سفير طالبان المتجول السابق على مقاعد ييل جامعة النخبة الأميركية

الملا هاشمي يؤكد أنه أصبح يؤمن بالديمقراطية الغربية وحقوق المرأة السياسية

TT

يتجول سيد رحمة الله هاشمي، سفير حركة طالبان المتجول، والمساعد الاول لوزير خارجية حركة طالبان الاصولية الملا وكيل احمد متوكل في ردهات جامعة ييل الاميركية بحرية، على عكس ما كان يفعل في تنقلاته تحت الحراسة الأمنية المشددة في قندهار في زمن حاكم الحركة المخلوعة الملا عمر. وسفير الحركة الاصولية يبلغ من العمر الآن 27 عاما، ويعول زوجة وطفلين، ويعد حاليا دراسات في العلوم السياسية في جامعة ييل الاميركية ضمن الطلاب الخاصين الذين لا يتعين عليهم الحصول على درجة. وكان قد استطاع بنجاح بعد سقوط حركة طالبان أن يلجأ الى مدينة كويتا الحدودية، ويختفي فيها لعدة اشهر قبل ان يجد طريقه الى الاراضي الاميركية التي زارها، متحدثا باسم الملا عمر قبل سقوط الملا عمر. ويأمل هاشمي أن توافق جامعة ييل التي تخرج منها الرئيس الحالي جورج بوش والرئيسان الاميركيان الاسبقان بيل كلينتون وجيرالد فورد، والرئيس بوش الاب، وديك تشيني نائب الرئيس الحالي، على تقييده كطالب في قسم العلوم السياسية قبل سبتمبر (ايلول) المقبل. وتعتبر ييل ثالث أقدم جامعة اميركية وقد تأسست عام 1701. وعندما التقيت السفير رحمة الله هاشمي في مضيفة الخارجية الافغانية بقندهار قبل سقوط الحركة الاصولية بعدة اشهر، دهشت من حسن إجادته للغة الانجليزية وسرعة بديهته ومناهضته لابن لادن زعيم «القاعدة» الى درجة عدم اعترافه به كفقيه شرعي يحق له إصدار الفتوى، وتأكيده في الحديث الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» عام 2001، ان بن لادن هو «صناعة اميركية». وأكد هاشمي قبل خمسة اعوام لـ «الشرق الأوسط»، ان ابن لادن اختراع اميركي، لم تساهم حركة طالبان التي كانت تسيطر على 95% من الاراضي الافغانية في صنع أسطورته، بل هو موجود في الاراضي الافغانية ضمن حركة المجاهدين قبل 17 عاما من وصول طالبان الى الحكم. وقال: «لقد ورثنا بن لادن، وكان يجب ومازال علينا التعامل معه وفق المنظور والشعار الاسلامي الذي ترفعه طالبان في حماية الضيف». وأكد ان طلبة العلم «طالبان» يدافعون عن مبادئهم، ويدافعون عن بن لادن. وكانت إشاعات تتردد في جنبات كابل قبل أن أغادرها منتصف عام 2001، عن وجود تيار ليبرالي من أبناء الخارجية الافغانية يعارض وجود «القاعدة» في افغانستان وإيواء الملا عمر لأسامة بن لادن على الأرض الاميركية. وأكد هاشمي وقتها لـ «الشرق الاوسط»، ان بلاده تستطيع الحصول على اعتراف المجتمع الدولي خلال أقل من أسبوعين، اذا تخلت عن تشددها وأعادت فتح دور السينما والملاهي ومراكز الفيديو، وقامت بتسليم بن لادن المتهم بتفجير سفارتي اميركا في نيروبي ودار السلام في اغسطس (اب) 1998، الى الولايات المتحدة الاميركية، لكنه كان يعتقد ان ذلك لن يحل المشكلة القائمة، التي وصفها بالمستعصية، بين واشنطن وحكومة طالبان. وظهر هاشمي العام الماضي لمدة 30 ثانية في فيلم مايكل مور «فهرنهايت 9/11»، يعرب فيها عن أسفه لناشطة حقوقية تحتج على قمع طالبان للنساء. وكانت الحركة الاصولية منعت البنات من تلقي التعليم وحرمت التلفزيون وسماع الموسيقى. وعلى النقيض من هاشمي، هناك محمد طيب اغا، السكرتير الخاص للملا محمد عمر حاكم طالبان، وكلاهما أكمل تعليمه في كويتا، الاول يتحدث بالانجليزية، والثاني من اقارب الملا عمر يتحدث العربية بطلاقة ايضا. وتجول هاشمي عدة مرات في اوروبا الغربية والولايات المتحدة قبل سقوط الحركة الاصولية بطبيعة عمله كسفير متجول للامارة الاسلامية لافغانستان، وألقى في مارس (اذار) 2000 عدة محاضرات عن الملف الافغاني في جامعات لوس انجليس وكاليفورنيا، لكنه تعرض الى انتقادات حادة من المنظمات النسائية في الولايات المتحدة بسبب حظر تعليم النساء في افغانستان، وعدم تمتعهن بقدر من الحرية.

