إسلام آباد وكابل تتبادلان الاتهامات بشأن «القاعدة» وطالبان

الرئيس مشرف: الاتهامات الأفغانية لباكستان حول التساهل مع طالبان ستقوض الحرب على الإرهاب

TT

قال الرئيس الباكستاني برويز مشرف ان الاتهامات الافغانية لحكومة بلاده حول مزاعم التساهل مع طالبان ستقوض الحرب على الارهاب. واضاف مشرف خلال لقائه الجنرال جون أبي زيد قائد القيادة المركزية الاميركية: «ان استمرار مزاعم كابل حول المعلومات التي نقلها كرزاي خلال زيارته الاخيرة في منتصف فبراير (شباط) لاسلام اباد حول وجود مسؤولين من طالبان او «القاعدة» في باكستان، سيسمم العلقات بين البلدين. وقال الرئيس الباكستاني ان «هذه اللائحة تتضمن معلومات تعود الى اشهر عدة وتخطاها الزمن»، ليؤكد عدم وجود اي عناصر مماثلة في بلاده.

ونقلت قناة جيو التلفزيونية الباكستانية الخاصة عن مشرف قوله للجنرال الاميركي خلال لقائهما في مدينة روالبيندي إن «اتهامات أفغانستان (ضد باكستان) قد تعرقل الحرب الدائرة ضد الارهاب». لكن متحدثا عسكريا باكستانيا أعرب عن أمله في أن يساعد اللقاء على تهدئة التوتر بين البلدين ووضع نهاية للاتهامات التي توجهها كابل.

وقال الميجور جنرال شوكت سلطان إن الاجتماع بحث أيضا سبل تعزيز التعاون في مجال الاستخبارات بين باكستان وأفغانستان والولايات المتحدة في الحرب ضد الارهاب. وقال إن باكستان تريد إنهاء حالة التوتر مع أفغانستان لتمكين البلدين من تحقيق الهدف المشترك بخوض الحرب ضد الارهاب وتحقيق النصر فيها.

وكان أبي زيد وصل الى إسلام آباد أمس تلبية لدعوة مشرف في الوقت الذي تصاعدت فيه حدة التوتر بين باكستان وأفغانستان في أعقاب اتهامات كابول بأن إسلام آباد لا تبذل الجهود الكافية لوقف التسلل عبر الحدود من جانب عناصر طالبان والقاعدة الذين يعملون من داخل أراضيها.

وصرح مشرف في وقت سابق بأنه دعا أبي زيد لاطلاعه على الاتهامات الافغانية والقائمة القديمة للمطلوبين التي تضم أقل من 40 مشتبها فيه بينهم الزعيم الروحي لحركة طالبان الملا محمد عمر. وكان الرئيس الافغاني حامد كرزاي سلم تلك القائمة إلى السلطات الباكستانية خلال زيارته إلى إسلام أباد الشهر الماضي.

وإن كان اسامة بن لادن يقرأ الصحف اليومية، فلا شك انه يفرح بالمشادة الجارية بين باكستان وأفغانستان حليفي الولايات المتحدة في «حربها على الارهاب» بشأن وجود عناصر طالبان و«القاعدة» على حدودهما المشتركة.

ووجه الرئيس الباكستاني برويز مشرف انتقادات لاذعة الى نظيره الافغاني حميد كرزاي بعيد مغادرة الرئيس الأميركي جورج بوش اسلام اباد الأحد الماضي.

وقال مشرف في مقابلة اجرتها معه شبكة «سي إن أن» الاميركية ان كرزاي «يتناسى» ما يجري في بلاده ليلصق كل الشرور بباكستان.

ووصف مشرف غير آبه للقواعد الدبلوماسية البديهية، بـ«السخافة» المعلومات التي نقلها كرزاي الى اسلام اباد خلال زيارته الاخيرة في منتصف فبراير (شباط) حول وجود مسؤولين من طالبان او «القاعدة» في باكستان.

وقال الرئيس الباكستاني ان «هذه اللائحة تتضمن معلومات تعود الى اشهر عدة وتخطاها الزمن»، ليؤكد عدم وجود اي عناصر مماثلة في بلاده، مستشهدا في ذلك بوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية «حتى السي آي إيه تعلم ذلك».

ووجهت كابل امس نداء جديدا الى باكستان من اجل ان تتصدى لوجود عناصر طالبان على ارضها، في وقت سقط فيه اكثر من مائة قتيل في صفوف الناشطين الاسلاميين في معارك منذ السبت في المنطقة القبلية الباكستانية.

