الأكثرية البرلمانية في لبنان تطلق حملة لإسقاط لحود في 3 أسابيع

أصدرت «فتاوى» قانونية وطلبت مساعدة عربية لـ«التخلص» من رئيس الجمهورية

TT

تنطلق قوى «14 آذار» اللبنانية، بدءا من اليوم، في رحلة تتوقع ان تنتهي قبل 14 مارس (اذار) المقبل بسقوط رئيس الجمهورية اميل لحود بواحدة من ثلاث طرق: قانونيا بتعديل الدستور او سياسيا عبر اتفاق مع القوى السياسية الاخرى... وإلا فشعبيا على رغم محاذير هذا الخيار.

ومن يلتقي اياً من زعماء «14 اذار» يلمس بوضوح مدى الاصرار والثقة بتحقيق هذا المطلب الذي رفعته المعارضة السابقة (الاكثرية النيابية حاليا) في 14 مارس (اذار) 2005 بعد اجتماعها في اكبر حشد لبناني في ذكرى مرور شهر على اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، وذلك على رغم ان الافق الدستوري يبدو مسدودا امام الاكثرية النيابية والوزارية كونها لا تملك اكثرية الثلثين المطلوبة لتعديل الدستور بما يكفل تقصير ولاية الرئيس لحود الممددة 3 سنوات بضغط سوري وتعديل دستوري تم في سبتمبر (ايلول) 2004.

واذا كان المنطق الذي اخر اقالة لحود منذ انتصار المعارضة في الانتخابات النيابية في يونيو (حزيران) الماضي، يعتبر من المسلمات بين رجال القانون في لبنان، فان لقوى «14 اذار» رأيا آخر، على ما يبدو.

ويقول النائب وائل ابو فاعور (القريب من النائب وليد جنبلاط)، بصفته احد اعضاء اللجنة المكلفة تنظيم عملية اطاحة لحود، لـ «الشرق الاوسط» ان الزام قوى «14 اذار» نفسها بموعد معين لاسقاط لحود تم «لان الامور لم تعد تحتمل بقاء الرئيس لحود الذي يعرقل اعمال الحكومة واعادة الانطلاق بالبلاد»، مشيرا الى ان العمل انطلق فعليا باعداد عريضتين نيابيتين: الاولى موقعة من نواب سابقين يؤكدون فيها انهم صوتوا على التمديد لرئيس الجمهورية تحت التهديد (السوري). واشار الى ان هذه العريضة تفتح المجال امام عريضة اخرى يوقعها النواب الحاليون ويعتبرون فيها ان منصب رئاسة الجمهورية اصبح شاغرا ويدعون الى انتخابات لاختيار رئيس جديد. وكشف ابو فاعور عن وجود لجنة قانونية من قوى «14 اذار» للبحث عن صيغ تمكن من تخطي عقبة اكثرية الثلثين في مجلس النواب، وهي الاكثرية التي يفرضها الدستور لتعديل نصوصه، مشيرا الى وجهة نظر تستند الى القرار الدولي 1559 الذي صدر عشية تمديد ولاية لحود. ومن المعروف ان البند الاول من القرار يطلب اجراء انتخابات رئاسية حرة (كان هدفها احباط تمديد ولاية لحود)، ورأى انه يمكن الاستناد الى هذا القرار للمطالبة باسقاط لحود باعتبار ان القوانين الدولية تتقدم على القوانين المحلية. وكشف ايضا وجود توجه لارسال وفود نيابية الى الدول العربية لطلب المساعدة في «التخلص من لحود».

كذلك كشف ابو فاعور عن قيام اتصالات مع الكتل النيابية الاخرى للوصول الى اتفاق على اسقاط الرئيس لحود، موضحا ان قوى «14 اذار» تجري اتصالات مع كتلتي العماد ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري، فيما يجري النائب سعد الحريري اتصالات مماثلة مع «حزب الله». وفيما اعترف بأن هذه الاتصالات «لم تصل الى شيء ملموس بعد» أكد «مرونة قوى 14 اذار» واستعدادها للوصول الى تفاهمات، وقال: «اما آخر الدواء... فهو التحرك الشعبي»، مشيرا الى تحركات شعبية عبر عرائض يوقعها الناس ومهرجانات شعبية واعتصامات للمطالبة باسقاط لحود.

من جهته، اشار رئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى ان قوى «14 آذار» وضعت جانباً كل النقاط «الخلافية» مع القوى الاخرى وانها تركز جهودها على اسقاط لحود، معتبراً ان بقاء الاخير في منصبه اصبح «غير منطقي وغير مقبول وغير ممكن» في ظل الرفض الشعبي العارم له. واكد جعجع لـ «الشرق الاوسط» ان قوى «14 آذار» ماضية حتى النهاية في حملة اسقاط لحود وانها لن تتراجع حتى تحقيق مطالبها، ساخراً من حديث لحود عن «مؤامرات» غربية لاسقاطه.

بدوره استغرب رئيس كتلة «تيار المستقبل» البرلمانية النائب سعد الحريري اتهام قصر بعبدا (مقر رئاسة الجمهورية) الرئيس الفرنسي جاك شيراك بمساعدة قوى «14 آذار» على الانقلاب. وقال: «ان الرئيس شيراك وبلاده وقفا الى جانب لبنان في كل المراحل وأيدا القضايا العربية»، معتبراً «ان الانقلاب حصل مع التمديد للرئيس اميل لحود». واوضح ان «لا احد يتعدى على صلاحيات رئاسة الجمهورية المنصوص عليها في اتفاق الطائف».