ويقول مقربون من هاشمي انه قد تغير كثيرا في مفاهيمه وافكاره التي آمن بها منذ التحاقه بالحركة الاصولية التي عمل بعد ذلك كصوت مدافع عنها في المحافل الدولية كسفير متجول. وفي حديث مع صحيفة «نيويورك تايمز»، يعرب هاشمي عن إيمانه بالديمقراطية الغربية، وحق المرأة في التعليم، بل انه يؤكد اكثر على حق المرأة في التصويت في الانتخابات البرلمانية. واشار الى ان هناك كثيرا من الغربيين لديهم فكرة مغلوطة عن حركة طالبان الاصولية، فهناك البعض يصفها بأنها حركة اصولية، ولكن هناك البعض الاخر ضمن مسؤولي الحركة مثل وزير الخارجية السابق وكيل متوكل كانت لديه أفكار معتدلة، وكان يطالب بنزع سلاح الحركة.

وطالب بعض أساتذة جامعة ييل الاميركية بضرورة إجراء تحريات عن تاريخ هاشمي قبل تقييده في فصل دراسي بالجامعة من أجل الحصول على درجة في العلوم السياسية. وكان هاشمي التحق بالجامعة في يوليو (تموز) الماضي في احد المنتديات الملحقة بها. وقال هاشمي انه جاء الى جامعة ييل الاميركية لتلقي العلوم السياسية، ويفكر في كتابة مؤلف عن افغانستان، ثم العودة الى بلاده مرة اخرى. ويتميز هاشمي بين اقرانه بإجادة الانجليزية والفارسية والبشتو، وقدرته كذلك على الاندماج في محيطه الطلابي. يذكر ان هاشمي كان قد كشف لـ «الشرق الاوسط» بعد سقوط طالبان عن الايام الاخيرة للملا عمر قبل سقوط الحركة الاصولية نهاية عام 2001، مشيرا الى ان الملا عمر فرض ستارا من الحراسة المشددة على وزير خارجيته متوكل في احدى فيلات الخارجية الافغانية خارج قندهار، ومنع لقاءه بالصحافيين الذين وصلوا في اعقاب الغارات الجوية على افغانستان في 7 أكتوبر (تشرين الاول) 2001.

وقال هاشمي الذي اعتبر حلقة الاتصالات مع القنوات الاميركية، ان الملا عمر لجأ الى الصمت وانتابته حالة من الاكتئاب بعد خلافه الشديد مع متوكل الرجل الثاني في الحركة، وكثيرا ما كان يترك مقر الحكم ويذهب الى حديقة منزله، ويجلس يتحدث لساعات الى نفسه بين شجيرات البرتقال ونبتات الطماطم.