جدل قانوني حول إعدام موساوي المتهم الوحيد في هجمات سبتمبر لعلمه بالمؤامرة قبل حدوثها

TT

كان زكريا موساوي في السجن، عندما ارتطمت الطائرات المخطوفة بمركز التجارة العالمي وبمقر البنتاغون وبحقل في بنسلفانيا. والآن، تريد الحكومة إعدامه لأنه لم يفعل شيئا لوقفها.

وبعدما تم اختيار هيئة المحلفين يوم الاثنين الماضي، سيؤكد الادعاء انه حتى وإن كان موساوي لم يشارك فتجب محاسبته على قتل ما يقرب من 3000 شخص في 11 سبتمبر (أيلول) 2001. ومهمة الادعاء، هائلة: فالقانون الفيدرالي ينص على إعدام الاشخاص اذا ما قتلوا شخصا ما، أو شاركوا في أعمال عنف أدت مباشرة للقتل. وبالرغم من ذلك، فإن الخبراء القانونيين يقولون ان الادعاء أمامه فرصة لضمان صدور حكم بالإعدام، على الشخص الوحيد المدان في الولايات المتحدة بتهمة تتعلق بـ 11 سبتمبر. والسبب: كلام موساوي نفسه. فعندما اعترف بالذنب، قال انه كذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي عند القبض عليه قبل شهر من هجمات 11 سبتمبر للسماح لاخوته في القاعدة بالمضي قدما. واعتمادا على هذا الاعتراف، فإن المدعين سيشيرون الى ان موساوي، يعتبر مشاركا في المؤامرة، لأنه اذا ما اعترف بعلمه بالمؤامرة، فقد كان من الممكن إيقافها. وقال اندرو مابرايد، وهو مدع عام سابق، شارك في العديد من قضايا الاعدام «اعتقد انه لديهم قضية جيدة، اذا ما وضعنا في الاعتبار تصريحاته. فقد اعترف بالكذب لاستمرار المؤامرة. ومن الناحية القانونية ربما ينجحون».

وكان موساوي، 37 عاما، قد اعترف بالذنب في شهر ابريل (نيسان) الماضي، بتهم من بينها التآمر لقرصنة الطائرات. وقد أصبح نموذجا على أضخم عمل إرهابي في تاريخ الولايات المتحدة، إلا ان دوره ليس معروفا، حتى بالنسبة للحكومة. ويعتقد المحققون انه لو لم يقبض عليه، فربما كان الخاطف رقم عشرين، أو البديل في آخر لحظة لقائد الطائرة الخامسة التي كان من المفروض ان ترتطم بالبيت الأبيض.

وبغض النظر عن نوايا موساوي، فإن المحاكمة في المحكمة الجزئية في الكسندريا بولاية فيرجنيا، ستشمل العديد من القضايا الهامة المتعلقة بالأمن الوطني، بالإضافة الى عناصر سخيفة.

