تقرير للأمم المتحدة يحذر إسرائيل والدول المانحة من التسبب بكارثة صحية وتعليمية في فلسطين

مؤكدا أن المشكلة ليست فقط في الرواتب بل بكل المرافق الحيوية للمواطنين

TT

حذر تقرير صادر عن مكاتب الأمم المتحدة في القدس المحتلة امس من حدوث كوارث في قطاعات الصحة والتعليم والاقتصاد الفلسطيني من جراء حجب أموال الدعم عن السلطة الفلسطينية. وحمّل التقرير اسرائيل مسؤولية أساسية عن هذه الأخطار مؤكدا انها ما زالت مسؤولة عن هذه المناطق بحكم احتلالها ولا تستطيع أن تبرئ نفسها من هذه المسؤولية تحت أي ادعاء.

وقال التقرير ان الظروف التي نشأت في المناطق الفلسطينية من جراء الاحتلال والاتفاقات التي وقعت بين اسرائيل والفلسطينيين منذ أوسلو حتى الان، جعلت موازنة السلطة الفلسطينية تعتمد على المبالغ التي تجبيها اسرائيل عن الجمارك والتأمينات المختلفة بمبلغ يعادل 65 مليون دولار في الشهر وعلى دعم عالمي بقيمة 34 مليونا وعلى مداخيل محلية بقيمة 35 مليونا. لكن حجب هذا الدعم لا يؤدي فقط الى عدم القدرة على دفع الرواتب للعاملين في الأجهزة الأمنية، كما يقال، بل الى أمور أخرى خطيرة تتعلق بالخدمات الحيوية الأساسية. ويستعرض التقرير هذه الأخطار على النحو التالي:

ـ هناك 942 الف فلسطيني، اي حوالي ربع السكان، يعيشون على الرواتب التي تدفعها السلطة. فإضافة الى العاملين في الأجهزة الأمنية (73 ألف عنصر) هناك 39 ألف عامل في سلك التعليم، و11 ألفا في الجهاز الصحي، و29 ألفا في الدوائر الحكومية الأخرى، ويشكل هؤلاء ما نسبته 37% من الفلسطينيين في قطاع غزة، و14% في الضفة الغربية، والامتناع عن دفع الرواتب لهم، سيؤثر على كل المرافق التي يعملون فيها وعلى أفراد عائلات هؤلاء العاملين.

ـ نسبة الفقر سترتفع الى 64% من السكان الفلسطينيين في حالة حجب تلك الأموال. وهذا سيضرب سوق المشتريات في كل الفروع التجارية، ما يعني أن الضربة لن تقتصر على الموظفين وعائلاتهم بل على التجارة والزراعة وكل فروع الاقتصاد تقريبا.

ـ عدم تحرير الأموال سيؤدي الى ضرب جهاز التعليم الفلسطيني الذي يعتمد بالكامل على الموازنة العامة.

ـ عدم تحرير الأموال سيضرب ايضا الجهاز الصحي، حيث ستنعدم الأموال للأدوية والتطعيم ورعاية الأم والطفل وغيرها من سبل الوقاية من الأمراض، كما سيهدد جودة المياه ونظام جمع النفايات والصرف الصحي، ما يعني انتشار البكتريا والأمراض وضعف المناعة والوقاية. وفي هذا الصدد يذكر التقرير ان هناك عجزا تبلغ قيمته 4.5 مليون دولار في موازنة الوقاية في هذه المرحلة، قبل أن تحجب الأموال. وقد أطلقت السلطة الفلسطينية إشارات الاستغاثة لسد العجز منذ عدة أسابيع من دون علاقة بحجب الأموال. ومن المتوقع أن يؤدي حجب الأموال الى تفاقم المشكلة أكثر وأكثر.

ـ عدم دفع الرواتب للعاملين في الأجهزة الأمنية سيتسبب في انخفاض مستوى عمل هذه الأجهزة في القضايا التي تتعلق بأمن المواطن وأمانه، ما يعني ارتفاع نسبة الجريمة واتساع ظاهرة خطف الأجانب وبالتالي فقدان الفلسطينيين للدعم الاجتماعي والصحي والتعليمي الذي يقدمه هؤلاء الأجانب. ويكشف التقرير انه في أعقاب عمليات خطف الأجانب خفضت الأمم المتحدة عدد موظفيها في قطاع غزة من 76 موظفا الى 6 موظفين فقط، وحتى هؤلاء المتبقين يعملون في درجة خطر قصوى، لن تطول.

ويشير التقرير الى جوانب أخرى من المعاناة القائمة حاليا في الأراضي الفلسطينية بسبب سياسة الاحتلال الاسرائيلي فيقول:

ـ تصعد اسرائيل من عملياتها العسكرية وعادت لتقوم بتنفيذ الاجتياحات للمدن. ففي الشهر الماضي اجتاحت المدن والبلدات أربع مرات بعمليات عسكرية شاملة قتل تم خلالها 8 فلسطينيين في نابلس وحدها، ثلاثة منهم اطفال وفق التعريف الدولي للطفل إذ تقل أعمارهم عن 17 سنة وجرح 32 فلسطينيا آخر.

ـ ارتفع عدد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في السجون الاسرائيلية في فبراير (شباط) 2006 بنسبة 13% عن الشهر نفسه في سنة 2005 ، واصبح 360 معتقلا طفلا.

ـ في السنة الماضية تم تدمير 46 بيتا فلسطينيا بحجة البناء غير المرخص.

ـ الاغلاقات: توجد حاليا 471 اغلاقا في الضفة الغربية. والاغلاق هو اجراء اسرائيلي معروف تمارسه اسرائيل ضد الفلسطينيين بواسطة وضع أكوام أتربة في مدخل قرية أو مدينة أو وضع كتل اسمنتية أو حواجز عسكرية. وينطوي هذا الرقم على زيادة كبيرة بنسبة 25% عن عدد الاغلاقات في السنة الماضية (376 اغلاقا). ويتطرق التقرير الى الآثار الاقتصادية لإغلاقٍ واحد في المعبر التجاري في قطاع غزة (كارني) بأنه يتسبب في خسارة نصف مليون دولار في اليوم. فقط في الشهر الماضي خسر الفلسطينيون 10.5 مليون دولار بسبب اغلاق هذا المعبر لمدة 3 أسابيع. ـ مواصلة شق وتعبيد طرقات خاصة للمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة يحظر على الفلسطينيين المرور بها، ما يؤدي الى عرقلة أشغالهم وإطالة المسافات عليهم من مكان العمل أو التعليم الى أماكن السكن، ذهابا وايابا.

ويختم التقرير بالقول ان اسرائيل هي المسؤول الأول عن كل ما يجري للفلسطينيين، وحتى لو ارتكبوا مخالفات خطيرة مثل اطلاق صواريخ القسام على البلدات الاسرائيلية في سديروت وغيرها من العمليات التي تصيب المدنيين، فإن هذا لا يبرر الاستمرار في هذا النهج.