رايس تعتبر إيران أكبر خطر يواجه أميركا وخامنئي يؤكد مواصلة البرنامج النووي

البرادعي يرحب بدور مجلس الأمن

TT

فيما أكدت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ان ايران تمثل اكبر خطر يتهدد بلادها، أعلن المرشد الأعلى للثورة الاسلامية في ايران آية الله علي خامنئي امس ان بلاده «ستقاوم اي ضغط او مؤامرة» وستواصل برنامجها النووي. واعتبر ان ايران ملزمة مقاومة ما اعتبره مواجهة مع واشنطن، وذلك لوضع حد لجهود الولايات المتحدة التي تسعى، في رأيه، الى القضاء على النظام في طهران. وإذ لوحت جهات عدة بان فرض العقوبات على طهران بات احتمالاً قوياً، استبعد مصدر صيني مطلع في فيينا، في تصريحات لـ«الشرق الاوسط»، اتخاذ اجراءات من هذا النوع. واستبقت الولايات المتحدة تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الملف النووي في دعوتها للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن لمناقشة ما يمكن أن يقوم به المجلس كرد فعل على تقرير الوكالة الذي وصل إلى أعضاء المجلس ليلة اول من امس. وقد خلص تقرير الوكالة الدولية إلى أنه ليس هناك ما يشير على وجود أدلة إلى تطوير أسلحة نووية في إيران.

في الوقت نفسه أفاد مدير الوكالة الدولية محمد البرادعي بأن الوكالة ليست متأكدة من عدم وجود أنشطة تهدف إلى تطوير السلاح النووي. وأشار إلى عدم وجود وضوح حول برنامج تخصيب اليورانيوم، وأعرب عن مخاوف الوكالة في ما يتعلق بحجم وطبيعة البرنامج النووي. ورحب بدور مجلس الأمن وقال «إنه مرحلة جديدة من الدبلوماسية وتوسيع الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل».

وقال سفير الصين لدى الامم المتحدة وانغ غوانغيا «إن الوضع جدي للغاية»، وحذر من أية إجراءات من شأنها أن تزيد الوضع خطورة، على حد تعبيره. وأفادت مصادر دبلوماسية قريبة من الوفد الأميركي بأنها بصدد إعداد مسودة بيان رئاسي إلى مجلس الأمن، وأبرز ما فيها تحديد مهلة زمنية لا تزيد على 14 يوما تطالب من مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن مدى امتثال إيران في أن تخضع منشآتها النووية للتفتيش. ونسب الى السفير الأميركي جون بولتون قوله «إن ما نقوم به هو الحصول من الأعضاء الخمسة الدائمين على الرد المناسب من قبل مجلس الأمن». ولمح السفير البريطاني ايمري جونس بيري إلى ان اعداد نص مشروع بيان بات وشيكاً قائلاً «إن هناك تفاهما حول الوقت الذي يقدم فيه النص».

وفي وقت لاحق، اعربت وزيرة الخارجية الأميركية رايس عن اعتقادها بان ايران هي التحدي الاول امام الولايات المتحدة. جاء ذلك بعد تعهد القيادة الايرانية بعدم القبول بتسوية مع الغرب في الازمة الخاصة بالبرنامج النووي الايراني. جدير بالذكر ان الدول الغربية وفي مقدمتها اميركا وبريطانيا وفرنسا والمانيا تشكك بمدى صحة تاكيدات طهران بانها لا ترغب في بناء قدرات نووية عسكرية وان جل ما تريده هو توليد طاقة نووية لاغراض سلمية. ومن ناحيته، اشار خامنئي في خطاب امام مجلس الخبراء «صار الشعب الايراني والمسؤولون في الجمهورية الاسلامية الايرانية اليوم اقوى من ذي قبل، وسيقاومون مثل الفولاذ أي ضغط او مؤامرة». واضاف «بعون الله وباستخدام المنطق والحكمة وبالحفاظ على وحدتهم، سيواصلون طريقهم نحو التكنولوجيا المتقدمة بما يشمل التكنولوجيا النووية».

