«العقدة الرئاسية» تؤجل التوافق على بنود الحوار الوطني اللبناني

لحود ينفي اتفاق المتحاورين على «التغيير» في موقع الرئاسة

TT

لا يزال الاتفاق على ملف «التغيير الرئاسي» عامل العرقلة الأساسي في الحوار الذي يقوم به زعماء الكتل النيابية اللبنانية منذ الخميس الماضي. وتقول اوساط عدد كبير من المشاركين في هذا الحوار ان من شأن الوصول الى اتفاق حول بديل للرئيس اميل لحود ان يؤدي الى احداث «نقلة نوعية» في الحوار الذي لا يزال يدور حول هذه النقطة بعد تخطيه بسهولة ملف اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، بالاضافة الى وجود ارضية توافق حول العناوين الاخرى.

لكن مصادر قريبة من الرئيس لحود نفت بشدة «كل ما تم التداول به بشأن توافق على حصول تغيير في موقع رئاسة الجمهورية»، معتبرة «ان التسريبات التي تتم عن جلسات الحوار انما هي مجتزأة، والهدف منها تسويق كل طرف لما يخدم اهدافه، اسوة بما حصل في اخر جلسة لمجلس الوزراء، حين نقل كلام عن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الياس المر، تبين انه محرّف. وجرى توضيحه فيما بعد من قبل الوزير المر الذي زار الصرح البطريركي وتحدث للصحافيين عن كلامه المجتزأ».

واكدت المصادر ان لحود «ينتظر ما ستفضي اليه جلسات مؤتمر الحوار الوطني ويتمنى نجاحها. كما يتطلع الى حصول اجماع على القضايا المطروحة»، مشيرة الى ان الرئيس لحود «يحترم الاراء التي ابديت على اختلافها. ويؤكد ان مفاعيل هذا الحوار سترسو على طاولة السلطة الاجرائية».

على الارض، لم تفلح الجلسة الصباحية ليوم الحوار الجديد امس في تخطي اي من الملفات العالقة لان الحوار تشعب مجددا لبحث عناوين القرار 1559 بأكملها. غير ان المتحاورين اجمعوا على تأكيد وجود ايجابيات بانتظار «الدخان الابيض» الذي قال بعضهم انه قريب.

واحتل موضوع التسريبات الاعلامية حيزا هاما من انطلاقة جلسة الحوار الصباحية. وكاد ان يتطور الى خلاف بعدما ابدى وزير الاعلام غازي العريضي، القريب من النائب وليد جنبلاط، ووفد «القوات اللبنانية» انزعاجا شديدا من «التسريب المبرمج». ولوح العريضي بنشر محاضر الحوار وتوزيعها على الاعلاميين بعدما رأى ان هناك من يحاول الايحاء ان فريق جنبلاط يحاول عرقلة الحوار. لكن التدخلات التي حصلت وشارك فيها النائب سعد الحريري اعادت الجميع الى طاولة الحوار مجددا، مع اتفاق جديد على عدم التسريب حاول الجميع التزامه هذه المرة عندما غادروا قاعة الاجتماع.

وكان العريضي ادلى ببيان صحافي قبل دخوله قاعة الحوار شكا فيه من «تسريب مبرمج فيه الكثير من الدقة في مكان والتشويه المقصود في مكان آخر، عمد إليه بعض أطراف الحوار عن سابق تصور وتصميم، في محاولة للاساءة الينا». واكد «ان مواعيد زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي (النائب جنبلاط) الى الولايات المتحدة الأميركية كانت محددة قبل تحديد موعد انطلاق الحوار الذي يدرك الأستاذ وليد جنبلاط أولويته وأهميته. ولذلك تم تجاوز الكثير من الأمور للمشاركة فيه. وعندما اضطر الى السفر، أبلغ المجتمعين بذلك وكلفني تمثيله مع زملاء من اللقاء الديمقراطي، مع تفويض كامل باتخاذ القرار الذي يعبر عن وجهة نظر اللقاء. وهذا ما أكدته للزملاء المتحاورين».

