تدفق الأهالي على سجون الجزائر لاستقبال ذويهم في إطار المصالحة

تهديد المفرج عنهم بمضاعفة العقوبة في حال العودة للعنف

TT

أفرجت السلطات الجزائرية أمس عن أول أفواج السجناء المعنيين بتدابير المصالحة الوطنية التي بدئ بتنفيذها رسميا يوم 28 فبراير (شباط) الماضي. وهدد مسؤول حكومي بارز المفرج عنهم والمسلحين المرتقب نزولهم من الجبال بمضاعفة أحكام السجن الصادرة ضدهم، في حال عودتهم إلى نفس الأفعال «التي أدت إلى المأساة الوطنية» بحسب تعبير نصوص المصالحة.

والتحق منذ الصباح عدد كبير من أسر المساجين المتهمين بالإرهاب، بسجني العاصمة الكبيرين «الحراش» و«سركاجي»، لانتظار خروج ذويهم. بعضهم جاء من أحياء بالعاصمة وآخرون قطعوا مسافات طويلة؛ ومنهم من قضى ليلة أول أمس بالفنادق.

وتحدثت «الشرق الأوسط» مع أم سجين قرب باب سجن سركاجي، جاءت من اولاد سلامة بالضاحية الجنوبية للعاصمة تترقب خروج ابنها، الذي حُكم عليه بالسجن سبع سنوات، بتهمة الانخراط في خلية تدعم الإرهابيين، فقالت: «لقد قضى لحد الآن أكثر من نصف العقوبة، وبلغني من المحامي الذي يدافع عنه أن ابني من بين الفئات التي يشملها الإفراج الفوري، لكن لم يؤكد لي ما إذا كان موعد خروجه اليوم. المُهم أنني سمعت أن أول المساجين سيعودون إلى أهاليهم بدءا من اليوم، فجئت متمنية أن يكون من ضمنهم». وشكرت الوالدة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة «صاحب الفضل في عودة ابني إلي». كما قال عدلان لعيايدة نجل عبد الحق لعيايدة أحد مؤسسي «الجماعة الإسلامية المسلحة» (جيا) المحكوم عليه بالإعدام لـ«الشرق الأوسط» إن الأسرة تترقب خروجه أيضا «فالأستاذ فاروق قسنطيني (رئيس لجنة حقوق الإنسان الحكومية ) أكد لي أن والدي أكثر فئات المساجين علاقة بتدابير المصالحة».

وكان مدير ديوان وزارة العدل عبد القادر صحراوي، قد هدد المسلحين في الجبال والمساجين المفرج عنهم والمطلوبين من قبل القضاء، المقيمين في الجزائر أو بالخارج بـ«التطبيق الصارم لقانون العقوبات في حقهم» إذا لم يتجاوبوا مع تدابير المصالحة في أجل 6 أشهر، في اشارة الى مدة «التوبة» المحددة في قوانين المصالحة بين 28 فبراير (شباط) الماضي و28 أغسطس (آب) المقبل. لكن المراقبين لا يتوقعون تشددا من جانب السلطات في التقيد بالمهلة، تفاديا لأي مردود ضعيف لإجراءات المصالحة. فهي حريصة أيضا على إبقاء باب الاستفادة من عفو رئاسي أو إبطال المتابعة القضائية، مفتوحا بالنسبة لمن يقتنعون بالتدابير بعد 28 أغسطس.

وتوعد المسؤول الحكومي في حديث للإذاعة الحكومية أمس، المستفيدين من الإجراءات الجديدة، بمضاعفة العقوبات التي صدرت ضدهم سلفا في حالة العودة إلى الأفعال التي أدت إلى اتهامهم بالإرهاب. وأضاف أن «التائبين مطالبون بتدوين مجموعة بيانات على استمارات تقدم لهم في مقار قوات الأمن التي تستقبلهم، تتناول معلومات عن الجماعات المسلحة التي كانوا ينتمون إليها، ومكان نشاطهم وطبيعته. وبناء على المعطيات، سيتم تحديد نوع التدابير التي سيستفيدون منها». وبشأن قدرة السلطات على التأكد من صحة تصريحات المسلحين، قال صحراوي: «إن الدولة تتوفر على كافة الوسائل والقدرات للتأكد من ذلك، من خلال التحريات ومطابقة الشهادات وجمع الأدلة». وتزعم غالبية المسلحين الذين استفادوا من عفو رئاسي عام 2000 (عددهم يتجاوز 6 آلاف) أنهم كانوا مكلفين إما بالحراسة أو الطهي في الجبال أو جلب الماء من الوديان والآبار، وأنهم لم يتورطوا أبدا في القتل أو الاغتصاب. ومعروف أن تدابير المصالحة تقصي كل الأشخاص الضالعين في المجازر الجماعية و«انتهاك الحرمات» ووضع المتفجرات في الأماكن العمومية.