وزيرة الخارجية الأميركية تركز على مخاطر النشاط النووي الإيراني .. وتجدد شروط التعامل مع «حماس»

TT

عقدت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس فور وصولها إلى القاهرة بعد ظهر أمس سلسلة من الاجتماعات مع المسؤولين المصريين في مقدمتهم عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصرية ثم التقت رئيس الحكومة الدكتور أحمد نظيف، واجتمعت بعد ذلك مع نظيرها المصري أحمد أبوالغيط، وتلتقي اليوم الرئيس المصري حسني مبارك وممثلي منظمات المجتمع المدني.

وأكدت المصادر أن رايس حاولت التركيز على الملف النووي الإيراني ومخاطره وضرورة انصياع حركة حماس للشروط الأميركية الثلاثة حتى ترفع الحظر عن الحكومة الفلسطينية الجديدة وهي الاعتراف باسرائيل والالتزام بالاتفاقيات الموقعة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل ونبذ العنف، كما عرضت على المسؤولين المصريين ترتيبات خطة أمنية يتم تنفيذها في قطاع غزة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الجانب المصري طالب رايس بالتركيز على القضايا العاجلة التي تمس استقرار منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها عملية السلام والاعتراف بنتائج الانتخابات في الأراضي الفلسطينية والتي فازت فيها حركة حماس من منطلق أن هذه الانتخابات أجريت على أساس اتفاق «أوسلو» وهو ما يشير إلى الاعتراف الضمني لحماس بالاتفاقيات.

وأفادت مصادر مطلعة أن القاهرة تتوقع تفهماً أميركياً فيما يتعلق بالتعامل مع حركة حماس واعطائها الفرصة لتشكيل الحكومة الفلسطينية، وقد يحدث تغيير في اتجاه خدمة السلام كما طلبت القاهرة أيضاً الانتظار لحين رؤية ما ستسفر عنه الانتخابات الاسرائيلية في مارس (آذار) المقبل. وبالنسبة للملف السوري اللبناني استبعدت المصادر أن تكون رايس جادة فيما أعلنته بشأن العودة بالموضوع السوري إلى مجلس الأمن نظراً للموقف المعقد حالياً بشأن تعامل واشنطن مع ايران وكذلك المشاكل التي تعاني منها أميركا في العراق. وتوقعت مصادر دبلوماسية أن يزور الرئيس المصري حسني مبارك دمشق بعد زيارة رايس للقاهرة خاصة بعد الاتصالات المتبادلة بين الرئيسين المصري والسوري خلال الساعات الماضية وكذلك في ظل تأجيل زيارة الوزير عمر سليمان إلى كل من سورية ولبنان، بسبب المعارضة اللبنانية ورفضها للمبادرة المصرية السعودية. وأضافت المصادر أنه من بين الملفات الشائكة التي شملتها مباحثات رايس في القاهرة الملف السوداني الذي حظي باهتمام الطرفين، حيث جددت مصر تأكيدها ضرورة اعطاء الفرصة للاتحاد الأفريقي لمعالجة الأوضاع في دارفور.

وعلى صعيد العلاقات الثنائية اهتمت مصر باعادة طرح تنشيط الحوار المصري الأميركي الاستراتيجي كوسيلة للتشاور حول كل الملفات المفتوحة.

وتوقعت مصادر مصرية أن يقوم الرئيس حسني مبارك بزيارة واشنطن خلال العام الجاري ورجحت اتمام الزيارة بعد انعقاد القمة العربية في الخرطوم إلا أن الموقف الرسمي المصري لم يعلن صراحة لزيارة الرئيس لأميركا مكتفياً بالإشارة إلى أنها ستتم في العام الجاري. وأكدت مصادر مطلعة أن وزيرة الخارجية الأميركية عرضت على المسؤولين المصريين ترتيبات خطة أمنية يتم تنفيذها في قطاع غزة، وقالت المصادر إن الجانب المصري سيقوم بعرضها على عدد من قيادات حماس ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي سيزور القاهرة خلال الأسبوعين القادمين وهو ما أكده مسؤول بمكتب أبومازن لـ«الشرق الأوسط».

يأتي ذلك فيما قالت مصادر دبلوماسية غربية بالقاهرة إن هناك انقساماً حول المعونات التي ستقدمها الدول المانحة للسلطة الفلسطينية وحكومة حماس، حيث رفضت بعض الدول طلب واشنطن بعدم تقديم معونات لحماس ومن بينها روسيا، بينما لم تحسم دول أخرى مثل النرويج ومجموعة الدول الإسكندنافية موقفها بشأن المعونات. وقال دبلوماسي غربي رفض نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده رفضت طلباً أميركياً بقطع المعونات عن حركة حماس ولم تحسم أمرها بعد لكن المؤشرات تؤكد أن بلاده لن تقطع المعونات عن حماس بعد التنسيق مع دول أخرى في الاتحاد الأوروبي ودول عربية لانشاء هيئة رقابية على الأموال المقدمة من الدول المانحة للفلسطينيين.

