بيان باسم «جيش الجهاد وردع الفساد» يحمل بصمات «القاعدة» في غزة

مصدر أمني فلسطيني: حديث أبو مازن عن أنشطة «القاعدة» يستند إلى معلومات مؤكدة

TT

بعد ساعات على تأكيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، لأول مرة، وجود معلومات حول أنشطة لتنظيم «القاعدة» في الضفة الغربية وقطاع غزة، كان مجهولون يوزعون بيانا في أقصى جنوب القطاع باسم مجموعة جديدة تؤكد ارتباطها بـ «القاعدة».

التنظيم الذي أطلق على نفسه اسم «جيش الجهاد وردع الفساد»، أشاد بزعيم التنظيم أسامة بن لادن، وأبو مصعب الزرقاوي. وأكد أنه سيكون في فلسطين من يقتفي آثارهما.

واللافت للنظر في تأكيدات أبو مازن حول وجود خلايا لتنظيم «القاعدة»، أنها تأتي منافية للموقف الفلسطيني الرسمي الذي عادة ما ينفي ادعاءات إسرائيل حول وجود التنظيم في الأراضي الفلسطينية.

وقال مصدر أمني لـ «الشرق الأوسط»، ان أبو مازن لم يتحدث إلا بعد حصوله على معلومات مؤكدة ومعطيات واضحة عن وجود خلايا لـ«القاعدة» ومخططاتها. لكن المصدر استدرك قائلا ان هامش المناورة أمام «القاعدة» في قطاع غزة محدود جدا، منوها الى أنه حتى التنظيمات الفلسطينية المقاومة ذات الخبرة والحضور القوي والمتجذر في الساحة غير قادرة بعد تنفيذ خطة الفصل، على تجاوز آفاق العمل الحالي ضد قوات الاحتلال، والمتمثل في اطلاق صواريخ محلية الصنع على مستوطنات في منطقة النقب الغربي، جنوب اسرائيل. وأكدت مصادر فلسطينية لـ «الشرق الأوسط» أن هناك مؤشرات على وجود بعض عناصر «القاعدة» في منطقة جنوب غزة، لا سيما في خان يونس ورفح. وتشير هذه المصادر الى حقيقة توزيع البيان باسم «جيش الجهاد وردع الفساد»، في جنوب القطاع، وليس في مناطق أخرى. ويأتي الاعلان عن انطلاق هذه المجموعة بعد الاعلان عن انطلاق عدة تنظيمات مجهولة يوحي اسمها بأن لها علاقة بتنظيم «القاعدة». فخلال الدعاية الانتخابية التي سبقت الانتخابات التشريعية، تم توزيع بيان في خان يونس، ايضا باسم ما يعرف بـ «مجموعة عبد الله عزام»، وهو مؤسس القاعدة، وأستاذ أسامة بن لادن.

وهاجم هذا البيان حركة حماس بشدة، لكن قادة حماس أكدوا في حينه أنهم يجزمون أن لا علاقة لـ «القاعدة» بهذا البيان. وقالوا ان من أصدره هم «خصوم سياسيون» للحركة، معنيون بالمس بفرصها بالفوز. وأكد الدكتور صلاح البردويل، الناطق باسم كتلة حماس في التشريعي، ان أحد الذين ساهموا بتوزيع البيان اعتقل وأدلى بمعلومات حول الجهة التي طلبت منه توزيعه.

ويجمع المراقبون في الساحة الفلسطينية على التحذير من مغبة التعاطي مع البيانات التي تصدر عن جهات مجهولة، مؤكدين أن بإمكان أي جهة توزيع أي بيان بأي اسم تشاء من دون إمكانية التحقق من هويتها، لا سيما في ظل حالة الفلتان الأمني الذي يعصف بمناطق السلطة الفلسطينية. وعلى هذا النحو، أعلن عن العديد من المجموعات التي تحمل بياناتها لهجة تنظيم «القاعدة». فمثلا أعلنت مجموعة تطلق على نفسها «سرايا وكتائب المجاهدين بيت المقدس»، مسؤوليتها عن اختطاف ناشطة حقوق الانسان البريطانية التي كانت تعمل في مركز حقوقي فلسطيني في مدينة غزة ووالديها اللذين قدما من لندن لزيارتها، بحجة المطالبة بموقف واضح للاتحاد الاوروبي واكثر صرامة ضد ممارسات الاحتلال.

وايضا قامت مجموعة غير معروفة تطلق على نفسها «كتيبة الاحرار»، باختطاف الملحق العسكري المصري في قطاع غزة لثمان واربعين ساعة مطالبة بالافراج عن معتقلين فلسطينيين في السجون المصرية. والملفت للنظر أن جميع هذه المجموعات مجهولة، باستثناء واحدة، ولم تنفذ أي عمليات ضد قوات الاحتلال او داخل اسرائيل. والمجموعة المستثناة نشطت في منطقة «بيت لحم»، جنوب الضفة الغربية، وأطلقت على نفسها اسم «كتائب بيت المقدس في فلسطين»، وقامت بقصف حي «غيلو» في أقصى جنوب مدينة القدس المحتلة بقذائف الهاون. وجدير بالذكر أنه ومنذ عام والمخابرات الاسرائيلية تتحدث عن وجود خلايا لـ «تنظيم القاعدة»، في قطاع غزة تحديدا. وأعلن رئيس جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة، اللواء رشيد ابو شباك، في يونيو (حزيران) 2002، عن اعتقال افراد خلية للقاعدة في غزة. لكنه أكد أنه من خلال التحقيق مع اعضاء الخلية تبين أن الذين قاموا بتجنيدهم للتنظيم هم ضباط جهاز المخابرات الاسرائيلية العامة (الشاباك)، من دون علمهم. وحسب الآلية التي شرحها ابو شباك، فقد اتصل ضباط «الشاباك» بشكل عشوائي بعدد من الشباب الفلسطيني، بحيث تظهر على شاشة الجوال أرقام هواتف دولية، ويبدو للشباب الذين يتلقون هذه الاتصالات أن الذين يتحدثون اليهم من دولة عربية، وذلك من أجل إقناعهم بالموافقة على التجند لصالح «القاعدة». وحسب ابو شباك، فقد ظهرت على جوالات هؤلاء الشباب ارقام من دولة الامارات ولبنان والاردن، وغيرها من الدول العربية.

وأكد ابو شباك ان اعضاء الخلية تبين لهم أنهم وقعوا في خديعة اسرائيلية كان الهدف منها إقناع العالم بأنه يتوجب ضرب المقاومة الفلسطينية، مثلما يتوجب ضرب تنظيم «القاعدة». وخلال العام التالي حرص جهاز «الشاباك» على الترديد أن عددا من معتقلي حركة حماس في سجون الاحتلال قد تحولوا الى تأييد تنظيم «القاعدة».