«جدية» الحوار اللبناني أمام اختبار «العقدة الرئاسية»

في ظل كلام عن 48 ساعة لحسم مصير لحود والبديل

TT

... وفي اليوم الثالث دخل «الحوار الوطني اللبناني» مرحلة التفاصيل، بعدما ألقى الزعماء المشاركون في الحوار «العموميات» التي اتسمت بها مقاربتهم لملف القرار 1559 وما يتضمنه من «تفاصيل» تتعلق بملف الرئاسة وسلاح المقاومة وسلاح المخيمات الفلسطينية.

وتقاطعت المعلومات التي تسربت عن اجواء الجلسة الصباحية لثالث ايام الحوار في مبنى البرلمان اللبناني، على الرغم من «قَسم» قيل ان المجتمعين تعاهدوا بموجبه على عدم الكشف عن تفاصيل مداولاتهم، ان يوم امس كان اول ايام العمل التفصيلي في الحوار، فالجلسة الاولى من الحوار الذي بدأ يوم الخميس الماضي خصصت للبحث في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري التي كانت اسهل بنود الحوار لجهة الاجماع على الموقف منها، فيما كانت بقية الجلسات التي عقدت بعد ظهر الخميس والجمعة فرصة لادلاء الاطراف المشاركة في الحوار بـ «هواجسها».

وأكد بعض المشاركين في الحوار وجود «توافق على التغيير» في منصب رئاسة الجمهورية، لكن البحث يتم على قاعدة المواصفات المطلوبة في الرئيس خصوصاً من قبل «حزب الله» الذي يريد ان يعرف موقف الرئيس الجديد من المقاومة، فيما ابلغ احد المشاركين «الشرق الاوسط» ان عقدة المؤتمر حتى الآن هي مصير رئيس الجمهورية اميل لحود واسم خلفه اذا ما تم الاتفاق على التغيير. وقال النائب الذي رفض الكشف عن اسمه ان بقية البنود يمكن التوافق عليها اذا حلت العقدة الرئاسية، واشار في هذا الاطار الى لقاءات واجتماعات جانبية تعقد لحسم هذا الموضوع، كاشفاً عن اتصالات مع البطريرك الماروني نصر الله صفير في هذا الاطار. متوقعاً ان يحسم هذا الموضوع خلال 48 ساعة.

وكانت الجلسة الاولى امس بدأت بـ «عتاب» من وزير الاعلام غازي العريضي لبعض المشاركين بسبب «التسريبات غير الصحيحة» التي وردت في بعض الصحف عن قبول الاكثرية بلبنانية مزارع شبعا وعن استعدادها لمقايضة إطاحة الرئيس لحود بالنقاط الاخرى اي سلاح المقاومة والعلاقة مع سورية.

وتخلل الجلسة امس المزيد من التدقيق في قضية مزارع شبعا، حيث استدعي العميد المتقاعد امين حطيط الذي ترأس الفريق اللبناني المشارك في ترسيم الحدود عقب الانسحاب الاسرائيلي عام 2000، فوضع المجتمعين في اجواء عمل الفريق اللبناني انذاك، مشيراً الى المعطيات المتوفرة لديه حول لبنانية المزارع. اما رئيس البرلمان نبيه بري فقد طلب من دوائر المجلس تزويده ملفاً عن الاسرى اللبنانيين في السجون الاسرائيلية قدمه لرئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع.

وبعد انتهاء الجلسة الاولى بعد ظهر امس قال النائب سعد الحريري «ان الاجواء ايجابية وممتازة والحوار جدي في كل الامور، ولبنان يشهد اليوم مشهداً جديداً. وما يتوقعه اللبنانيون من الحوار هو شيء ايجابي، والاكيد اننا نريد ان نتفق». اما النائب ميشال عون فقال: «المشكلة الاصغر عمرها 30 سنة، فلذلك أعطونا 30 ساعة وكل شيء قابل للنقاش. ما يحصل ليس فقط جدالاً، وعلينا ان نحدد مكامن العطل، وانا متفائل. لقد تم شرح كل شيء وعلينا ان نستجمع الآراء ويجب ألا نقف عند نقطة واحدة». وعن وثيقة التفاهم مع «حزب الله» قال: «غداً تقارنون بين الورقة ومضمون الاتفاق وتلاحظون اذا كان هناك تطابق أم لا».

