معركة الانتخابات الفرعية في جبل لبنان انتهت «حبيا» بعد اختيار الفرقاء الرئيسيين دكاش «مرشحا توافقيا»

TT

انتهت معركة الانتخابات الفرعية في دائرة بعبدا ـ عاليه في جبل لبنان امس قبل ان تبدأ، باعلان التوافق على النائب السابق بيار دكاش كمرشح للمقعد الذي شغر بوفاة النائب الراحل ادمون نعيم. وقد اعلن التوافق في الوقت نفسه من ثلاثة مواقع هي مقر النائب ميشال عون الذي كان دكاش احد مرشحيه للانتخابات عام 2005، ومقر رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي كان نعيم عضوا في كتلته النيابية، ومقر النائب وليد جنبلاط الذي يعتبر احد القوى الناخبة الاساسية في المنطقة. وينص الاتفاق على عدم انضمام دكاش الى كتلة عون وتعهده العمل بـ «وحي من ضميره» في القضايا المهمة في مجلس النواب.

وقد جنب الاتفاق منطقة بعبدا ـ عاليه معركة قاسية كان يتوقع ان تدور رحاها بين «القوات» مدعومة من الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه جنبلاط، والنائب عون الذي كان من المرجح ان يحظى بتأييد «حزب الله» الحليف السابق لجنبلاط.

ولقي التوافق ترحيبا فوريا من القوى السياسية والمسؤولين، وكان في مقدم المهنئين رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، الذي اعرب عن ترحيبه بالنتيجة التوافقية التي تم التوصل اليها بالنسبة الى المقعد النيابي في منطقة بعبدا ـ عاليه حول الدكتور بيار دكاش «لأنها تجنب البلد معركة هو بغنى عنها في هذه الظروف»، معتبرا ان ما حصل يثبت «ان بامكان اللبنانيين، اذا ما عقدوا العزم، على ان يتوافقوا على امورهم، فهم قادرون».

وكان سيناريو اعلان التوافق بدأ مع زيارة قام بها نائب رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان للنائب ميشال عون الذي اعلن عقب اللقاء التوافق على ترشيح بيار دكاش للمقعد الشاغر في بعبدا ـ عاليه. وقال: «نتمنى ان تعم سياسة التفاهم جميع المواضيع العالقة التي تتضمن اشكاليات حساسة كي نحلها بالحوار بدل حلها بالمعارك والتصادم»، موجها الشكر ايضا الى البطريرك الماروني نصر الله صفير الذي دعا الى التوافق.

وسئل عون اذا كان التوافق سينسحب على ملف رئاسة الجمهورية الذي يعمل عليه فريق «14 اذار» فاجاب: «لقد تمنينا ان ينسحب التوافق على كل المشاكل العالقة، وبالتأكيد قضية رئاسة الجمهورية وغيرها من القضايا العالقة. اذ يجب ان تكون كل القضايا موضع بحث، لانه في ظل اي نظام دستوري من الطبيعي ان يكون الحوار داخل المؤسسات، ففي اي بلد في العالم تبحث الخلافات على المواقع الدستورية والصلاحيات ضمن المؤسسات الدستورية وبين القوى الموجودة فيها... ونشير الى ان هناك قواعد لحل القضايا دستوريا بعيدا عن اشراك الناس فيها، لان الناس عندما انتخبونا نوابا، انتخبونا لكي نأخذ المشاكل على عاتقنا وكي لا نحملهم اياها».

ورفض عون توصيف قبول قوى «14 اذار» بدكاش الذي كان على لائحته في الانتخابات السابقة وخسر بانه انتصار. وقال: «هدفنا ان نشجع سياسة التفاهم في مختلف القضايا التي يمكن ان نحلها من دون ان نكلف الناس اي عناء او قلق او مشاكل».

اما النائب عدوان فوصف ما حدث بانه «خاتمة سعيدة». وقال: «نحن اليوم معا ضمن هذا المناخ الجيد الذي اراح ويريح الناس وناخبي بعبدا ـ عاليه. ففي استطلاعات قمنا بها كان هناك 62% من ناخبي بعبدا ـ عاليه يريدون ان تتم الانتخابات بالتوافق. ونحن نحقق لهم رغباتهم. وهم اكثرية سكان بعبدا ـ عاليه واكثرية اللبنانيين واكثرية المسيحيين، لان هذه المعركة الانتخابية حققت خطوة مهمة بهذا الشكل. وقد فتحنا ابوابا للتعاطي الهادئ بكل الامور».

وفي الوقت نفسه، عقد جعجع مؤتمرا صحافيا في مقره في الارز اعلن فيه التوافق على مقعد بعبدا ـ عاليه بمساعي البطريرك الماروني نصر الله صفير ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط. وقال: «ان الدكتور دكاش من النواب الذين صنعوا الطائف. لقد حاولنا ان يكون رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون لكي يكون للحزب مقعد نيابي، ولكننا لم نوفق لانها مسألة توافقية». وشكر كل الذين حضّروا لمعركة بعبدا ـ عاليه اذا كانت ستحصل وللقواتيين بشكل خاص الذين هيأوا انفسهم للمعركة لو حصلت. ووجه تحية كبيرة الى الاعلامية مي شدياق لـ«نضالها الطويل» وتمنى ان ينسحب التوافق على بقية الامور وخصوصا رئاسة الجمهورية.

اما جنبلاط، الذي زاره دكاش في المختارة امس، فاعتبر «ان لبنان قد انتصر بالتوافق على مرشح بعبدا ـ عاليه بيار دكاش» كما «انتصرت ارادة البطريرك في الوفاق، وانتصرت قوى 14 اذار في الوفاق من اجل التأكيد على وحدة الصف والموقف لقوى 14 اذار وللبنان المستقل السيد الحر» مشددا على «اننا امام استحقاق اكبر هو رئاسة الجمهورية».

اما دكاش فرأى «ان الانتصار اليوم هو انتصار لكل لبنان واللبنانيين ولجميع الفرقاء في لبنان. وهذا دور صعب. وبالامس كان مستحيلا ربما واليوم اصبح حقيقة واقعية». وقال: «اعتقد انني احمل اليوم مسؤولية كبرى في ان اتابع هذه الجهود من اجل جمع جميع الصفوف اللبنانية لان هذه هي الرسالة التي حملتها لنفسي والتي اسعى دائما الى تحقيقها».

وكان دكاش زار النائب سعد الحريري، مشيرا الى انه لمس منه «كل تأييد لأي وفاق يحصل بين اللبنانيين». وقال: «هذا ليس بغريب عنه على الاطلاق لان والده كان كذلك، كان دائما يحب الحلول، ليس الحلول الوسطية بل الحلول التي تنبع من وفاق بين مختلف الافرقاء في لبنان».