أميركية فقدت والدتها في 11 سبتمبر تسعى في جدة «لكبح جماح عداء الثقافات»

تتفادى مشاهدة الأحداث مجدداً وتقول إن الإرهاب لا دين له ولا وطن

TT

يقال إن جروح الذاكرة تتسع مع مرور الزمن ولا تندمل، وسونيا تيتايوبولو التي حطت رحالها في السعودية أخيراً مثال على ذلك.

سونيا ابنة احدى ضحايا 11 سبتمبر، زارت السعودية الأسبوع الماضي لحضور فعاليات المنتدى الاقتصادي السابع في مدينة جدة والذي اختتم الاسبوع الماضي. وتحدثت عن تجربتها مع سيدات أعمال وفعاليات نسائية مشاركة بجانبها.

سونيا التي كانت تتحدث وهي ترتدي العباءة السعودية، أكدت أنها قررت المجيء مساهمة منها في كبح جماح العداء بين الثقافات، «ولبناء جسور مع السعوديين أساسها الحوار واحترام الآخر»، مشيرة في سياق اخر في حديثها الى أن «الارهاب لا دين له ولا وطن». وعن قصة والدتها، التي تحمل نفس الاسم (سونيا) قالت انها «كانت على متن رحلة الخطوط الأميركية (أميركان إيرلاينز)، رقم 11، متجهة من مدينتنا بوسطن إلى نيويورك، ولكنها ماتت بعد اصطدام الطائرة في البرج الأول لمركز التجارة العالمي».

وتقول «لم أشاهد الحادث ساعة وقوعه، وأتغاضى عن مشاهد الإعادة له في القنوات الإخبارية، لقد كان دموياً وعنيفاً ومحزنا».

وتتلخص فلسفة سونيا، التي تزور السعودية للمرة الثانية، عن الإرهاب انه «رغم وحشيته وقسوته إلا أن له جانباً إيجابياً لا يبرر حدوثه مرة ثانية، وذلك الجانب في أنه ساهم بتعريفي في ثقافات ومشاكل العالم الذي أعيش فيه».

تقول الدكتورة هيفاء جمل الليل، عميدة كلية عفت الخاصة «سونيا تمثل بعداً آخر في طبيعة العلاقة الأميركية ـ السعودية. تمثل العلاقات الانسانية بين المجتمعات بعيداً عن السياسة والعلاقات الدولية».

وتضيف «لا بد من الاشارة الى أن سونيا هي من بادرت بابداء رغبتها في المجيء للحديث عن الموضوع، واظهار احترامها للمجتمع السعودي. وتوضيح تجربتها الشخصية الانسانية المجردة. واظهار معاناتها من فقدان والدتها في الأحداث بجانب الاف الضحايا الأميركيين».

سونيا الحاصلة على درجة البكالوريوس في الاتصالات السياسية، والماجستير من جامعة هارفارد شاركت في العديد من المؤتمرات حول العالم لتبيان رأيها الشخصي والمجرد من الطابع السياسي. وبالعودة لجمل الليل ترى أنه «من المهم اطّلاعنا على تجربة سونيا، لنفهم حجم المعاناة الانسانية لمن فقدوا اعزاء عليهم في الأحداث. أعتقد أن مشاركتها كانت مفيدة في ايجاد لغة للتواصل بين المجتمعات، علاقة قوامها انسان وموجهة لانسان».

وتقول مضاوي الحسون عضو مجلس إدارة غرفة جدة: إن منتدى جدة عندما فكر في استضافة سونيا كان يؤكد أن هدفه نقل الحضارات وتأكيد التواصل بين الشعوب ونقل رسائل باتجاهين من السعودية للعالم وكذلك من العالم للسعودية.

وقالت «أنا أؤكد أن الأثر الذي تركته كان عميقا ومهما في التعرف على وضعها الإنساني.. لقد شكلت للسعوديات مثالا يحتذى في التسامح».

وتقول عبير حجر مديرة خدمات العملاء في شركة الإبداعية للعلاقات العامة (إحدى الجهات المنظمة لمنتدى جدة الاقتصادي)، ورافقت سونيا خلال الفعاليات «لم يكن هناك حديث طويل بيننا، باستثناء روايتها لقصة والدتها قبل إلقاء كلمتها لي، وهدفها من الحضور بناء علاقات مع سعوديين، ومعرفتهم عن كثب».

