«اتفاق تاريخي» بين الهند والولايات المتحدة بشأن التعاون النووي

نيودلهي ستحصل على تكنولوجيا أميركية ووقود وإنهاء للعزلة والبرادعي يشيد واحتجاجات مناهضة لبوش

TT

اعلنت الهند والولايات المتحدة امس انهما توصلتا الى اتفاق تاريخي بشأن التعاون النووي، وهو الموضوع الابرز خلال الزيارة الاولى التي يقوم بها الرئيس الأميركي جورج بوش للبلاد، لكن سريان الاتفاق يتوقف على موافقة الكونغرس الأميركي عليه.

ويمثل الاتفاق انفراجا كبيرا بالنسبة لنيودلهي التي عانت لفترة طويلة من العزلة في العالم ويسمح لها الحصول على تكنولوجيا نووية أميركية ووقود لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الكهرباء. كما يتوقع ان يسمح بالتجارة النووية بين الهند والقوى النووية الاخرى اذا فعلت نفس الشيء جماعة الموردين النوويين وهي مجموعة غير رسمية من الدول التي تسيطر على الصفقات النووية العالمية ورفعت الحظر عن الهند. وتم التوصل الى الاتفاق بعد محادثات مكثفة في العاصمة الهندية تناولت كذلك العلاقات الاقتصادية الثنائية والتعاون في مجال السفر والزراعة والصحة، حسب مسؤولين. وقال بوش في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ «توصلنا لاتفاق تاريخي بشأن الطاقة النووية»، وقال «انني اتطلع الى العمل مع كونغرس الولايات المتحدة لتغيير قانون عمره عدة عقود سيمكننا من المضي قدما في هذه المبادرة المهمة»، واضاف «ما يقوله هذا الاتفاق هو ان الاشياء تتغير والازمنة تتغير.. هذا الاتفاق في مصلحتنا ولذلك انا واثق من اننا يمكننا اقناع الكونغرس به». وعرضت الهند الفصل بين برامجها النووية العسكرية والمدنية ووضع البرنامج النووي تحت الاشراف الدولي، الا ان المفاوضات واجهت مشكلة عندما قالت واشنطن ان القائمة المدنية التي قدمتها الهند لم تكن كافية.

وكان في صلب النقاش برنامج الهند لمعالجة البلوتونيوم من الوقود المستنفد الذي تم استخدامه في مفاعلات الماء الثقيل الهندية. ويمكن استخدام البلوتونيوم في انتاج الاسلحة النووية. وقال معارضون هنود للصفقة ان وضع برنامج معالجة البلوتونيوم تحت الاشراف الدولي سيقيد ايدي العلماء الهنود ويجعل الهند معتمدة على اليورانيوم المستورد ويوقف برنامجها للاسلحة، الا ان بوش قال امس «ان اعادة المعالجة ستساعد في تهدئة المخاوف البيئية من الطاقة النووية، حيث ستقل المواد السامة التي يجب التخلص منها»، وأضاف «لقد قدمت لنا الحكومة الهندية بادرة حسن نية استطيع ان احملها الى الكونغرس (..) وانا واثق اننا نستطيع ان نثبت للكونغرس ان ذلك في مصلحتنا».

واوضح «ان في مصلحتنا ان تحصل الهند على الطاقة النووية لتخفيف الضغط على احتياجاتها من الطاقة»، وتابع «كلما قل الطلب على الوقود العضوي، كلما كان ذلك افضل للشعب الاميركي (...) هذا ما سأقوله للكونغرس»، يشار الى ان كلا من الهند وخصمها النووي باكستان رفضتا التوقيع على معاهدة الحد من الانتشار النووي.

واشاد بوش اليوم بالعلاقات الهندية الاميركية معلنا الهند شريكا على كل الجبهات، وصرح للصحافيين «نحن نعمل كشركاء لجعل العالم اكثر امانا»، مؤكدا تبادل المعلومات حول الارهاب والتصميم على هزيمته، وقال «نحن نتعاون على الجبهة العسكرية»، مشيدا بالهند كذلك لمساهمتها في نشر الديمقراطية خاصة في افغانستان، وقال «لقد عملنا كشركاء في التصدي لكارثة تسونامي» التي ضربت جنوب اسيا في 26 ديسمبر (كانون الاول) 2004 مودية بحياة عشرات الالاف، واوضح بوش «ان علاقتنا تتغير بشكل كبير». وكانت نيودلهي اقرب الى موسكو منها الى واشنطن خلال الحرب الباردة، الا انه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي الذي اعقبه اصلاحات وتحرير اقتصادي في الهند منذ التسعينات، بدأت الهند بالتحول في اتجاه الولايات المتحدة.

وبينما حظيت الزيارة التي يقوم بها بوش وهي الخامسة التي يقوم بها رئيس أميركي للهند باهتمام كبير في انحاء البلاد التي يبلغ تعداد سكانها 1.1 مليار نسمة فقد اثارت مشاعر مناهضة لبوش. ونزل محتجون الى الشوارع في مظاهرات ضد بوش. واثارت زيارته مشاعر معادية ضده بين الشيوعيين والمسلمين الذين يعارضون السياسات الأميركية مثل غزو العراق. وفي العاصمة نيودلهي قام الاف الشيوعيين والناشطين في الحزب الاشتراكي بمسيرة في وسط المدينة وارتدى العديد منهم اغطية رأس حمراء ولوحوا بأعلام حمراء، وهتف بعض الناشطين بعبارة «اضربوا بوش بالنعال» بينما حمل آخرون لافتات كتب عليها «بوش الامبريالي البربري عد الى بلادك». وقبل ساعات من وصول الرئيس الأميركي الى الهند نزل عشرات الوف الاشخاص الى الشوارع في انحاء البلاد واحرقوا دمى لبوش ورددوا هتافات وحملوا لافتات واوقفوا حركة المرور في بعض المدن. وفي مدينة بانجالور الجنوبية التي تضم عشرات من شركات التكنولوجيا الأميركية خرجت احتجاجات ضخمة فيما قام مئات المتظاهرين اليساريين بمسيرة في انحاء المدينة، وحمل احد المتظاهرين وهو رئيس الوزراء الهندي الاسبق اتش. دي. ديف جودا لافتة كتب عليها «السيد بوش.. انت رمز للجرائم ضد الانسانية».

من جهة أخرى اشاد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي امس بالاتفاق النووي الذي ابرم بين الهند والولايات المتحدة، موضحا ان من شأنه ان يعزز الجهود الرامية الى الحد من انتشار الاسلحة النووية، وقال البرادعي في بيان ان «هذا الاتفاق يشكل خطوة مهمة لتلبية الحاجات المتزايدة للهند في مجال الطاقة ومن بينها التكنولوجيا النووية والوقود كعامل تنمية».