وقال مسؤول أميركي إن رايس أكدت لمسؤولين مصريين أنها لن تتدخل في قرار مصر والسعودية أو أية دولة عربية تتخذ قراراً بالتعامل مع حماس وامدادها بالأموال تحسباً لتدخل ايران وحزب الله اللبناني بتقديم دعم مالي لحكومة حماس، لكنها حذرت من أن تذهب هذه الأموال إلى أنشطة تعتبرها واشنطن ارهابية وهو ما سيضع الادارة الأميركية في حرج شديد حيث أن القانون الأميركي سيعتبر هذه الأموال والجهات المانحة لها مصدراً لتمويل الارهاب، وأكدت المصادر أن مصر وعدت بترتيب الأمور بشكل جيد مع حماس وأبومازن.

ومن المقرر أن يلتقي الرئيس حسني مبارك صباح اليوم مع كوندوليزا رايس على افطار عمل، تغادر بعدها مقر الرئاسة المصرية إلى السفارة الأميركية للاجتماع مع عناصر منظمات المجتمع المدني المصرية بينهم هشام قاسم رئيس لجنة الشؤون الخارجية لحزب الغد المعارض وعضو المنظمة المصرية لحقوق الانسان والدكتور علي السمان رئيس لجنة الحوار بين الأديان بالأزهر الشريف ورئيس مركز ابن خلدون الدكتور سعد الدين ابراهيم وهالة مصطفى رئيسة تحرير مجلة الديمقراطية والدكتورة منى زكي مديرة بقسم العلاقات العامة بالجامعة الأميركية وطارق حجي الرئيس السابق لشركة شل للبترول.

وقال السمان لـ«الشرق الأوسط» إن اللقاء لن يكون لالقاء الخطب بل حديث مشترك بيننا وبين الوزيرة ولا يمكننا الحديث عن تفاصيله قبل أن يعقد لكن بشكل عام سنناقش الأوضاع الحالية، وأضاف «وبالنسبة لي أرى ضرورة تجاوز الخلاف حول قضية الرسوم المسيئة للرسول والتي نشرتها الصحف الغربية أخيرا، والانطلاق إلى نقطة هامة أخرى من أجل الوصول إلى صيغة لبدء حوار يفيد العالم».

وأضاف السمان أنه سيؤكد لرايس أن أهم نقطة بالنسبة له هي ضرورة الانسحاب الاسرائيلي من الأراضي الفلسطينية وأن أهم خدمة لأصدقائهم بالمنطقة هي حل النزاع العربي الاسرائيلي، ونفى السمان أن تكون أجهزة الدولة المصرية قد وضعت أية محاذير أو أجرت اتصالاً به من أجل عدم الخوض في أية أمور تتعلق بالرئيس مبارك أو الوضع الداخلي قائلاً: «لم يحدث أن اتصل بي أحد وأنا لست في حالة دفاع عن الحكومة أو الأحزاب المصرية فأنا لا أنتمي لأحد، أنا مصري فقط وسأقول ما يمليه علي ضميري».

وأشارت المصادر إلى أن اللقاء بين رايس ورموز منظمات المجتمع المدني سيتناول قضية الانتخابات المصرية الأخيرة وتأجيل انتخابات المحليات وقضية الدكتور أيمن نور، والوضع الاقتصادي وتأجيل اتفاق التجارة الحرة بين مصر وأميركا.

وأوضحت المصادر أن لقاء رايس ومنظمات المجتمع المدني يأتي في اطار توصيات الكونغرس الأميركي للادارة الأميركية بضرورة فتح قنوات مع هذه المنظمات في مختلف أنحاء العالم.

وقال مصدر مصري مقرب من مباحثات كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية في القاهرة إن الوزيرة الأميركية اجتمعت في الرابعة والنصف عصراً مع الوزير عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصرية في مكتبه واستمر الاجتماع قرابة الساعة.

وقال المصدر إن مباحثات رايس وسليمان تناولت أربع قضايا هي سبل التعامل مع حركة المقاومة الاسلامية «حماس» والعراق والأزمة السورية والعلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة، فيما رفض الكشف عما دار في المباحثات حول هذه القضايا، غير أنه كشف أن رايس لم تطلب من القاهرة الضغط على حركة «حماس»، وعلق قائلاً لـ«الشرق الأوسط» حتى لو طلبت ذلك فإننا لن نفعل لأنه ليس من السهل أن تقدم «حماس» تنازلات أو تبدل برنامجها بدون مقابل.