أفغانستان: الأمن يتراجع بعد 4 سنوات على سقوط طالبان والتمرد يعزز مواقعه

TT

بعد أربع سنوات على سقوط حركة طالبان في افغانستان، يتسم الوضع في الجنوب الافغاني بأقسى مظاهر العنف: إحراق مدارس واغتيال موظفين ومهاجمة جنود. فيما المتمردون من طالبان والعصابات يزدادون تنظيما ويفرضون سلطتهم في ظل غياب الدولة.

وقال مسؤول غربي مكلف الشؤون الأمنية في كابل «هذا الشتاء، أحصينا عددا من الحوادث اكبر بثلاث مرات من العدد الذي احصي خلال ثلاثة فصول سابقة مجتمعة». واضاف ان «التمرد يتعزز من دون شك»، متوقعا ان «تكون سنة 2006 اكثر سخونة من 2005».

ويعترف الاميركيون الذين كانوا حتى الآن متفائلين جدا، اليوم بان الوضع يتدهور ويهدد الدولة الافغانية الهشة التي تحاول بصعوبة بسط سلطتها بمساعدة المجتمع الدولي.

وقال مدير وكالة الاستخبارات في وزارة الدفاع الاميركية الجنرال مايكل مابلز في نهاية فبراير (شباط) خلال جلسة استماع امام الكونغرس في واشنطن، «لم يشكل المتمردون بتاتا منذ نهاية 2001 مثل هذا التهديد لتوسع سلطة الحكومة الافغانية» الى المناطق.

واضاف «تبقى حركة التمرد التي تقودها طالبان ناشطة وقوية»، مشيرا الى ان عدد الهجمات ازداد بنسبة 20 في المائة وان العمليات الانتحارية تضاعفت اربع مرات في 2005.

واعربت بعثة الامم المتحدة في افغانستان الاثنين عن «القلق» من تدهور الوضع الأمني في الجنوب حيث اصبحت الهجمات يومية، مشيرة الى وقوع «اثنتي عشرة عملية انتحارية منذ بداية السنة».

بالاضافة الى ذلك، يعبر الحلفاء الدوليون للحكومة الافغانية عن قلقهم من الفاعلية المتصاعدة للمتمردين الذين يختارون اهدافهم بعناية ويوجهون ضربات «على الطريقة العراقية» (تفجيرات، اغتيالات).

وقال المسؤول الغربي ان «حركة التمرد اصبحت اكثر ذكاء، فهي تتجنب المواجهات المباشرة عبر ممارسة الترهيب او عبر ازالة اي تمثيل للحكومة المركزية على المستوى المحلي».

واغلقت خلال اشهر معدودة حوالى 200 مدرسة، واحرق بعضها، لا سيما في ولايتي زابل وهلمند، بينما هوجم عشرات المسؤولين المحليين وقتل الكثيرون منهم. ونتيجة ذلك، تبدو مؤسسات الدولة التي تحاول التمركز في هذه المناطق عاجزة. وتتالف هذه المناطق بغالبيتها من الباشتون، الاثنية الاصلية للطالبان، وتسيطر عليها السلطة القبلية.

على الارض، يخشى المسؤولون الافغان نجاح استراتيجية المتمردين القاضية بتكريس انعدام الأمن لمنع اي عملية اعادة اعمار ولافقاد الحكومة اي مصداقية بين السكان.

ويقول محمد داود حاكم ولاية هلمند الذي يكاد لا يغادر منزله في لشكر غاه «علينا ان نحسن الوضع اعتبارا من الاشهر المقبلة وان نتجاوب مع طلبات السكان في الموضوع الأمني». ولا يعرف احد عدد المتمردين بالتحديد. وتقول السلطات الافغانية انهم «بضع مئات» يدعمهم تجار مخدرات وشبكات اسلامية في باكستان وبعض الدول العربية. وقال المسؤول الغربي «هذه الشبكات تجند شبانا افغانا عاطلين عن العمل، تسلحهم وتدفع لهم من اجل مهاجمة الحكومة وحلفائها».

ويقول المسؤول الاداري في منطقة ناد علي القريبة من لشكر غاه «بعض المناطق تعج بطالبان. وفي مناطق اخرى، يوجهون رسائل غير موقعة الى الناس من اجل تهديدهم».

ويضيف «انعدام الأمن اصبح شاملا ولم يعد الناس يثقون بالحكومة».

واقر اللفتنانت هنري وورسلي، احد المسؤولين في القوة البريطانية (3500 عنصر) الموجودة في هلمند حيث لم تنتشر القوى الأمنية بعد، «بوجوب استعادة ثقة السكان وتأمين بعض التنمية». وهذا هو ايضا الهدف الذي حددته لنفسها القوة الكندية التي وصلت اخيرا الى قندهار (جنوب) وتعرضت خلال اربعة ايام لهجومين تسببا باصابة عشرة اشخاص بجروح.