أنباء عن نقل مغربي من «عرب البوسنة» إلى غوانتانامو

TT

أفادت مصادر بوسنية مطلعة أمس أن المغربي سعيد العثماني الذي أعلن عن ترحيله إلى المغرب في 8 فبراير شباط (الحالي)، لم يتم تسليمه إلى بلاده، وانما إلى الاستخبارات الاميركية التي نقلته بدورها إلى معتقل غوانتانامو الاميركي بكوبا، على غرار ستة جزائريين تم نقلهم سنة 2002 إلى غوانتانامو بعد اتهامهم بتهديد السفارتين الاميركية والبريطانية في سراييفو، في أعقاب أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وقال موقع بوسني على الانترنت، نقلا عن مصادر بوسنية رفيعة المستوى إن العثماني، تم نقله إلى مطار سراييفو، وأعلن عن ترحيله إلى بلده المغرب، ولكنه تم تسليمه بعد يوم من ذلك الى الاستخبارات الأميركية التي نقلته عبر مطارات اوروبية أخرى إلى معتقل غوانتانامو، وهو ما يعني أن محطات الترانسفير الاوروبية التي تستخدمها الاستخبارات الاميركية، لا تزال على حالها». وقال المصدر إن «حملة إعادة النظر في الجنسية البوسنية الممنوحة لأكثر من 700 عربي منذ 1992 وحتى يناير (كانون الثاني) 2006 تهدف لسحب الجنسية البوسنية من المواطنين العرب، تحت الضغط والتهديد في الداخل والخارج. وأكد محامي العثماني، قدري كوليتش في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الاوسط» نبأ نقل موكله العثماني إلى معسكر غوانتانامو، مشيرا الى «ان موكله يقع ضحية للمرة الثانية ضحية الألاعيب السياسية والحرب على الابرياء باسم محاربة الارهاب»، رغم أن موكله لم تثبت عليه أي تهمة في هذا الصدد. وعما إذا كان غير متأكد تماما من نقله إلى غوانتانامو، بعد ذكره السجون السرية، قال «وصلتنا معلومات تفيد بنقله الى غوانتانامو». وعن الاتهامات الموجهة إلى موكله، أفاد بأن «العثماني لم تثبت عليه أي تهمة تتعلق بالارهاب أو غيره». وكان العثماني قد قدم الى البوسنة سنة 1993، وانضم إلى الجيش البوسني «عندما كان الكثير من البوسنيين يفرون من البلاد». وشارك في بداية 1994 في العمليات العسكرية التي دارت بين الجيش البوسني والجيش الكرواتي في منطقة فيتز بوسط البوسنة، وأصيب في تلك العمليات بجروح بليغة. ويقول عنه من يعرفه أنه «كان يرابط في الصفوف الاولى حتى نهاية الحرب» ثم سافر الى كندا للحصول على حق اللجوء السياسي، لكنه لم يتمكن من ذلك، بعد أن تم رفض طلبه. وتعرف في كندا على الجزائري احمد رسام الذي اعتقل في الولايات المتحدة بعد ذلك بتهمة الارهاب. وفي نهاية 1988 عاد العثماني مجددا إلى البوسنة، حيث تعرف على زوجته البوسنية سمرة هوجيتش، لكنه لم يظل معها طويلا حيث طلبت فرنسا من الحكومة البوسنية السابقة تسليمه إليها بعد توجيه اتهامات له بالارهاب. وتم تسليمه بالفعل سنة 2002 إبان تسليم 6 جزائريين إلى الاستخبارات الاميركية، والتي نقلتهم بدورها إلى معسكر غوانتانامو حيث يقبعون هناك منذ أكثر من 4 سنوات. وبعد 4 سنوات قضاها داخل السجن بفرنسا عاد العثماني إلى البوسنة. وأثارت عودته ردود فعل كثيرة من قبل الصرب والكروات، غير الراغبين في الوجود العربي بالبوسنة مهما كان نوعه.

وكانت آخر كلمة قالها العثماني لزوجته قبل ترحيله «إن الله ولي المؤمنين، ولن يضيعهم». وقالت سمرة لـ«الشرق الاوسط» «تزوجنا سنة 1999، وكنا سعداء مع بعضنا بعضا حتى 2001 عندما تم اعتقاله في زينتسا (وسط البوسنة) ومنذ ذلك الحين وأنا أعاني من صروف الدهر». وتابعت «بعد اعتقاله لم أسمع عنه شيئا طيلة ثلاثة اشهر، وكان ذلك صعبا علي للغاية». واردفت «كنت أشكو من ظروف نفسية واقتصادية غاية في الصعوبة، وكنت مثل المغمى عليها، ولم أعرف ماذا افعل». وأضافت بعد 3 اشهر، وصلتني رسالة من زوجي تقول إنه مسجون في فرنسا بتهمة الارهاب وإنه حكم عليه بخمس سنوات سجنا، لم يقضها كاملة، ثم عاد للبوسنة. في العام الماضي تلقيت اتصالا هاتفيا، وكان العثماني على الخط، أخبرني بأنه في سراييفو، وكنت أكاد أطير من الفرحة، وكنت أعتقد بأن ذلك نهاية التعب. كنت في تلك الفترة حاملا، لكن الاخبار السيئة برزت من جديد، إذ اتصلت الشرطة بزوجي وأخبرته بأن الجنسية البوسنية سحبت منه. شعرت بالصدمة وتيقنت أن وراء ذلك فصلا جديدا من المعاناة». وبعد سحب الجنسية منه، تقدم العثماني بطلب اللجوء السياسي، لكن طلبه رفض، وطلبت منه الاستخبارات البقاء في بيته إلى إشعار آخر. وبعد مضي عدة أيام جاء عناصر الاستخبارات واقتادوه الى مطار سراييفو. وتقول زوجته «في الساعة الثامنة صباحا من يوم 8 فبراير، طرق الباب، وقد سارعت بفتحه فوجدت الشرطة الذين طلبوا حضور زوجي، وسرعان ما وضعوا الحديد في يديه، واقتادوه إلى المطار».

من جهة أخرى، أكد مدير الأمن البوسني زلادكو ميليتيتش أمس الانباء التي تحدثت عن وجود مراقبة صارمة للعرب الموجودين في البوسنة، ولاسيما المقاتلين السابقين في الجيش البوسني. وقالت إذاعة بي 92 الصربية، صباح أمس إن 250 عربيا يخضعون للرقابة اللصيقة بحثا عن علاقات لهم بالمنظمات الارهابية. وقالت «هناك 750 عربيا حصلوا على الجنسية البوسنية منذ الحرب، من بينهم تسعة أفراد على قائمة أكثر المطلوبين المتهمين بالارهاب». وتابعت «الشرطة والاستخبارات البوسنية شكلت 9 فرق لمراقبة 16 شخصا يمكن أن تكون لهم علاقات مع منظمات ارهابية». وقال مليتيتش إن «الذين تتم مراقبتهم بصفة لصيقة، ليسوا متهمين بالارهاب فحسب، بل هناك شكوك في ضلوعهم في تجارة السلاح، على المستوى الدولي، وغيرها من الجرائم».