ميشال سورا عاد من لبنان إلى فرنسا محمولا في نعش .. وزوجته السورية انتقدت «لامبالاة» باريس بمصيره

TT

تسلم وفد قضائي فرنسي صباح الاول من امس في بيروت رفات الباحث ميشال سورا بعد عشرين عاما على اختطافه واحتجازه على يد منظمة «الجهاد الاسلامي» ومن ثم تصفيته. وقد شهدت باحة المقر العام لمديرية قوى الأمن الداخلي مراسم تسليم الرفات، بحضور السفير الفرنسي لدى لبنان برنار ايمييه واعضاء من السفارة. وحُمل النعش الملفوف بعلم فرنسا الى وسط الباحة حيث وضع عليه المدير العام للأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي اكليليّ زهر وأدى التحية العسكرية، في حين انحنى السفير ايمييه ورفاقه امامه، لتطوى صفحة أخرى مؤلمة من تاريخ الخطف والاغتيالات والتصفيات الجسدية في لبنان.

في مطار رفيق الحريري الدولي اكتسبت مراسم الوداع وجها انسانياً أكثر حدة بوجود زوجة سورا السورية الاصل ماري معمرباشي سورا وابنتيه الكساندرا (24) عاماً وليتيسيا (22) ولم يكن عمرها قد تجاوز بضعة أشهر حين اختطافه. كذلك حضر الرهينة السابق الصحافي جان بول كوفمان. وقبيل اقلاع الطائرة اختلت العائلة ومعها الاصدقاء بالنعش لبضع دقائق.

ميشال سورا الذي هجر موطنه بعد انتهاء الثورة الطلابية في باريس عام 1968 بحثاً عن ثورات العالم الثالث، اختطف في بيروت بتاريخ 22 مايو (أيار) 1985 على ايدي مسلحين، قالوا في حينه انهم ينتمون الى منظمة «الجهاد الاسلامي». وفي10 مارس (آذار) 1986 أعلنوا في بيان لهم انهم «نفذوا حكم الاعدام بالباحث المتخصص الجاسوس» وأرفقوا البيان بثلاث صور يظهر فيها ميتاً. وكان اختطاف سورا قد اثار موجة استنكار في اوساط اللبنانيين، ويقول صديقه الاستاذ الجامعي شوقي دويهي لـ«الشرق الاوسط»: «جاء ميشال الى الثورة الفلسطينية باحثاً عن ساحة جديدة لنضاله. عندما تعرفت اليه علمت كم كان يحمل هموم هذه الامة. وهمه الاخير كان العمل على الحركات الاسلامية لدراستها والتعرف الى افكارها، وتحديداً في سورية. مرجعه الاساسي كان ابن خلدون. إضافة الى ذلك كان دائما انسانا منطلقاً بأفكاره. وكان فخوراً بانتمائه الى ثقافتين: الفرنسية بحكم مولده والعربية بحكم زواجه من سيدة سورية. كان حلو المعشر ومرحاً، بمعزل عن مشاكله الخاصة». وميشال كان بدأ رحلته «الشرقية» بالعمل في معهد دمشق الفرنسي ثم انتقل الى «مركز الابحاث والدراسات حول الشرق الاوسط المعاصر» في بيروت. كان يسكن في منطقة الخندق الغميق الشعبية واعتمد على توصيف المؤرخ ابن خلدون للوضع في لبنان وسورية، متوقفاً عند «العصبية التي تدفع بجماعة ما الى الاستحواذ على السلطة وتولي مقاليد الحكم من دون القبول بشريك او برأي معارض». وكانت زوجته ماري قد تبلغت من السلطات الفرنسية خبر العثور على رفات زوجها في 25 اكتوبر (تشرين الاول) 2005. وقد انتقدت التصرف الرسمي الفرنسي حيال قضية زوجها الذي كان «ملحقاً بوزارة الخارجية». وابدت استغرابها حيال «تصرف فرنسا بهذه اللامبالاة تجاهي، وهي التي عملت على انشاء لجنة ميليس في لبنان (لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري) والتي تبذل جهداً كبيراً من أجل كشف المسؤولين عن أعمال ارهابية». وصرحت ماري سورا الى صحيفة فرنكوفونية لبنانية انها ستلاحق «حزب الله»، علما انها قدمت شكوى ضد مجهول في 22 مايو (أيار) 2002 بتهمة «جرائم خطف واحتجاز متشددة» مع الرهائن السابقين روجيه اوك ومارسيل كارتون وجورج هانسن وجان بول كوفمان وجان لوي نورمندان. وهي تعتبر ان «الجهاد الاسلامي» كان غطاءً لحزب الله»، مضيفة في حديثها ان «تبني الجهاد الاسلامي في تلك الفترة خطف زوجي لا يعني شيئاً» وهاجمت بشدة «كل الذين يحاولون اخفاء الهوية الحقيقية للخاطفين».