فلسطينيو 48 يناشدون العالم حماية المقدسات المسيحية والإسلامية

في أعقاب الاعتداء العنصري على كنيسة في الناصرة

TT

عقب الاعتداء العنصري الذي نفذته عائلة يهودية على المصلين في كنيسة البشارة في الناصرة، توجه قادة فلسطينيي 48 الى الأمم المتحدة والاسرة الدولية بطلب توفير الحماية لهم وللأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية. وقال المشاركون في الاجتماع الطارئ للجنة المتابعة العليا، أمس، ان تكرار الاعتداءات على المقدسات العربية في اسرائيل بات ينذر بخطر ارتكاب مجازر على شاكلة مجزرة الحرم الابراهيمي في الخليل 1994.

وحذر عضو الكنيست محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، من الاعتداء اليهودي القادم على العرب ومقدساتهم، وقال انه يخشى من أن يؤدي تهاون الحكومة مع الارهابيين العنصريين الى مذبحة كبيرة. وطالب النائب طلب الصانع، رئيس الحزب الديمقراطي العربي، الأمم المتحدة ودول العالم بأن تأخذ دورا في حماية أماكن العبادة الاسلامية والمسيحية. يذكر ان الاعتداء العنصري وقع الساعة الخامسة مساء أول من أمس، في كنيسة البشارة للاتين، خلال صلاة الجمعة الأولى من صيام الفصح المجيد، اذ دخل مواطن يهودي وزوجته وابنته الى الكنيسة، وهم يجرون عربة أطفال. واعتلوا الطابق الثاني للكنيسة الضخمة وألقوا على المصلين في الطابق الأول المفتوح قنبلة صوتية ومفرقعات نارية وأنبوب غاز صغيرا مرفقا بكيس يحتوي على كرات حديدية صغيرة. وأثار تصرفهم هلعا ورعبا في صفوف المصلين، خصوصا المسنين والمسنات والأطفال منهم، فهربوا مفزوعين في كل اتجاه، وسقط بعضهم أرضا واصيبوا بجراح، لكن عددا من المصلين الشباب صعدوا الى الطابق الثاني بسرعة وانقضوا عليهم وشلوا حركتهم واشبعوا الأب فقط ضربا.

وما أن انتشر النبأ في المدينة حتى هرع الألوف من سكانها المسلمين والمسيحيين وطوقوا الكنيسة مطالبين برأس المعتدي، لكن الشرطة كانت اسرع منهم. فاتخذت حاجزا بين الطرفين ومنعت الجموع من الاقتراب. وحاولت تخليص المعتدي بسيارة إسعاف لكن الجموع صدتها بالأجساد. فألبس الضباط المعتدين الثلاثة بلباس رجال شرطة ونقلوهم الى مستشفى الخضيرة للعلاج. وعندما اكتشف المواطنون الخديعة راحوا يقذفون الشرطة بالحجارة وأحرقوا سيارتين لها.

في هذه الأثناء، توافد قادة فلسطينيي 48 الى الناصرة فتدخلوا لإعادة الهدوء. وبالتفاهم مع الشرطة تفرقت الجموع بعد خمس ساعات من بدء الاعتداء.

وعقدت لجنة المتابعة العليا امس اجتماعا طارئا لها في دار بلدية الناصرة بحضور النواب من جميع الأحزاب، والبطريرك اللاتيني، مشيل صباح، ورئيس الحركة الاسلامية، رائد صلاح، وتقرر مطالبة الحكومة بمكافحة ظاهرة العنصرية المنتشرة ضد المواطنين العرب ومقدساتهم في اسرائيل. ثم سارت مظاهرة احتجاج من ساحة عين العذراء في المدينة حتى كنيسة البشارة التي وقع فيها الاعتداء ثم تليت بمهرجان خطابي.

وقبل المسيرة، اتصل رئيس الحكومة الاسرائيلية بالوكالة، ايهود اولمرت برئيس بلدية الناصرة، رامز جرايسي، أمس، وطلب اليه نقل اعتذاره وأسفه لما جرى وشكره على ما أبداه من هدوء وتعقل وحرصه على انهاء المشكلة من دون عنف أو سفك دماء. وطلب جرايسي منه أن تبذل الحكومة جهدا حقيقيا لمنع الظواهر العنصرية ضد العرب وتضرب بيد من حديد على كل من يجرؤ على تنفيذ اعتداءات عنصرية ضدهم. وتصادف ان اتصل بعد اولمرت رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف اسماعيل هنية، معربا عن التضامن الكامل، وقال «ان الشعب الفلسطيني بقضه وقضيضه يقفون مع الأهل في الناصرة ضد العدوان الاسرئيلي». وحضر الى المدينة عدد من المتضامنين اليهود الذين أعربوا عن اشمئزازهم واستنكارهم الجريمة. وبرز بينهم عضو الكنيست السابق من حزب ميرتس، يوسي سريد، ورئيس هذا الحزب، يوسي بيلين، اللذان أكدا أن هناك تربة خصبة في اسرائيل لتنفيذ اعتداءات ارهابية ضد الفلسطينيين. ولوحظ ان الشرطة الاسرائيلية سارعت الى نشر اسم المعتدي اليهودي على الملأ لكي توضح أن الحديث لا يدور عن اعتداء ارهابي يهودي يتم على خلفية عنصرية ضد العرب. وقالت انه المدعو حايم الياهو حبيبا، 48 عاما، وزوجته البولونية المسيحية فيوليت، 42 عاما، وابنته ليليا حبيبا، 20 عاما. ومن التحقيقات الأولية حول الاسم، يتضح ان هذا الرجل غريب الأطوار منذ عدة سنين. فقد سبق أن حاول الحصول على حق اللجوء السياسي في السلطة الفلسطينية سنة 1994 وتوجه الى أريحا وعاش فيها شهرا واحدا. وقال يومها ان السلطة الفلسطينية أفضل من اسرائيل في التعامل مع شعبها. وأعادته السلطة الى اسرائيل حتى لا تخلق أزمة دبلوماسية معها. وقبل سبع سنوات تفاقمت مشكلة حبيبا من جديد، فهو يعيش ضائقة اقتصادية واجتماعية مفرطة. لا يجد بيتا ويصطدم بعقبات شديدة في ايجاد مكان المبيت والطعام. وعندما بدأ خطر انتشار أمراض على أولاده الثلاثة، أخذتهم منه وزارة العمل للرفاه ومنحتهم الى عائلة بالتبني. فقام حبيبا وزوجته بخطف أولاده وهرب بهم الى مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله. واجتمع به الرئيس الراحل ياسر عرفات، ومنحه مساعدة.

الجديد عند حبيبا منذ ذلك الوقت انه أنجب طفلا آخر أخيرا، وأخذته الوزارة منه في صبيحة اول من أمس، بسبب الخطر على حياته. فهدد في اليوم نفسه بأن يقوم بعمل يجعل اسرائيل تقف على رأسها أمام العالم. لكن أحدا لم يفكر في هذا التهديد بجدية. فحضر الى الناصرة لينفذ استفزازه وتهديده. وبهذا أصبحت قضية أولاده على رأس سلم الاهتمام.