ورأى المحلل الباكستاني طلعت مسعود ان «هذا يكشف بصورة خاصة عجز باكستان وإفغانستان والولايات المتحدة على احلال السلام في المنطقة» حيث لجأ زعيم «القاعدة» اسامة بن لادن على حد اعتقاد اجهزة الاستخبارات.

ورأى هذا الجنرال الباكستاني المتقاعد ان «هذه المشادة تشكل تهديدا مباشرا للحرب على الارهاب».

وتطغى الريبة على العلاقات بين كابل واسلام اباد منذ اطاحة نظام طالبان في نهاية 2001 بعد ان حكم افغانستان بدعم من باكستان بصورة رئيسية.

وان كانت الرئاسة الآن بعهدة حميد كرزاي الذي ينتمي الى اثنية الباشتون، الا ان السلطة الافغانية غالبا ما سيطرت عليها اثنيات اخرى قاتلت على مدى خمس سنوات حركة طالبان الباشتونية بغالبيتها واقامت روابط وثيقة مع الهند، العدو التاريخي لباكستان.

وتتبادل كابل واسلام اباد منذ نهاية 2001 الاتهامات بشأن وجود عناصر من طالبان و«القاعدة» على طول الحدود بينهما، وهي حدود يصعب ضبطها ويعيش من جانبيها سكان من اثنية الباشتون الذين لم يتمكن اي شعب عبر التاريخ من المغول الى البريطانيين من السيطرة عليها.

وقال رفعت حسين مدير المعهد الاقليمي للدراسات الاستراتيجية في كولومبو «من الواضح ان هذا رد فعل كابل وإسلام آباد تحت الضغوط المتواصلة التي تمارسها عليهما الولايات المتحدة، مطالبة اياهما بالقيام بالمزيد ضد طالبان تعويضا عن فشلها في افغانستان».

كما ان الاستياء الباكستاني ازداد بعد زيارة بوش الى الهند حيث ارسى توجها استراتيجيا جديدا قبل ان ينتقل الى باكستان حيث ذكر مشرف انه ما زال «يتحتم القيام بالكثير» في مكافحة الارهاب.

ويندد مسؤولون باكستانيون، طالبين عدم كشف هويتهم، بسعي الهند وأفغانستان لجعل باكستان بمثابة كبش محرقة في هذه المسألة ويتهمون بدورهم نيودلهي بالوقوف خلف الاضطرابات المستمرة منذ اكثر من سنة في اقليم بلوشستان (جنوب غرب باكستان) عند الحدود مع ايران وأفغانستان.

وعزت سمينة احمد، مديرة معهد «إنترناشونال كرايسيس غروب» في باكستان، العنف في المنطقة بالدرجة الاولى الى انعدام الديمقراطية وقالت «ان استخدام القوة العسكرية ضد شعب البلد نفسه لا يشكل في اي مكان من العالم ردا ناجعا».

الى ذلك قدّم وزير الخارجية الباكستاني، خورشيد قصوري، اقتراحًا لأفغانستان بزرع المناطق الحدودية المشتركة بين البلدين بالألغام، بذريعة منع تسلل من أسماهم «الإرهابيين»، بعد أن رفض الرئيس الأفغاني الموالي للاحتلال حميد كرزاي مقترحًا باكستانيًا سابقا بإقامة جدار من الأسلاك الحدودية الشائكة.

وقال قصوري في مؤتمر صحافي: إن باكستان منحت الرئيس الأميركي جورج بوش خلال زيارته الأخيرة للبلاد وثائق تثبت قيامها بما عليها لمنع ما وصفها بـ«التسللات الإرهابية».

واتهم قصوري في مؤتمر صحافي بعض مسؤولي الاستخبارات والعسكريين الأفغان برغبتهم في «إعاقة العلاقات بين البلدين»، ولكنه قال: إن باكستان وأفغانستان «توأم لا يمكن الفصل بينهما». وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء الكويتية، نصح قصوري القيادة الأفغانية الموالية للاحتلال الأميركي باستخدام «القنوات الدبلوماسية واللجنة الثلاثية المشتركة بين البلدين والولايات المتحدة إلى جانب التبادل الاستخباري القائم لنقل المخاوف الأفغانية إلى باكستان بدلاً من توجيه الاتهامات عبر وسائل الإعلام».