دبي تقترب من اقتحام صناعة السينما المربحة

الكشف عن تفاصيل «مدينة دبي للاستوديوهات».. مشاريع واعدة ومميزات اقتصادية مغرية

TT

أصبح من المألوف في دبي، منذ سنوات قليلة أن يتجمع عشرات الناس، خاصة العمال الآسيويين في شارع أو شاطئ البحر لمشاهدة نجومهم السينمائيين المفضلين في الهند يؤدون أدوارهم أمام الكاميرات السينمائية، التي أصبحت تغزو هذه الامارة أكثر فأكثر. ووصلت شهرة دبي إلى هوليوود أيضا، بعد ان تم في دبي تصوير عدد من مشاهد الفيلم السياسي «سيريانا» المثير للجدل، والذي يعرض في صالات العرض الأميركية حاليا.

وتسعى دبي إلى احتلال مكان بارز على شاشة السينما العالمية، ليس من الناحية الفنية وإنما الإنتاجية، خاصة أنها نجحت في جعل شوارعها وشواطئها وفنادقها الباذخة محطة لشركات الإنتاج السينمائية الإقليمية، وخاصة من الهند التي تعتبر أكبر منتج للأفلام في العالم.

وفيما يرى مراقبون أن الطموح السينمائي لدبي لا يزال بعيد المنال، في ظل وجود مراكز قوية تاريخياً قريبة منها جغرافيا، خاصة مومباي (بوليوود) في الهند شرقا والقاهرة غرباً، فإن المتفائلين يعتبرون أن نموذج الأعمال الذي تتبعه الامارة نجح على الدوام في خلق قطاعات ما كان أحد يتصور أنها قد تنجح فيه مثل ترسيخ نفسها كأهم وجهة سياحية في المنطقة، على الرغم من وجود مراكز أقوى قريبة منها، وكمركز أعمال عالمي وكمحور مالي دولي. وقال مدير إحدى شركات الإنتاج في دبي: «ما تفعله دبي أمر جيد على المدى البعيد، والأمر كله يعتمد على تدفق الرساميل لدعم هذه الصناعة هنا بعد ان قامت الحكومة بدورها في وضع بنية تحتية جيدة وتسهيلات كبيرة».

والمتتبع لمسيرة الطموح السينمائي لدبي يدرك أنها أخذت خطوات تنفيذية مهمة منذ عامين، ومن أبرزها اطلاق مشروع لبناء مدينة استوديوهات متكاملة أطلق عليها اسم «مدينة دبي للاستوديوهات»، التي اعلن عنها في فبراير (شباط) من العام الماضي باستثمارات مبدئية قيمتها 100 مليون دولار.

وسبق هذا المشروع إطلاق مهرجان دولي للسينما، رغم ان دولة الامارات ومنطقة الخليج عموما تعتبر من أفقر المناطق سينمائياً في العالم. ووفقا للدكتورة أمينة الرستماني التي تدير مشروع «استوديوهات دبي»، فإن فكرة إنشاء المدينة نبعت من نجاح قطاع العمل التلفزيوني في مدينة دبي للإعلام التي تلقت مئات الطلبات للحصول على تراخيص، فضلا عن وجود 110 محطات تبث من المدينة نفسها.

قد لا تفكر دبي في أن تتحول الى هوليوود أو بوليوود العرب، على الأقل في العقد الحالي، الا انها حتما تسعى الى استقطاب «يونيفرسالات» الإنتاج السينمائي لترسيخ الجدية والمصداقية والشهرة أولا، تماما كما فعلت في مجال المال والأعمال والسياحة.

والهدف المعلن للمدينة هو استقطاب المؤسسات الكبرى العاملة في كافة المجالات الداخلة في صناعة السينما والتلفزيون كشركات الإنتاج وخدمات ما بعد الإنتاج مثل الدوبلاج والمكساج والرسوم المتحركة وتصميمات الغرافيك ووكالات التوظيف واستقدام الممثلين، وموردي أدوات التصوير ومنصات الصوت والإضاءة والإكسسوارات ومصممي ومنفذي الملابس، إضافة إلى معامل تحميض وطباعة الأفلام.

