مصادر فرنسية: تقرير براميرتز لن يوجه اتهامات

لندن تكرر المطالبة بتمثيل دبلوماسي متبادل بين لبنان وسورية

TT

تبدو باريس الرسمية «متحفظة» إزاء الجدل الدائر حول مصير الرئيس اللبناني أميل لحود وتؤكد أن موقفها الرسمي هو أن الأمر عائد للبنانيين. إلا أن باريس لا تخفي انها ترى في بقاء الرئيس لحود «مصدر إزعاج وتعطيل لعمل المؤسسات ولعمل الحكومة» ما يعني أنها لا تمانع في تنحيه. غير ان مصادرها تلاحظ أن تحقيق هذا الهدف بالوسائل الدستورية صعب «لصعوبة اتفاق الأكثرية النيابية مع النائب ميشال عون أو مع حزب الله». وبالمقابل تأخذ باريس بعين الاعتبار المخاوف القائلة بأن اللجوء الى الشارع يمكن أن يؤدي الى نتائج عكسية لا بل يمكن أن «يهدد الاستقرار» بحيث يفلت الشارع من أيدي موجهيه وتتدهور الأوضاع. ولذا، فإن الموقف الفرنسي يدعو الى «مقاربة متدرجة بعيدة عن المغالاة المتطرفة». إلا ان الجديد في موقف باريس هو اعتبار الأوساط الفرنسية أن من المفيد البحث في ما يمكن أن تفضي اليه فكرة «توفير ضمانات» بعدم ملاحقة الرئيس لحود في حال استقالته وتطمينه الى مستقبله في حال ولكن شرط ألا يثبت أن له «دورا أكيدا» في اغتيال الحريري. وترى باريس أنه من المفيد الاستماع الى الذين ينهجون هذا النهج، سواء داخل الحكومة اللبنانية أو خارجها، وتحديدا البطريركية المارونية بغية العثور على «مخرج» من وضع يبدو بالغ التعقيد والخطورة.

من جهة ثانية توقعت مصادر فرنسية رسمية أن يكون التقرير الذي يعده رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي البلجيكي سيرج براميرتز ذا طابع «تقني» وألا يضمنه بالتالي أية «معلومات جديدة» كما سيخلو، على الأرجح، من «توجيه تهم أو تسمية أشخاص» على علاقة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وكشفت هذه المصادر أن استمرار وجود «تضارب» في وجهات النظر حول جولة تري رود لارسن، الممثل الشخصي للأمين العام للآمم المتحدة في المنطقة وتحديدا حول زيارته لدمشق هو الذي حال حتى الآن دون القيام بهذه الجولة.

وترى باريس أن «طريقة عمل» القاضي البلجيكي الذي يسعي الى «توفير ملفات قضائية تتلاءم مع المعايير الدولية» وتكون صالحة للاستخدام أمام المحاكم بما في ذلك محكمة ذات طابع دولي هي التي تفسر «غياب» براميرتز الذي يتمتع بوسائل وصلاحيات أوسع مما كان يتمتع به الرئيس السابق ديتليف ميليس. وميزت هذه المصادر بين الزمن السياسي المحكوم بتطورات الوضع اللبناني والإقليمي من جهة وبين الزمن القضائي، من جهة أخرى، الذي يقوم على البحث عن القرائن وإعداد الملفات الصلبة التي تتماسك بوجه الانتقادات منوهة بـ«مهنية» براميرتز وبأسلوبه في العمل.

وينتظر أن يقدم القاضي البلجيكي تقريره الأول الى أنان وعبره الى مجلس الأمن الدولي أواسط الشهر الحالي. ويشكل تقويم تعاون سورية مع لجنة التحقيق الدولية احدى النقاط الرئيسية التي سيأتي عليها تقرير براميرتز. وفضلت المصادر الفرنسية انتظار ما سيقوله التقرير وعدم استباقه قبل التعليق على أسلوب تعاطي دمشق مع التحقيق بعد ان زارها المحقق الدولي مرة واحدة لم تدم أكثر من ساعات معدودة وأحيطت نتائجها بالسرية سواء من جانب اللجنة الدولية أو من جانب سورية.

وفي سياق مواز، كشفت المصادر الفرنسية أنه لم يحدد حتى الآن تاريخ دقيق لزيارة مبعوث الآمين العام للأمم المتحدة بشأن تنفيذ القرار 1559 الى المنطقة و أن الإتصالات ما زالت قائمة بين نيويورك و العواصم المعنية و تحديدا باريس و لندن. و كانت الزيارة المذكورة نوقشت خلال اجتماع الرئيس شيراك و أنان في قصر الأليزيه الإثنين الماضي. وكان لافتا يومها أن شيراك «اشاد» بما يقوم به لارسن.

وفي لندن اعتبر دبلوماسي بريطاني بارز أمس ان «من الغريب» عدم وجود سفارة سورية في بيروت وأخرى لبنانية في دمشق، وقال المسؤول الذي كان يتحدث امس لمجموعة من الصحافيين العرب في لندن، إنهما «دولتان ذات سيادة» ومن الضروري ان تتعاملا مع بعضهما البعض على هذا الاساس لجهة تبادل السفراء «وترسيم الحدود». واضاف إن بلاده تتطلع الى كلا الحكومتين لاتخاذ هذه الاجراءات ولكن «الى الحكومة السورية بشكل خاص، وهذا امر طبيعي بسبب سجلها».