الجزائر: الحكومة تتراجع عن إغلاق المدارس الخاصة وتحدد لها مهلة جديدة

TT

تجمع أولياء تلاميذ بساحة مدرسة «بن دالي» في أعالي العاصمة الجزائرية، احتجاجاً على قرار حكومي بإغلاق هذه المدرسة، الى جانب عشرات المدارس الاخرى «الخاصة». ثم ناشدوا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التدخل لـ«الحؤول دون التلاعب بمستقبل الآلاف من أبناء الجزائر».

وجاء هذا التجمع اول من امس بعد قرار اصدرته وزارة التربية الوطنية في 26 فبراير (شباط) الماضي بإغلاق 42 مدرسة خاصة بحجة انها تنشط «خارج الشرعية»، إلا ان الوزارة عادت امس وأكدت في بيان سماحها لهذه المدارس بإعادة فتح ابوابها، مانحة اياها مهلة حتى يونيو (حزيران) المقبل لاستيفاء الشروط.

وجاء هذا التطور الجديد من وزارة التربية بعد ان اعلن أكثر من ثلاثة آلاف من أولياء التلاميذ اعتزامهم اللجوء إلى منظمة «اليونيسف» لحث السلطات الجزائرية العدول عن قرار اغلاق المدارس الخاصة. وأنشأ أصحاب المدارس الخاصة المعنية «تنسيقية» أخذت على عاتقها الاتصال بأعضاء البرلمان ومسؤولي الأحزاب، وجمعيات وتنظيمات المجتمع المدني، في خطوة لتشكيل جبهة ضد إغلاق المدارس الخاصة.

وبعد الاعلان عن اغلاق المدارس الـ 42 اواخر الشهر الماضي، قال وزير التربية ابو بكر بن بوزيد ان هناك 73 مدرسة خاصة تلتزم القانون الجزائري الذي يحدد شروط فتح مدرسة خاصة، موضحا أن 11776 تلميذا يدرسون فيها «بينما المدارس التي قررنا اغلاقها هي تلك التي لم تمتثل للقانون وعددها 42 مدرسة يدرس بها 3720 تلميذا توجد في خمس ولايات».وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع أن 22 مدرسة من ضمن المدارس التي طالتها الاجراءات الاخيرة توجد في ولاية تميزي وزو بالقبائل الكبرى شرق العاصمة.

وتعيب الحكومة على أصحاب هذه المدارس، اعتماد الفرنسية لغة للتدريس ومناهج تعليمية أجنبية، فرنسية بالأساس. ويعترف آباء التلاميذ أنهم سجلوا أبناءهم في هذه المدارس لانهم يريدون تجنيبهم تحصيلا علميا باللغة العربية الرسمية، ولا أن يدرسوا مناهج التعليم المحلية.

ومن بين ما يأخذ الغاضبون على الحكومة، أن المسؤولين فيها «يفضلون إرسال أبنائهم إلى الخارج للدراسة، بينما يمنعوننا من اختيار المناهج التعليمية التي ترفع مستوى أبنائنا الدراسي».ويرفض هؤلاء تسجيل أبناءهم في مدارس عمومية، بحجة أن مستوى التعليم فيها ضعيف. وغالبا ما يضرب الناقمون على النظام التربوي الحكومي، مثالا بالأزمة الأمنية الحادة على أساس أنها «تعكس مستوى التعليم الحكومي الذي أنجب أشخاصا لا يؤمنون بالتسامح».وعلى نقيض المدارس الخاصة التي توصف بأنها فرنكفونية التوجه، لم تتعرض المدارس العربية الأجنبية لأي شكل من المضايقة. وتوجد في الجزائر ثلاث مدارس من هذا النوع: سعودية ومصرية وليبية. وتلقى المدرستان السعودية والمصرية رواجا كبيرا في أوساط الجزائريين والجالية العربية والإسلامية المقيمة بالجزائر. وتقدمُ في المدارس الثلاث دروس باللغة العربية، لكن المناهج المطبقة من بلدانها الأصلية.

ولهذا السبب، طلبت الحكومة من مديريها منذ شهور، أن تقتصر مناهج التعليم غير الجزائرية على التلاميذ الأجانب فقط، واشترطت عليها تطبيق المنهاج الجزائري على الجزائريين، لكن مديريها أبلغوها صعوبة تحقيق هذا الشرط، لأن أكثر «زبائنهم» من الجزائريين.

ولم تبد الحكومة تشددا في تطبيق الإجراء على المدارس الثلاث، حيث غضت الطرف واستمر نشاط المؤسسات الثلاث التي تأسست بموجب اتفاق بين الحكومة الجزائرية وحكومات السعودية ومصر وليبيا.

واللافت أن المدرسة الفرنسية بالجزائر «الكسندر دوما» التي توجد في أعالي العاصمة، والتي تعتمد منهاج النظام التعليم الفرنسي وتدرس بالفرنسية، لم تطلب منها السلطات التقيد بالمنهاج الجزائري ولا اللغة العربية، واستغل المحتجون على قرار غلق المدارس الخاصة، ذلك لاتهام الحكومة بـ«اعتماد مقاييس مزدوجة» في التعامل مع الناشطين في قطاع التعليم.