وفي المنتدى قالت سونيا: «سأقول: لماذا (why)؟»، اذا ما قابلت أسامة بن لادن وجهاً لوجه في يوم من الأيام، وهو المسؤول الأول عن مقتل والدتها في أحداث سبتمبر 2001، مع آلاف الأميركيين، وذلك بعد استقلالها للطائرة، التي كان يقودها زعيم الهجوم محمد عطا وأول من اصطدم ببرج التجارة العالمي.

وتطالب سونيا ذات الشعر الذهبي المتدلي من غطاء وضعته على رأسها، الدول والحكومات حول العالم بضرورة سد الفجوة الحوارية بين شعوب دولهم، وتنتقد قائلةً «رغم التطور التكنولوجي في وسائل الاتصال، إلا أننا لا نستثمر هذا التطور في بناء حوار يعرف بالحضارات، ويزيد روابط الاحترام والتفاهم الثقافي بين الشعوب».

وسونيا منخرطة كأحد اعضاء لجنة التبادل السعودي ـ الأميركي، والتي انضمت لها عبر أستاذها البروفيسور جيه غريغوري باين من جامعة إميرسون، ومؤسس اللجنة، وتعد إحدى الأصوات الرئيسية في المساعي الشعبية في أميركا، وتقوم بجمع التبرعات للضحايا والمنكوبين جراء الكوارث الطبيعة، كالمتضررين من إعصار كاترينا، والزلزال في شمال باكستان.

وتقول سونيا عن والدتها حابسة دموع الذكريات بين جفونها «والدتي كانت تعمل في أحد المراكز المختصة بالتأهيل والرعاية لمن يعانون إعاقة عقلية، وكانت تبلغ 58 عاما حين ماتت، ولم تكن تحمل الضغينة أو العداء لأي أحد»، وتضيف مع حركات تعبيرية تنطلق لا إراديا من يديها «أفتقدها كثيرا، أنا وإخوتي».

وفي منتدى جدة جرى نقاش حول العلاقات الاميركية ـ السعودية وسأل الكثير من السعوديين كيف يمكن لبلد تبنى الكثير من أساليب الحياة الأميركية خصوصا وجبات الأكل السريع والسيارات والتعليم أن يتعرض للنقد الشديد بهذه الدرجة.

وقال عمر زياد كبير الموظفين في بنك الاستثمار «يشعر الناس بحالة من الحيرة هنا لما يشاهدونه في الولايات المتحدة. نحن نعرف ما يجري هناك. نحن عشنا في الولايات المتحدة».

ونقلت وكالة اسوشيتدبرس عن زياد واخرين ان السعودية انفقت الكثير من ثروتها النفطية تحارب المتطرفين المرتبطين بالقاعدة الذين قتلوا العديد من الغربيين والسعوديين في هجمات منذ 2003. وذكر السعوديون، انهم ضحايا للقاعدة، ويعتقدون انه لم يقدر احد جهودهم في مكافحة الارهاب بدرجة كافية. وقال صقر نادر شاه، البالغ من العمر 38 سنة، المدير في البنك الاهلي التجاري في جدة «نعاني من الارهاب، قتل واحد من افراد اسرتي في السعودية في انفجار قنبلة. لماذا يجب علينا تأييد الارهاب».

وكانت الحكومة السعودية قد، بدأت أخيرا في شن حملة علاقات عامة في الولايات المتحدة وبعثت بسفيرها وعدد اخر لنشر وجهة النظر السعودية بين الجماعات المدنية الاميركية.

وبين اصدقاء السعودية غريغوري باين وهو استاذ الاتصالات في جامعتي ييل وتفتس، الذي رتب برامج تبادل الطلاب والتي كانت جزءا اساسيا في علاقات البلدين ان عدد الطلاب الاميركيين الراغبين في المشاركة في تلك الرحلات زاد عن العدد المحدد.

وعرض فيلما وثائقيا عن زيارة لطلاب جامعتي هارفارد وييل اعربوا فيها عن مخاوفهم المبدئية لزيارة المملكة، واختلاف مشاعرهم بعد الوقوف على كرم الضيافة السعودي. وسأل واحد من الحضور في المؤتمر بيتر روبرتسون، نائب رئيس شركة شيفرون للنفط، لماذا لا يدافع مديرو شركات النفط الاميركية عن المملكة. ورد روبرتسون «لست متأكدا من قدرتنا على مساعدتكم كثيرا».