واضاف: «اذا كان ثمة من بات يواجه حرجا في استمرار الحوار أو التقط إشارات معينة في هذا الاتجاه، وإذا كان ثمة من لا يدرك خطورة هذا الاسلوب المتميز باللامسؤولية فلن يستطيع هذا الفريق او ذاك تحميل غيره مسؤولية الفشل أو الإرباك أمام الللبنانيين وتسريب ما يراه مناسبا لنفسه من جهة ومغايرا للحقيقة ومسيئا لغيره من جهة ثانية، كما حصل اليوم من خلال ادعاءات معينة». وشدد على انه لن يترك طاولة الحوار «حتى نصل الى نتائج إذا أراد الجميع ذلك. ولكن لن نترك أحدا يسرب على هواه. وعلى هذا الأساس، فإنني سألجأ وبعد كل جولة من جولات الحوار الى قراءة المحاضر كلها أمام كل الصحافيين واللبنانيين ليعرفوا في الحقيقة ماذا يدور على طاولة الحوار ومن يريد الوصول الى نتائج إيجابية ومن لا يريد».

ولدى وصوله الى البرلمان حيث يتم الحوار نفى العريضي ان يكون هو تكلم او سرّب شيئا. وقال: «ان التسريبات امر خطأ لا تخدم الحوار. وسنتابع الحوار الى آخر لحظة. وادعو الجميع الى التزام ما اتفقنا عليه».

وتناول المتحاورون امس البنود المدرجة في القرار 1559. وعقدت خلوة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الهيئة التنفيذية لحزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لمدة عشر دقائق، واجتماع ضم جعجع والنواب بطرس حرب وغسان تويني وجواد بولس.

الرئيس السابق امين الجميل والنائب ميشال عون اللذان غادرا في الثالثة معا، اكدا «الوفاق» وارتياحهما الى الاجواء. وفيما قال الجميل: «اتفقنا على ان نتفق»، قال النائب عون: «نحن مرتاحون الى الاجواء الايجابية ونتوقع ان يتصاعد الدخان الابيض قريبا».

ووصف النائب سعد الحريري لدى مغادرته الحوار بانه «مهم، لأنه في تاريخ لبنان لم يسبق أن جلست القوى السياسية لحل الامور الشائكة». وقال: «في الحوار إيجابيات كثيرة وسلبيات. ولكن حتى الآن لا يوجد أي سلبية، كلنا نتحدث بإيجابية ونبحث عن حلول لكل نقطة. ولا يفترض ان يطلب منا ان نستعجل الأمور، لأننا إذا أردنا أن نستعجل فسنرتكب أخطاء. لذلك سنأخذ وقتنا لنصل الى اتفاق على كل الأمور».

اما النائب جورج عدوان (القوات) فقال: «كل آمال الناس معلقة على الحوار، فانتظروا ليخرج بنتائج ايجابية. وعلينا ان نحاول الا نخيب آمال الناس. نحن اليوم مجتمعون معا للمرة الاولى من دون وصاية خارجية. وهذه مسؤولية كبيرة امام الناس. المطلوب الخروج باتفاق لبناء الدولة».

واشار النائب ابراهيم كنعان (كتلة عون) الى «وجود اتفاق على نقاط عدة». وعن سبب بقاء الجولات في الاطار العام قال النائب كنعان: «المواضيع تبحث في شكل متواصل، مثلا الـ 1559 ومتفرعاته، والرئاسة وغيرها». واعتبر «ان كل شيء وارد بالنسبة الى حسم بعض البنود».

وقال النائب ميشال المر: «ان الأجواء جيدة وإيجابية. وقد حصل تقدم على كل المستويات». كذلك وصف رئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» سمير جعجع الاجواء بانها «جيدة وايجابية». وقال ردا على سؤال حول ما نقل عن رئيس الجمهورية العماد اميل لحود حول استعداده لترك الرئاسة بعد الاتفاق على البديل: «ان النصف الاول من هذا الكلام جيد لجهة أنه سيستقيل. اما بالنسبة الى النصف الثاني فلا علاقة له بالبديل». ووصف النائب اغوب بقرادونيان الاجواء بانها «ايجابية».اما وزير الاشغال العامة والنقل محمد الصفدي المشارك في الحوار فدعا جميع المتحاورين الى «الالتزام باتفاق الطائف، واحد بنوده يتحدث عن بسط سيادة الدولة على الاراضي اللبنانية كافة، وحل الميليشيات الوطنية وغير الوطنية. وهناك اتفاق بين جميع الافرقاء على تنفيذ هذا البند». لكنه اشار الى «ان المقاومة ليست ميليشيا، لهذا السبب فان موضوعها يختلف عن موضوع الميليشيات».

وفي ما يتعلق بالسلاح الفلسطيني، شدد على «ان هناك حديثا هادئا وواضحا من قبل الجميع، لناحية المضمون الاساسي، فالمرجع هو اتفاق الطائف».