كما تعتمد الادارة على المحلفين لتأكيد قرارها بنظر القضية في الكسندريا بدلا من نيويورك، حيث نظرت معظم القضايا الارهابية الاساسية. وذكر المسؤولون انهم يشعرون ان المحلفين القادمين من شمال ولاية فيرجنيا ينتمون أكثر للاتجاهات المحافظة، ومن أنصار الحكومة، الا انهم يواجهون موقفا تاريخيا: لم تصدر هيئة محلفين في الكسندريا حكما بالاعدام على الاطلاق. ولد موساوي في منطقة بإقليم باسك الفرنسي، لأب مغربي وأم فرنسية. وتشير وثائق المحكمة الى ان والده كان مدمنا على الخمر ومسببا للمشاكل، وقضى موساوي الخمس سنوات الاولى في دور الايتام. وتشير وثائق المحكمة ايضا الى ان ممارسة موساوي لتعاليم الاسلام خلال نشأته كانت محدودة، وانتقل الى لندن لإجادة اللغة الانجليزية، وهناك وجد «المساجد المتطرفة» التي ازدهرت في لندن خلال عقد التسعينات. واعترف موساوي في الوثائق التي وقع عليها بأنه انتمى لتنظيم «القاعدة»، وتلقى تدريبا في واحد من معسكراتها في افغانستان، وكان مسؤولا عن ادارة استراحة تابعة لـ«القاعدة» بمدينة قندهار الأفغانية. دخل موساوي الولايات المتحدة عام 2001 وبدأ في دروس للتدريب على قيادة الطائرات في كلية ايرمان للطيران في نورمان بولاية اوكلاهوما. وورد في وثائق المحكمة، وتقرير لجنة التحقيق المستقلة في هجمات 11 سبتمبر، انه مع اقتراب موعد الهجمات، اتخذ موساوي سلسلة من الخطوات تشبه تلك التي اتخذها الخاطفون. فقد اشترى سكينين، وجعل نصل كل منهما قصيرا حتى يسمح له بالمرور في نقطة التفتيش في المطار قبل الدخول الى الطائرة. وفي اغسطس (اب) 2001، تلقى موساوي 15000 دولار من «القاعدة»، وبدأ في تلقي تدريب على جهاز ارضي على قيادة طائرات «بوينغ 747» في مدرسة للطيران في مينيسوتا. وتوصلت لجنة التحقيق في هجمات 11 سبتمبر، الى ان موساوي، كان في الغالب طيارا احتياطيا، وان الخاطفين ربما اضطروا الى إرجاء الهجمات إذ أعلن عن اعتقاله. أثار سلوك موساوي شكوكا في مدرسة تعليم الطيران التي التحق بها، لأنه كان يريد أن يقود طائرات نفاثة على الرغم من انه لم يتلق سوى تدريب محدود، كما انه لم يكن يريد رخصة لقيادة الطائرات. أبلغ مدرب موساوي السلطات التي اعتقلته في 6 اغسطس 2001، بسبب تهم تتعلق بمخالفة قوانين الهجرة. وفي يوليو (تموز) 2002، قاطع موساوي جلسة استماع روتينية، محاولا الاعتراف بالتورط، وزعم انه على معرفة وثيقة بعمليات خط الطائرات. قال موساوي في هذا السياق: «لدي معرفة مؤكدا بهجمات 11 سبتمبر. أعرف على وجه التحديد الجهة التي نفذتها. أعرف المجموعة التي شاركت، ومتى تقرر تنفيذ العملية. لدي الكثير من المعلومات».

وبعد أن أمهلته القاضية برينكيما أسبوعا للتفكير في هذا الأمر، عاد موساوي وسحب اعترافاته السابقة أمام المحكمة، وادعى انه على الرغم من انتمائه لتنظيم «القاعدة»، ليست لديه معرفة مسبقة بعمليات اختطاف الطائرات. الجدل الدستوري حول حق موساوي في المطالبة بمثول بعض كبار معتقلي «القاعدة» أمام المحكمة تسبب في تأخير النظر في القضية الى ما يزيد على عامين. وتوصلت محكمة استئناف فيدرالية الى ان موساوي لا يملك الحق في توجيه اسئلة الى معتقلي «القاعدة»، ولكن بالإمكان عرض أجزاء من الإفادات التي أدلوا بها للمحققين أمام هيئة المحلفين. وكان موساوي قد أقر بالذنب في 22 ابريل (نيسان) الماضي في التورط في ست تهم بالتآمر. وتشير وثيقة المحكمة التي وقع عليها موساوي الى انه شارك في مخطط «القاعدة» الذي قاد الى هجمات 11 سبتمبر، وان اسامة بن لادن وجه اليه له تعليمات مباشرة لقيادة واحدة من الطائرات المخطوفة لضرب البيت الأبيض. إلا ان موساوي أنكر لعب أي دور في هجمات 11 سبتمبر، وقال ان الهجوم على البيت الابيض محاولة لتحرير الشيخ عمر عبد الرحمن، الذي يقضي حكما بالسجن في الولايات المتحدة بسبب إدانته في هجوم سابق على مركز التجارة العالمي عام 1993. وقال موساوي ان «هذه المؤامرة تختلف عن مؤامرة 11 سبتمبر». وصاح موساوي عندما كان يقوده رجلا أمن خارج قاعة المحكمة «لعن الله أميركا».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»