ورد الحريري، في حديث اذاعي اجري معه امس، على سؤال حول موقف البطريرك الماروني نصرالله صفير الرافض اسقاط رئيس الجمهورية في الشارع، قائلاً: «ان هذا الموقف يشير الى موافقة البطريرك صفير المبدئية على ضرورة استقالة لحود»، مشدداً على التوافق بشأن الرئيس المقبل.

وعلى صعيد ذي صلة، جزم رئيس لجنة الادارة والعدل النيابية روبير غانم، المتحالف مع قوى «14 آذار»، بعدم امكانية تخطي الاكثرية لعقبة الثلثين، وقال لـ «الشرق الاوسط» ان الدستور نص صراحة على اجراءات تعديله، مشدداً على انه «لا يوجد اي نص يفرض على رئيس الجمهورية الاستقالة او يمكن المجلس من اقالته الا باتهامه بالخيانة العظمى أو بتعديل الدستور بغالبية تفوق الثلثين». وحذر غانم من ابعاد السعي الى انتخاب رئيس جديد قبل حسم وضع الرئيس الحالي «لأن لبنان سيصبح برئيسين. وهو ما من شأنه ان يزيد الامور تعقيداً». ودعا الى «دراسة معمقة» لفكرة الاستناد الى القانون الدولي، معتبراً انه «من حيث المبدأ، الامر غير ممكن. وذلك انه من غير الواضح قدرة مجلس الأمن على فرض مثل هذا التعديل خاصة في ظل عدم وجود سوابق».

لكن غانم يرى ان العريضة النيابية التي ترى ان لحود «رئيس غير شرعي» يمكن ان تسحب الشرعية الشعبية نظرياً منه باعتبار ان النواب يمثلون الشعب الذي انتخبهم وباعتبار ان رئيس الجمهورية ينتخب من هؤلاء النواب. لكنه اشار، في المقابل، الى ان نتائج العريضة «معنوية وسياسية» ولا مفاعيل قانونية لها.

وعلى الجانب الآخر، بدا ان «حزب الله» وحركة «امل» يتريثان في اتخاذ موقف من الخطوة بانتظار مواقف «قوى 14 اذار» اللاحقة. وقد استدعت التطورات عقد جلسة خاصة بين رئيس البرلمان و(حركة امل)، نبيه بري، والامين العام للحزب، الشيخ حسن نصر الله، خلصا خلالها الى الاتفاق على انتظار ما ستؤول اليه الامور، مع قرار مبدئي بعدم توقيع العريضتين.

وقال نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم امس ان الحزب لن يوقع العريضة التي تطالب بانهاء ولاية الرئيس لحود «لانها تمثل رؤية سياسية مختلفة عن رؤية الحزب». ورأى انها «تعبر عن موقف سياسي وليس عن اداء قانوني لان القانون يتطلب آلية مختلفة». وقال: «اننا مع سلوك كل السبل السياسية والسلمية التي تؤدي الى ان يعبر كل فريق عن قناعته ويتحمل مسؤوليتها. ونحن لا نخاف من التعبير السياسي او السلمي ولا من اي نوع من انواع التعبير التي تبقى في دائرة المشروعية».

وامس كرر البطريرك الماروني نصر الله صفير تحذيره من اللجوء الى الشارع، معتبراً «ان ما سمعناه من اقوال في هذه الايام الاخيرة، بعضها فيه الكثير من التهديد والوعيد، وما قد تنجم عنه من ثورة غضب متصاعدة، وعواقب وخيمة لم ننس بعد ما اصابنا منها على مدى سنوات». وقال: «هذا الاصطفاف، فريقا قبالة فريق، كأن هناك حربا منتظرة سيخوض غمارها من لم ينسوا بعد ما جرته عليهم من ويلات، كل هذا لا يبشر بخير، لا بل انه ينذر بشر مستطير. وكلنا نحمل، بحسب مسؤولية كل منا، وزر ما يحدث، وان بمقادير مختلفة». ونقل عنه وزير سابق تنبيهه الى «خطورة الاحتكام الى الشارع في موضوع رئاسة الجمهورية لان في لبنان اكثر من شارع. وهذا الامر خطير».

وابدى تيار العماد ميشال عون استعداده للقبول باقالة الرئيس لحود «شرط عدم الوقوع في الفراغ». وقال النائب سليم عون: «هناك سوء فهم لموقف التيار الوطني الحر من قضية اقالة الرئيس لحود، فالتيار لم يكن يوما مع بقائه. وهو يلتقي في الهدف مع قوى 14 آذار، لكنه كان دائما يدعو الى البحث في مرحلة ما بعد رحيله لعدم العودة الى النهج السابق». وأكد أن «التيار لا يريد شخصا تابعا يصل الى رئاسة الجمهورية بل شخصية قادرة على الحوار مع الجميع». وقال: «نعم لاقالة الرئيس لحود لكننا ضد الفراغ والعودة الى النهج السابق. ويدنا ممدودة للجميع».

اما النائب علي حسن خليل، القريب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، فقال ردا على سؤال حول موقف «امل» من اقالة لحود: «المطلوب في هذه المرحلة ان نحسب بشكل دقيق انعكاس اي خطوة او قرار على وضع الاستقرار العام في البلد»، مشيرا الى «ان موقف الرئيس بري من هذا الموضوع قاله قبل اشهر بأنه يقف خلف البطريرك صفير كقيمة معنوية ووطنية وان الخطاب الذي يتحدث به البطريرك ويقارب هذه القضية سيكون هو الخطاب الذي نتبناه، لان الخطاب الحريص هو في ان يصل التعاطي مع القضية الى مكان يضمن الاستقرار السياسي ويضمن بشكل او بآخر الوصول الى النتائج بعيدا عن التشنجات».