وفي حين تعارض الولايات المتحدة بشدة البرنامج النووي الايراني، اعتبر المرشد الاعلى ان «السلطات الاميركية تستخدم القضية النووية كذريعة (...) لمواجهة النظام الاسلامي». واوضح ان واشنطن تنتهج بذلك سياسة التزمتها منذ 27 عاما، اثر قيام الثورة في ايران. وقال «بناء عليه، اذا تخلى الشعب الايراني وحكومته عن حقهما في التكنولوجيا النووية، فان المغامرة (الاميركية) لن تنتهي والاميركيون سيجدون ذريعة اخرى».

ونقلت قناة (ايريب) التليفزيونية الحكومية عن خامنئي قوله «سنقاوم وسنمضي في طريق التقدم والعزة اعتمادا على الله وعلى الحكمة». وأضاف المرشد الاعلى الذي يمتلك الكلمة الاخيرة بشأن جميع شؤون الدولة بموجب الدستور «إذا ما استسلمنا هذه المرة فإن الاوروبيين سيأتون بأعذار جديدة لحرماننا من تحقيق أي إنجازات علمية».

ومن جانبه، قلل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد امس من اهمية اي قرار قد يتخذه مجلس الأمن مؤكداً «تعتقد بعض القوى انها باجتماعها واتخاذها قرارات يمكنها ان تجبر الشعب الايراني على التراجع». واعتبر ان الايرانيين «جميعا يقولون امرا واحدا ان الطاقة النووية هي حقنا الذي لا عودة عنه».

الى ذلك، نقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية عن عبد الرضا رحماني فضلي المسؤول في المجلس الاعلى للأمن للقومي ان «جمهورية ايران الاسلامية مستعدة للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من اجل الحصول على حقوقها لكنها لن تقبل اي تسييس للملف». واضاف ان «ايران لن تتراجع عن حقها في البحث والتنمية لان ذلك يناقض ارادة الشعب الايراني».

اوضح مصدر دبلوماسى صينى لـ«الشرق الاوسط» ان الصين عندما تقول على لسان مسؤوليها انها لن تسمح بتصعيد قضية الملف النووى الايرانى فإنها تعنى ما تقول». واشار الى ان الدبلوماسيين الصينيين يتحركون على مستويات عدة ويتابعون الاتصالات بالاطراف المعنية، لكن ذلك كله يتم بـ«اسلوب صيني (اى دون ضجيج)».

وتساءل المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه «لمصلحة من هذا التهديد والوعيد الذي يدور حالياً؟»، مشددا ان الحوار هو السبيل الوحيد لايجاد مخرج وذلك ببعض التنازلات من كل طرف خصوصاً ان الاقتراح الروسي لا يزال مطروحاً. واشار الى ان أي طرف لم يعلن بعد رفضه، مما يعنى ان هناك فرصة لنجاح المفاوضات، مؤكداً ان الخطوة الاساسية هي التزام ايران استمرار تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة. وحذر من انسحاب طهران من الوكالة سيكون خطاً فادحاً. وابدى استياءه من الحديث الدائر عن «عقوبات» محتملة ضد ايران، وذلك قبل ان يتم ادراج الملف ضمن اجندة مجلس الأمن او حتى يعلن عن موعد للنظر فيه. واضاف عن ما يقال عن عقوبات متوقعة هو عبارة عن ضرب من «الفرقعة السياسية» وزاد إن «الجميع يدركون ان العقوبات ليس امرا هينا يمكن فرضها ثم الغاؤها بسهولة». الى ذلك، أفيد امس أن إيران مدت مهلة إعادة جميع اللاجئين الافغان إلى بلادهم ستة أشهر أخرى. واتفق مسؤولون إيرانيون وأفغان خلال اجتماع مشترك عقد أمس الاربعاء في مشهد بشمال شرق إيران بحضور رئيس المفوضية في طهران على مد مهلة إعادة اللاجئين الافغان في إيران حتى 20 مارس (آذار) العام القادم.

وفي هذه الاثناء، نقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية عن وزير الاستخبارات الايراني غلام حسين محسني اجدئي قوله ان «الاشخاص الخمسين المتورطين في الاعتداءات الاخيرة في خوزستان اوقفتهم قوات الأمن، وهم الان قيد التوقيف وسيحالون قريبا على السلطات القضائية».