«الاقتصاد» يحظى بالحصة الكبرى في القمة السعودية ـ الفرنسية

TT

تترقب الأوساط الاقتصادية والسياسية أهم النتائج المتوقعة لزيارة الرئيس الفرنسي للرياض، التي بدأت أمس وتنتهي غدا، وضمت وفداً فرنسياً كبيراً بقيادة الرئيس الفرنسي جاك شيراك مع 15 وزيرا ومسؤولا ورجل أعمال، في زيارة هي الرابعة من نوعها لشيراك إلى السعودية. ويتوقع عدد من المراقبين أن تشهد الزيارة عددا من الاتفاقيات الاقتصادية أهمها توسيع نوعية التسلح للقوات الجوية السعودية بتزويدها بمقاتلات رافال الفرنسية. وكان جيروم يونافون الناطق الرئاسي الفرنسي، قد اشار في وقت سابق الى أن زيارة الرئيس الفرنسي جاك شيراك إلى السعودية ستتضمن أبعادا ثلاثة سياسية اقتصادية وثقافية. وفي البعد السياسي قال إن شيراك يعطي أهمية خاصة لحواره مع الملك عبد الله، خاصة حول مسائل الأمن والاستقرار، وتتبدى ثمار هذا الحوار في مواضيع عديدة منها الملف اللبناني وإيران وفلسطين والعراق والحرب على الإرهاب. وفي الملف اللبناني اعتبر يونافون أن التشاور المستمر بين باريس والرياض يشكل أحد العناصر المهمة لبناء الإجماع الدولي حوله. ويشكل الاقتصاد السعودي المتنامي بفضل فائض العائدات النفطية الذي فتح الآفاق أمام مشاريع جديدة وضخمة في البلاد الغنية بالنفط، عامل جذب للشركات الفرنسية التي بدأت مؤخرا الاهتمام بالإمكانيات الهائلة التي تزخر بها السعودية، حيث تسعى شركة (تاليس) الفرنسية لالكترونيات الدفاع منذ أكثر من عقد لتزويد الرياض بمعدات لأمن الحدود في صفقة قيمتها سبعة مليارات يورو (8.5 مليار دولار).

وفي هذا الشأن، قال مدير عام مجموعة «تاليس» دوني رانك امس، ان المحادثات مع السعودية حول تزويدها بنظام «ميكسا» لمراقبة حدودها «ستتقدم» خلال زيارة شيراك الى الرياض. وقال رانك في مؤتمر صحافي نقلته وكالة رويترز «سوف يتم التطرق الى هذا الملف». واضاف «ان المحادثات ستتقدم، ولكن يبقى ان نرى الى أي مدى ستتقدم». وردا على سؤال حول ما اذا سيتم التوصل الى اتفاق حول بيع هذا النظام للسعودية خلال زيارة شيراك، قال رانك انه يستبعد ذلك.

وكان جيروم بونافون اكد الخميس، ان مشروع «ميكسا» (الأحرف الأولى من وزارة داخلية المملكة السعودية بالانكليزية)، سيتم «التطرق اليه»، خلال زيارة شيراك الذي وصل لتوه الى السعودية. ويمثل مشروع «ميكسا» صفقة تبلغ قيمتها حوالى سبعة مليارات يورو، على مدى 12 عاما لصالح مجموعة الصناعات الدفاعية الالكترونية «تاليس». ويقضي الاتفاق بتسليم المملكة 225 جهاز رادر لكشف اي تسلل بري أو بحري أو جوي على امتداد الحدود السعودية، التي يبلغ طولها خمسة آلاف كيلومتر، خصوصا مع العراق واليمن، وشبكة اتصالات وطائرات استطلاع وحوالي عشرين مروحية.

وقال دبلوماسي فرنسي «نعرف ان الخطوط الجوية السعودية تجدد أسطولها من الطائرات. وسوف يسعدنا كثيرا أن نبيع لهم طائرات من طراز ايرباص». وكانت الخطوط السعودية تشتري معظم طائراتها من شركة بوينغ الاميركية، ولكنها تسلمت هذا العام 15 طائرة من شركة امبارير البرازيلية بقيمة 400 مليون دولار. إلى ذلك، توقع الدكتور سالم القحطاني أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود أن يستأثر قطاع الطاقة والبتروكيماويات على الجانب الأكبر من المباحثات الاقتصادية السعودية ـ الفرنسية، وأن تشهد المزيد من الانفتاح الاقتصادي ورفع مستوى الثقة بين البلدين في مجال الاستثمار والطاقة، مشيرا إلى أنه ما زال هناك اختلال في ميزان التبادل التجاري خاصة، أن السعودية تصدر كميات كبيرة من النفط إلى فرنسا.

وأضاف الدكتور القحطاني لـ«الشرق الأوسط» ان فرنسا تعتبر أكبر شريك اقتصادي أوروبي للسعودية. وفي المقابل فإن السوق السعودي من أنشط الأسواق في الشرق الأوسط، إضافة إلى أن التبادل التجاري بين البلدين قديم جدا، ويعود إلى عشرات السنوات، لافتا إلى أن الكثير من الشركات الفرنسية تطمح للاستثمار داخل السعودية، ولديها رغبة قوية للدخول إلى سوق الطاقة السعودي. وعن احتمالية عقد صفقات أسلحة بين البلدين، لم يستبعد القحطاني وجود مباحثات لتزويد السعودية بعض المعدات العسكرية، وخصوصا في مجال الدروع والدفاع الجوي، موضحا أن جزءا من تسليح القوات السعودية في مجال الدفاع الجوي والدبابات هي صناعة فرنسية. وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء «رويترز»، فإن دبلوماسي فرنسي قال إنه يبدو أن بلاده فشلت في محاولتها لبيع مقاتلات رافائيل الفرنسية للسعودية، بعد إعلان السعودية في ديسمبر (كانون الأول) عن اتفاقها مع بريطانيا على شراء مقاتلات من نوع يوروفايتر تايفون. وسوف تسبب الصفقة خيبة أمل لشركة «داسو» الفرنسية لصناعة الطائرات، على الرغم من أن مجموعة الشركات المنتجة لليوروفايتر تضم شركة ئي.ايه.دي.اس الفرنسية الألمانية، علاوة على شركة بي.ايه.ئي سيستمز البريطانية. وحول ذلك، قال الدكتور سالم القحطاني، إن هذا لا يمنع من عقد صفقات عسكرية بين البلدين، خصوصا في القوات البرية وهو أمر مطروح للنقاش.

وأشار القحطاني إلى ان جانب التعليم العالي سوف يأخذ نصيبا من المباحثات، مبينا أن هناك جامعات فرنسية لديها الرغبة بافتتاح فروع لها داخل المملكة، وأن السعودية أمامها أكثر من 40 طلبا من جامعات دولية تبحث في الحصول على تراخيص بافتتاح مقرات لها.