة فلسطينية حرة من المحتلين (الاسرائيليين) وليس من اجل حياة سياسية في ظل الصهاينة»، في اشارة الى فوز حركة المقاومة الاسلامية حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في 25 يناير (كانون الثاني). ورأى ان «هذا الاقتراع هو خطوة اولى ستليها نجاحات اخرى». واعتمد احمدي نجاد بعد فوزه المفاجئ في الانتخابات الرئاسية الايرانية لهجة متشددة داعيا الى «العودة الى قيم الثورة». وقال ان «الاخوان المسلمين يدركون ان هدف العدو هو تحويل قوى المقاومة ضد المحتل الى قوى ديمقراطية على الطراز الغربي». وأضاف ان «الولايات المتحدة تريد نزع سلاح حزب الله اللبناني وحماس والجهاد الاسلامي الفلسطيني لقمع قوى المعارضة.. لكن اللبنانيين والفلسطينيين يعون ذلك». وتساند ايران المجموعات الاسلامية اللبنانية والفلسطينية لكنها تنفي امدادها بدعم مالي.

وكانت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس قد اعلنت اول من امس ان الشرق الاوسط يواجه خطر «محور» يضم ايران وسورية وحزب الله اللبناني هدفه زعزعة الاستقرار في المنطقة. واعتبرت ان «ايران تنتهج سياسة تزعزع استقرار المنطقة ومن الواضح انها تطبقها في عدد اكبر من الاماكن عن ذي قبل».

الى ذلك، قال كبير المفاوضين الايرانيين جواد وعيدي امس ان ايران لن تتخلى عن نشاطاتها النووية الحساسة لانتاج الوقود النووي، مؤكدا ان قبول طهران للمطالب الغربية سيكون مرادفا «لاذلال قومي». وقال وعيدي عضو المجلس الاعلى للامن القومي «ان الجمهورية الاسلامية الايرانية لا تتخذ موقفا عنيدا او مغامرا، ولكنها لن تقبل الغاء نشاطاتها لانتاج الوقود النووي».

وأضاف «وقف انشطة التخصيب كما يطالب الغرب، سيكون مرادفا للاذلال والخضوع الوطني ولن نقبل بذلك». وجاءت تلك التصريحات عشية محادثات حاسمة في موسكو حول اقتراح روسي باجراء عمليات تخصيب اليورانيوم الايراني على الاراضي الروسية. وينظر الى تلك المحادثات باعتبارها الفرصة الاخيرة لطهران لتجنب رفع ملفها الى مجلس الامن الدولي لاحتمال فرض عقوبات عليها. وسيتوجه وعيدي الى بروكسل مع وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي لاجراء محادثات اليوم مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا.

ومن ناحيته، قال علي حسيني تاش عضو المجلس الاعلى للامن القومي الايراني للتلفزيون ان «المفاوضات فى روسيا ليست بشروط ومسؤولي الجمهورية الايرانية اعلنوا انهم لن يتراجعوا في الدفاع عن حقوقهم». وأضاف انه سيترأس الوفد الايراني المنتظر وصوله الى موسكو لدرس الاقتراح الروسي بتخصيب اليورانيوم الايراني في روسيا. وكان يفترض في بادىء الامر ان يرأس الوفد عضو اخر في المجلس هو جواد وعيدي كما قال مصدر دبلوماسي. ويهدف الاقتراح الروسي الى تزويد ايران بالوقود اللازم لتشغيل محطات نووية مستقبلية مع منعها في الوقت نفسه من القيام بهذه العملية. وذلك لان تخصيب اليورانيوم يتيح امتلاك هذا الوقود وكذلك الشحنة اللازمة لقنبلة ذرية. لكن الغربيين يشتبهون في ان طهران تخفي شقا عسكريا في برنامجها النووي المدني.

وقد اثارت ايران ازمة عبر استئناف انشطتها المرتبطة بالتخصيب في منتصف يناير (كانون الثاني). وتفاقمت الازمة مع الاعلان الخميس ان التقنيين الايرانيين بدأوا تجارب التخصيب عبر ضخ الغاز في بعض اجهزة الطرد المركزي في مصنعهم في نتانز (وسط). وأعلن مسؤول كبير في الدبلوماسية الروسية طلب عدم الكشف عن هويته الجمعة الماضي في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الروسية «ايتار تاس» ان موسكو تتوقع «مشاورات مثمرة حول كل المسائل المتعلقة بالملف النووي الايراني». لكنه اضاف ان موسكو تعتزم ايضا «دعوة شركائها الايرانيين باصرار الى العودة الى نظام تعليق» الانشطة المتعلقة بالتخصيب. الا ان ايران تصر على حقها في انشطة تخصيب «على نطاق محدود» بهدف «البحث العلمي»، مشيرة الى ان ذلك غير قابل للتفاوض. وما يعزز موقفها الى حد ما معلومات ادلى بها مصدر دبلوماسي في فيينا الجمعة ومفادها ان مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي اعتبر انه سيكون من الصعب التوصل الى تسوية مع ايران بدون السماح لها بتخصيب اليورانيوم على نطاق محدود. ورحبت ايران بهذا الاقتراح. وقال وزير الخارجية الايراني متقي «نعتبر هذا الاقتراح اشارة الى قبول التخصيب في ايران وخطوة الى الامام»، رغم ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تؤكده رسميا. اذ نفت ميليسا فليمنغ المتحدثة باسم الوكالة أن البرادعي تقدم بأي مقترح أو تنازل من هذا القبيل. وقالت إن البرادعي يعارض من حيث المبدأ استئناف تخصيب اليورانيوم من قبل أعضاء جدد لانه يريد ضمان حظر انتشار المواد النووية. ولم تتبن روسيا مثل هذا الموقف علنا لكن وزير خارجيتها سيرغي لافروف ترك الباب مفتوحا امام مثل هذا الاحتمال في تعليقات نشرت الخميس في ختام محادثاته مع الترويكا الاوروبية (المانيا وفرنسا وبريطانيا) في فيينا. وقال لافروف «حين تستعاد الثقة في البرنامج النووي الايراني وبعد مرور وقت كاف لاعادة الثقة والشفافية» من المحتمل «العودة الى مسألة حق ايران في التطوير الكامل للطاقة النووية السلمية».