الشيخ القرضاوي لـ«الشرق الأوسط»: نحن نريد غضبا إسلاميا عاقلا يردع المتطاولين على المقدسات الدينية

قال إن الأمة الإسلامية بحاجة إلى منبهات

TT

أعلن الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس مركز أبحاث السنة في جامعة قطر ورئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، ان مؤتمرا اسلاميا جامعا سيعقد في البحرين يوم الثلاثاء 14 مارس (آذار) الحالي، لمناقشة تداعيات الرسوم الكاريكاتيرية الدنماركية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وبحث الأساليب الناجعة في منع تكرار الاساءة الى الانبياء والديانات السماوية والمعتقدات الوثنية، ليعيش العالم في سلام ومحبة.

وقال الشيخ القرضاوي في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط»: «إن العديد من المنظمات والجمعيات الاسلامية ستشارك في هذا المؤتمر، منها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والحملة العالمية لمناصرة الاسلام واللجنة الدائمة للدفاع عن خاتم الانبياء والجماعة الاسلامية في باكستان، الى جانب مفكرين وعلماء مسلمين من جميع انحاء العالم. ويهدف هذا المؤتمر الى اظهار الغضب الاسلامي، ولكن بصورة عاقلة ومتزنة يردع المتطاولين على المقدسات الدينية والمعتقدات الوثنية ويمنع الاساءة الى رسل الله وأنبيائه».

وأضاف الشيخ القرضاوي: «اننا لم نبدأ هذه المعركة، وهي معركة فوجئنا بها، ولم يكن هناك توتر بين المسلمين والدنمارك. وفي رأيي هي معركة لا مبرر لها، حتى ان الجريدة الدنماركية التي نشرت الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، كانت قد طلبت من بعض الرسامين رسما تخيليا لنبي الاسلام محمد (عليه افضل الصلاة والتسليم)، وعلمت ان بعض الرسامين تأخر في تلبية طلب الصحيفة، ولكن مع اصرار مسؤوليها تجاوب بعضهم، فنشرت هذه الرسومات التي اثارت غضب الامة الاسلامية وهبّت لتعبر عن غضبها واستنكارها للاساءة الى رسولها الكريم. وفي البداية طلب المسلمون من الجريدة والحكومة الدنماركية الاعتذار عن هذه الاساءة البالغة والاستفزاز غير المبرر لمشاعر مليار وثلث مليار مسلم، ولكن الحكومة الدنماركية والجريدة المعنية رفضتا الاعتذار، مما أجج غضب المسلمين في مشارق الارض ومغاربها. وكذلك سعى وفد من سفراء الدول الاسلامية في كوبنهاغن للقاء رئيس الوزراء الدنماركي وابلاغه احتجاجهم على هذه الرسومات الكاريكاتيرية المسيئة للمسلمين، ولكنه رفض لقاء الوفد، كل ذلك حدث بحجة حرية التعبير. فالدنمارك أججت هذه المشكلة وسنت هذه السنة في الاساءة الى المسلمين بدعوى حرية التعبير. ونحن لم نفعل شيئا سوى إظهار غضبنا، فالأمة الاسلامية اصيبت في أعز مقدساتها. ونحن طلبنا من الأمة الاسلامية ان تغضب غضبا عاقلا متزنا من دون إحراق سفارات وقنصليات وكنائس وتخريب للممتلكات الخاصة من سيارات ومحلات تجارية». يذكر ان الصحيفة كانت قد قدمت اعتذارين على موقعها.

واكد الدكتور القرضاوي ان علماء الأمة ومشائخها من خلال منابرهم وخطبهم واحاديثهم وبياناتهم ارادوا ان تعبر الأمة الاسلامية من اقصاها الى اقصاها عن استنكارها لهذه الرسومات الكاريكاتيرية الدنماركية المسيئة لخاتم الانبياء والمرسلين. فقد كان هذا الاستنكار من جميع المسلمين، حتى غير المتدينين من الأمة استنكروا هذا العمل.

واشار الدكتور القرضاوي الى ان العلماء دعوا الامة الى مقاطعة البضائع الدنماركية، «وخاطبنا الشعوب لاستخدام سلاح المقاطعة لان الحكومات الاسلامية ملتزمة بعقود واتفاقات تجارية، فنحن نعلم ان هناك التزامات قانونية بالنسبة للحكومات في ما يتعلق بالمقاطعة، لكن هذا الحرج القانوني غير مقيد للشعوب في تنفيذ مقاطعة البضائع الدنماركية استنكارا لتلك الرسومات الكاريكاتيرية المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ودعونا المجتمع الدولي الى تجريم الاساءة الى الانبياء وتجريم الاساءة الى الديانات السماوية والمعتقدات الوثنية، لأننا ندعو الى عالم يعيش في أمن وسلام وتسامح».

واوضح الدكتور القرضاوي:«اننا نرفض ازدواجية المعايير الغربية في ما يتعلق بحرية التعبير. فالدنمارك رفضت الاعتذار عن هذه الرسومات المسيئة للمسلمين بحجة حرية التعبير، بينما حُكم على المؤرخ البريطاني ديفيد ايرفينغ بالسجن ثلاث سنوات في النمسا بتهمة إنكار محارق اليهود، فإن هذه القضية تكشف بجلاء ازدواجية المعايير الغربية لحرية التعبير. فنشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم اعتبرت ضمن حرية التعبير، رغم مساسها بمعتقد مليار وثلث مليار من المسلمين في العالم».

وقال الدكتور القرضاوي: «ان الحكومة الدنماركية ارسلت لي وفدا لبحث قضية تداعيات الرسوم الكاريكاتيرية، ولكني رفضت مقابلة هذا الوفد لأنني لا اريد العمل على قطع الطريق على الامة الاسلامية لصالح الدنمارك، فنحن نريد ان نكون مع المؤسسات الاسلامية في التعبير عن استنكارنا لتلك الرسومات».

واضاف انه قبل ثلاثة اسابيع اتصل به الداعية عمرو خالد يستشيره في ان هناك بعض الاخوة في الدنمارك يريدون تهدئة هذا الامر. فقال الشيخ القرضاوي: «قلت له ان الامم تحتاج الى منبهات تنبهها من الركود، وان ما حدث هو محرك للأمة، التي مزقتها الخلافات ووحدتها محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونصحته بعدة نصائح منها عدم العمل على قطع الطريق على الامة الاسلامية لصالح الدنمارك».

وأضاف: «لقد فوجئت بأنه أعد لمؤتمر في الدنمارك الغرض منه تهدئة غضب المسلمين استنكارا للرسومات الكاريكاتيرية الدنماركية المسيئة لنبيهم، وقد ذكر أن عددا من العلماء سيشاركون في هذا المؤتمر، ولكن بعد اتصالنا ببعضهم قالوا إنهم لا يعرفون شيئا عن هذا المؤتمر».

ودعا الدكتور القرضاوي الى ان تعبير استنكار المسلمين لهذه الرسومات يجب ان يكون متزنا وعاقلا، فكلنا حريصون على أمرين: الأول: وحدة الامة الاسلامية «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» و(يد الله مع الجماعة). والثاني: التأكيد على اهمية الاتحاد، لأن في الاتحاد قوة. وهذا ما سيعبر عنه في مؤتمر المنامة في 14 مارس الحالي.