البطريرك صفير يعطي «الضوء الأخضر» لإسقاط لحود

دعا لاعتماد الوسائل القانونية ولم يمانع في النزول إلى الشارع شرط الوقوف «عند حد»

TT

ركزت قوى الاكثرية النيابية في لبنان تحركها أمس على معركة اسقاط رئيس الجمهورية اميل لحود منطلقة من «الحشد المليوني» الذي شهدته ساحة الشهداء في بيروت بمناسبة الذكرى السنوية الاولى لاغتيال الرئيس رفيق الحريري. واللافت امس كان الموقف الذي اطلقه البطريرك الماروني نصر الله صفير بتأييده اسقاط لحود بالوسائل القانونية رغم رفضه توجه الجماهير الى قصر بعبدا لإطاحة الرئيس بالقوة. وقال صفير في هذا الصدد: «يمكن ان ينزلوا الى الشارع ولكن ينبغي ان يقفوا عند حد».

وكان زعيم «التيار الوطني الحر» رئيس كتلة «التغيير والاصلاح» النائب العماد ميشال عون حذر من التوجه بالمتظاهرين الى قصر بعبدا. فيما اعتبر رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع ان هناك متسعاً من الوقت حتى تاريخ 14 مارس (آذار) لإسقاط الرئيس لحود، متحدثاً عن «وسائل كثيرة لتحقيق ذلك قد تفاجئ البعض».

وأكد جعجع، في لقاء اعلامي عقد امس «العمل بكل الوسائل المتوافرة القانونية والدستورية» في التعاطي مع موضوع رئاسة الجمهورية، مشيرا الى «ان من حق الناس التعبير عن رأيها والنزول الى الشارع. وهي ليست المرة الاولى التي تعبر فيها عن آرائها. وهذه هي الحال في معظم الدول الديمقراطية»، وقال: «هناك مظاهرات تحصل من اجل مطالب اجتماعية، فكيف اذا كان المطلب هو تحرير رئاسة الجمهورية في لبنان؟».

من جهته قال وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت تعليقاً على الموقف الذي كان جعجع قد لوح به بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء التي سيرأسها لحود: ان هذا الموضوع سيتم بحثه خلال اجتماع لقوى 14 آذار لاتخاذ موقف موحد... واعتقد ان هناك امكانية لعقد جلسة هادئة وان تستمر معالجة امور الناس بشكل جدي، خصوصاً اذا ادرك الرئيس لحود ان من مصلحة البلاد ان لا يحضر هذه الجلسة. وان حضرها فبالتأكيد هناك موقف سيتم تداوله قبل الجلسة».

وفي اطار الجدل الدائر حول الرئاسة اللبنانية، قال عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا، امس: «ان التمديد الذي تم قسراً وبقرار من رأس النظام السوري وأملي على النواب اللبنانيين والحكومة اللبنانية، لم يعد مقبولاً ان يستمر. لذلك فان رحيل الرئيس لحود هو بداية المعالجات... لان استمراره يعرقل مشروع بناء الدولة».

واضاف زهرا: «ان قوى 14 آذار وغالبية اللبنانيين اتخذت قراراً بمعالجة الموضوع الرئاسي وبحسم الشلل على مستوى رئاسة الجمهورية». وأشار الى ان البطريرك الماروني نصر الله صفير «لا يشجع على التحرك الشعبي، لكنه كان مرتاحاً الى التحرك الذي جرى في 14 شباط. وهذا التحرك اوحى لقوى 14 آذار بحسم الموضوع في رأس الهرم في السلطة».

وعلى صعيد ذي صلة، حذر الوزيران السابقان طلال ارسلان وسليمان فرنجية، من «مغبة النزول الى الشارع بهدف دفع رئيس الجمهورية العماد اميل لحود الى الاستقالة»، واعتبرا ذلك «فتنة وعودة الى اجواء الحرب الاهلية»، وشددا على «ان البلد لا يدار الا بالحوار ولا يحكم الا بالتوافق».

وكان فرنجية استقبل ارسلان امس في دارته في بنشعي (شمال لبنان). وقال ارسلان في مؤتمر صحافي مشترك مع فرنجية: «نحن والوزير فرنجية متفقان على موضوع رئاسة الجمهورية، شرط التعاطي معه وفق الاطر السياسية وعدم النزول الى الشارع. واختيار البديل الذي نراه متمثلاً في العماد ميشال عون الذي يتمتع بالكفاءة السياسية والتمثيل الشعبي. واذ ذاك لا مانع لدينا من طرح موضوع استقالة لحود». من جهته، لفت فرنجية الى «ان البطريرك صفير لن يدخل في لعبة التسميات، على غرار ما حصل عام 1988 فالتسمية هي ملك السياسيين على الساحة اللبنانية. والخلاف ليس على الاسم بل على المشروع والتحالفات. فالبلد توافقي وطائفي. وكل طائفة في لبنان تفرض على الآخرين ممثليها، الا الطائفة المسيحية التي يحظر عليها ذلك، بحيث تبدو وكأنها خارجة على التوافق الوطني. لكن الطائفة المسيحية سمت الاقوى فيها، وهو العماد عون الذي يملك كل المواصفات ليكون رئيساً».

