مقتل شاب يهودي فرنسي في جريمة عنصرية يؤجج مخاوف اليهود في البلاد

TT

يتهيأ المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا وجمعيات غير يهودية، للدعوة الى مظاهرة وطنية كبرى يوم الأحد القادم في باريس احتجاجا على خطف وقتل شاب يهودي اسمه إيلان حليمي لأسباب جرمية وعرقية في ضاحية جنوب باريس. وقال روجيه كيكرمان، رئيس المجلس أمس، إن هذه الجريمة «تمس القيم الأساسية لبلدنا، ولذا فالدعوة الى التظاهر يجب أن تصدر ليس من اليهود وحدهم بل من كل الشعب الفرنسي».

وكانت الجريمة التي وقعت في 13 فبراير (شباط) الجاري قد اثارت مشاعر ومخاوف الجالية اليهودية الفرنسية. وبعد أن استدرج حليمي وهو بائع في محل للهواتف الجوالة في باريس، من قبل فتاة تعمل لصالح عصابة من الشبان تسمي نفسها «عصابة البرابرة»، احتجز طيلة ثلاثة أسابيع جرت أثناءها مفاوضات مع أهل الضحية للحصول على فدية. ثم عثر على الشاب ميتا و آثار التعذيب على جسده في منطقة إيسون الواقعة جنوب باريس.

ونجحت القوى الأمنية في تحديد هوية الفاعلين وتوقيف عشرة منهم في ضاحية بانيو، القريبة من باريس في مرحلة أولى وعلى شخصين آخرين في وقت لاحق، فيما ألقي القبض على متهم آخر في بلجيكا. وهرب من وجه العدالة «زعيم» العصابة الذي يسمي نفسه «العقل المدبر» و اسمه يوسف فوفانا، الذي يظن أنه توجه الى شاطئ العاج في رحلة جوية من مطار ليون مستخدما اسمه الحقيقي. ومن بين المقبوض عليهم ثلاث نساء. وتوجه أمس محققان فرنسيان الى شاطئ العاج بعد أن أصدر القضاء الفرنسي مذكرة جلب دولية بحقه. وبالإضافة الى زعيم العصابة، تظن الشرطة أن فتاتين لعبتا دورا في استدراج إيلان حليمي قد فرتا أيضا. وتفاعلت القضية بعد أن لمح بعض المقبوض عليهم الى أن خيار الخطف والحصول على فدية وقع على حليمي «لأنه يهودي ولأن اليهود أغنياء». وترافق ذلك مع تعديل قاضي التحقيق كورين غوتزمان توصيف الجريمة بحيث تحولت الى جريمة ذات طابع عرقي ومعاد للسامية. وقد ادعت القاضية على ستة رجال وامرأة بارتكاب «جريمة عنصرية» و القيام بعملية «خطف واحتجاز» و «تشكيل عصابة بهدف الخطف والاحتجاز وارتكاب أعمال قتل مع سبق الإصرار بسبب انتماء الضحية أو تصور انتمائها الى اثنية أو أمة أو عرق أو دين».

وتنهض تهمة قاضي التحقيق على اعترافات منسوبة لبعض الموقوفين. وأكد وزير العدل باسكال كليمان هذه التهم. واغتنم كيكرمان مناسبة العشاء السنوي للمجلس التمثيلي ليل أول من أمس، الذي حضره رئيس الحكومة دومينيك دو فيلبان وعدد من الوزراء من أجل دعوة الحكومة والقضاء لجلاء «كامل الحقيقة» حول مقتل الشاب حليمي بما فيها «الأسباب والدوافع». ورد دو فيلبان بالقول إنه طلب من السلطات المختصة جلاء كامل الظروف والدوافع. وأمس، استقبل وزير الداخلية نيكولا سركوزي كوكيرمان ووفدا كبيرا من الجالية اليهودية. وفي محاولة منه التسرع وإطلاق الاتهامات غير المثبتة، دعا كوكيرمان الجالية اليهودية الى «التحلي بالهدوء، فالقضاء يقوم بواجبه ونحن (أي اليهود) مواطنون فرنسيون وواجب حمايتنا يقع على عاتق السلطات العامة التي يتعين عليها جلاء كامل الحقيقة». لكنه غير أمس لهجته، ففي حديث للقناة الثالثة في التلفزيون الفرنسي قال كوكيرمان إن ما حدث «يثبت خطورة الأحكام المسبقة المعادية للسامية لأن هذا الشاب خطف ولأن القتلة اعتقدوا أن كل اليهود أغنياء». وإذا تأكد طابعها العرقي، فإن الجريمة ستعيد الى الأذهان الاعتداءات التي تعرضت لها المصالح اليهودية في فرنسا في الأعوام الأخيرة والتي تراجعت بنسبة النصف العام الماضي. غير أن الجالية اليهودية تلزم هذه المرة بعض الحذر لتلافي تكرار ما حصل في الماضي من ادعاء لاعتداءات وهمية بحثا عن الدعاية أو استدرارا للعطف. ففي الماضي القريب، ادعى حاخام يهودي أنه تعرض للطعن وهو في الكنيس ليتبين لاحقا انه طعن نفسه بسكين مطبخ. كذلك ادعت امرأة أنها تعرضت للاعتداء لأنها يهودية وهي في قطار للضواحي من قبل مجموعة من الشبان ذوي الملامح العربية. وظهر لاحقا أنها اختلقت الرواية تماما مع صديقها. وفي حالة إيلان حليمي، ثمة مجموعة من الموقوفين تحمل أسماء عربية. وأفادت مصادر التحقيق بأن أفراد المجموعة التي خطفت إيلان «ليسوا كلهم من الشبان المسلمين وأن هدفهم الأساسي كان الحصول على الفدية إضافة الى أنهم ارتكبوا ست محاولات خطف أخرى لم يكن ضحاياها فقط من اليهود».