اما جعجع فقال: «ان القصة طويلة والبحث سيطول». وسئل: علام اختلفتم وعلام اتفقتم؟ فأجاب: «هل نأكل جبنة او نأكل لبنة» وأكد انه لا يخشى الخلاف كاشفاً ان الهدف من طلبه ملف الاسرى والمعتقلين في السجون الاسرائيلية هو مناقشة هذا الملف انطلاقاً من معطيات واضحة ودقيقة، لأن المواضيع مطروحة بجدية ونحتاج الى الوقت الكافي.

وعن ملف الرئاسة قال جعجع: «ملف الرئاسة لا يزال يدرس كما تعرفون، اما بالنسبة الينا فهو محسوم عندنا اصلاً ورأينا معروف».

وكان الوزير غازي العريضي ادلى بتصريح رد فيه على ما ورد في الصحف الصادرة امس وعلى لسان بعض الزملاء المشاركين في جلسة الحوار التي عقدت امس الاول، مؤكداً ان «كل ما قيل عن اتفاق باجماع حول لبنانية مزارع شبعا وعن طلب الاكثرية رأس لحود مقابل التضحية بالقرار 1559 او تقديم كل شيء من اجل ذلك، ليس له اساس من الصحة، ولم يتم الاتفاق في جلسة امس التي نوقشت فيها كل القضايا على اي امر لان الجلسة توقفت قبل ان يقدم بعض المشاركين مداخلاتهم حول كثير من الامور التي طرحت مع تأكيدنا ان النقاشات كانت صريحة وهادئة».

وبعيد الجلسة الصباحية، عقد اجتماع ضم الرئيس بري والعماد عون ونصر الله حضره عدد من نواب الكتل الثلاث، وكان اجتماع آخر عقد ليل اول من امس ضم بري ونصر الله الى النائب سعد الحريري استمر نحو 3 ساعات.

اما النائب علي حسن خليل المقرب من الرئيس بري فنفى بدوره بعض التسريبات الاعلامية التي تحدثت عن وجود نوع من المقايضة بين الاعتراف بلبنانية مزارع شبعا مسبقا في مقابل القبول بمبدأ تنحي رئيس الجمهورية او استقالة رئيس الجمهورية، وقال: «ان المسألة لم ولن تطرح بهذا الشكل. لا مقايضات وسيكون هناك اتفاق على جميع المسائل». واوضح «ان هناك شبه اصرار او شبه تمن من الرئيس بري على المشاركين ان يخرج المؤتمر اليوم (امس) باتفاق على الاقل على بند من البنود، لان هناك انتظارا من المواطنين والصحافيين لأي شيء ايجابي يخرج عن هذا المؤتر، وهناك توقعات ان يتم الاتفاق على مسألة واحدة على الاقل من هذه المسائل اليوم (أمس)». كذلك نفى الرئيس السابق امين الجميل وجود مقايضة على قضية الرئاسة او السلاح الفلسطيني ورفض في حديث له امس «مقولة ان كلمة سر الحوار هي التوافق على الرئيس البديل»، مشيراً الى «ان هناك قضايا اساسية كسلاح المقاومة ومصير الجنوب»، مشدداً على «ان البند الاول كان الحقيقة وليست قضية الرئاسة». واوضح ان «زيارة النائب جنبلاط للولايات المتحدة تأتي في سياق دعم مسيرة (قوى) «14 آذار» وتوضيح لمواقف هذه الحركة لدى المحافل الدولية». وشدد على «ان الحوار فيه كلام في العمق ومن دون عقد بكل جرأة وصراحة التي من الممكن ان تؤدي الى التوافق على وثيقة تاريخية جديدة».

اما نجل الرئيس الجميل وزير الصناعة بيار الجميل الذي غاب امس عن جلسات الحوار فرأى في حديث آخر ان «المطلوب التفاهم المسبق على مواصفات وثوابت معينة لشخص رئيس الجمهورية المقبل، وان يحصل اكثر من ترشيح ليتم بعده اختيار من يكون الاقرب الى هذه المواصفات». واعتبر ان من حق النائب العماد ميشال عون الترشح، لكنه قال: «أنا لست مع منطق ان نقيل فلانا لننصب فلانا مكانه، بل يجب ترك اللعبة الديمقراطية تأخذ مجراها لكي نصل الى اختيار المرشح الاقوى». وقال: «لا يمكن اختصار مشروع الرئيس العتيد بشخص فلان او فلان، ويجب الاخذ في الاعتبار ايضا موقف البطريرك (الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس) صفير الذي هو مظلة وطنية جامعة واعطى مواصفات معينة وتحدث عن مشروع لتأمين استمرارية الدولة».