وفي إطار جولته على القادة والمسؤولين اللبنانيين، بغية الدعوة للمشاركة بالحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، زار وفد لجنة المتابعة للحوار الوطني رئيس اللقاء الديقراطي النائب وليد جنبلاط في قصر المختارة مساء أمس. واثر اللقاء الذي استمر زهاء الساعة، قال النائب الخليل باسم الوفد، إن مواضيع الحوار ثلاثة: الوصول الى الحقيقة باغتيال المرحوم الشهيد الرئيس رفيق الحريري، والقرار الدولي 1559 ومرفقاته، والعلاقات اللبنانية السورية. وأضاف «اذا اطلعنا على تفاصيل هذه المواضيع الثلاث، سنرى ان موضوع رئاسة الجمهورية، هو من المواضيع التي ذكرت بوضوح في القرار 1559».

وردا على سؤال قال: «الاستاذ وليد جنبلاط قال إنه موافق في المبدأ على الحوار، ولكن يريد أن يعود إلى شركائه وحلفائه للتداول في هذا الأمر». من جهته قال جنبلاط: «أجبت أنني لا بد أن أستشير رفاقي في 14 آذار في ما يتعلق بموضوع الحوار. طبعا ما من أحد يستطيع أن يقول لا للحوار، لكن ما من أحد (أيضا) يستطيع أن يقول نعم للحوار من أجل الحوار من أجل اللاشيء، لا بد أن أستشير رفاقي في 14 آذار وأدرس النقاط المختلفة المطروحة والمشكل .. ليس هناك في هذه الدعوة للحوار من حكم، نحن فريق وهم فرقاء» وأضاف: «عندما وصلنا الى تسوية الطائف، ابتدأت تسوية الطائف انذاك مع رحمة الله عليه رفيق الحريري، والمملكة العربية السعودية عام 1983 في مؤتمر لوزان، ومن ثم مؤتمر جنيف، الى أن وصلنا الى التسوية النهائية في الـ89 الطائف. سأدرس الموضوع بكل جوانبه ونرى».

وردا على سؤال حول ادخال رئاسة الجمهورية كبند رابع في الحوار، قال: عندما أقول إنه ليس هناك من حكم، يعني أن رئيس الجمهورية فريق، عندما يكون رئيس جمهورية وطنيا لبنانيا غير مرتبط بمصالح على حساب لبنان، عندها يستكمل طبعا الحوار، البند الاساس رئاسة الجمهورية».

وسئل: من ترشح لأن يكون حكما بين الفريقين؟ وأجاب:«لا أرشح أحدا، يجب أن أدرس الموضوع بكل دقة مع حلفائي بهذا الجو الدقيق جدا والخطير جدا، بالأمس ما حدث على مسافة من مجدليون، على مسافة من بيت النائبة بهية الحريري، يذكرني بالصواريخ في نفس الطريقة في كيس من البلاستيك على طريق الشوف. انذاك بعد يومين أو ثلاثة أيام على ما اعتقد اغتيل جبران تويني، فهل ان بشار وعملاء بشار يحضرون بنفس الوقت لاغتيال كبير قبل مبادرة الرئيس بري، أو مبادرة الحوار؟ لست أدري لكن فقط أعيد التذكير التشابه التاريخي والتشابه التقني: صواريخ في اكياس بلاستيك وجدت انذاك على طريق الشوف، ووجدت امس على طريق مجدليون. سأدرس الموضوع وسأتصل بالشيخ سعد، وجميع الفرقاء لأعطي الجواب النهائي».

وعن موقف البطريرك صفير حيال الموضوع الرئاسي أجاب: «قرأت العناوين الكبرى لتصريح البطريرك صفير.. واستنتجت نقطة أساسية.. إنه قال الرئاسة فارغة، غير موجودة، هذا جدا مهم بالنسبة لي. وأؤكد على أنه لا بد من التوافق للوصول الى رئيس جديد. كيفية التوافق، كيفية الوصول، دستوريا، شعبيا.. سأرى».