وقد كشفت إدارة المدينة أمس، عن المخطط الرئيسي للمدينة تمهيدا لانطلاق الإجراءات التنفيذية للمشروع الذي ينتظر أن يقدم للمنطقة والعالم مركزا جديدا لصناعتي السينما والتلفزيون يعتمد على بنية أساسية متطورة. وتصل مساحة المدينة إلى 22 مليون قدم مربع في قلب مشروع «دبي لاند» السياحي الضخم، وتتضمن مجمعات للاستوديوهات ومركزا اجتماعيا ومنطقة تجارية وأخرى سكنية علاوة على مشروع لتأسيس أكاديمية للسينما. ومن المنتظر ان ينتهي العمل في المرحلة الاولى من «مدينة دبي للاستوديوهات» في الربع الاول من العام الحالي.

وتقدم «مدينة دبي للاستديوهات» مجموعة مميزات اقتصادية مثل حرية تملك المشروعات بنسبة 100 في بالمائة والإعفاء الكامل من الضرائب والرسوم الجمركية وحرية حركة رأس المال والعائدات والأرباح. وقالت الرستماني، المدير التنفيذي لقطاع الإعلام بالمنطقة الحرة للتكنولوجيا والإعلام في بيان «إن المخطط الرئيسي للمدينة يعكس الفكرة وراء إطلاقها، حيث يتيح المجال للارتقاء بمستويات الإبداع وزيادة مساحة الخيال، بما لذلك من أثر في جذب الطاقات الخلاقة والكوادر الفنية المتميزة، ونحن على يقين أن المشروع سيكون له أثره وإسهامه الواضح في دعم صناعة السينما والتلفزيون في المنطقة والعالم». وسوف تتضمن المنطقة الرئيسية بالمدينة 14 ستوديو للإنتاج الصوتي بمساحات تتراوح بين 15 ألفا و40 ألف قدم مربع، إضافة إلى مواقع التصوير المفتوحة والمرافق المكملة التي تصل مساحتها إلى 3.4 مليون قدم مربع، وهي منطقة تتميز بالتصميم الذي يلبي متطلبات شركات الإنتاج العالمية، حيث ينتظر الانتهاء من المرحلة الأولى في هذه المنطقة خلال الربع الأول من عام 2007، متضمنة ثلاثة استوديوهات للإنتاج الصوتي بمساحة إجمالية 65 ألف قدم مربع، مدعومة بالمرافق والخدمات.

وستشكل المكاتب المستقلة والمعروفة بـ«مكاتب البوتيك» وهي عبارة عن وحدات مكتبية صغيرة مستقلة على شكل فيلات، واحدة من أبرز معالم المجمع حيث تتواءم تلك الوحدات مع العديد من الأغراض، ويمكن استخدامها لإنشاء استديوهات صغيرة الحجم، بينما من المقرر أن تتضمن المرحلة الأولى من هذه المنشآت إقامة 20 وحدة مستقلة على أن تنتهي أعمال الإنشاءات فيها بحلول شهر يناير (كانون الثاني) 2007.

وستتضمن «مدينة دبي للاستوديوهات» أيضاً مركز «فيليدج سنتر»، الذي سيضم مجموعة من دور العرض والمطاعم والمقاصف ومنافذ بيع التجزئة ومسرحاً مجهزاً بتقنية «آي ماكس»، إلى جانب منطقتين مفتوحتين للاحتفالات بطاقة إجمالية تصل إلى 10 آلاف شخص حول منطقة البحيرات التي ستتوسط المركز، إضافة إلى فندقين وهي مكونات ستجعل من المدينة مركز جذب للفعاليات الاحتفالية، بما تتمتع به من مساحة وقدرة استيعابية وخدمية كبيرة. وعلى الصعيد العلمي، ستشمل «مدينة دبي للاستوديوهات» أكاديمية للفنون السينمائية ينتظر أن تغطي كافة أفرع العمل السينمائي مثل التمثيل، والإخراج، والمونتاج، والهندسة الصوتية، بما يساعد على تنمية المواهب المحلية والإقليمية الساعية إلى الدخول إلى عالم السينما عبر بوابة الدراسة الأكاديمية التي تساهم في رفد الموهبة بالعلم والمعرفة. أما المنطقة التجارية، فستتميز بالخيارات المناسبة للمكاتب الإدارية ومنافذ البيع، وكذلك المنشآت الفندقية وغيرها من الأنشطة ذات الطابع التجاري، حيث ستتضمن تلك المنطقة فندقا ومركزاً للأعمال ومجموعة من الأراضي المخصصة للإيجارات طويلة الأمد، في حين يشمل مخطط المدينة أيضا منطقتين سكنيتين لخدمة العاملين في المدينة، حيث تساعد تلك المنشآت على تيسير انتقال العاملين من وإلى مقار عملهم بسرعة وسهولة.