دبلوماسي غربي: واشنطن تفضل «تقاعد» لحود من تلقاء نفسه

قال لـ«الشرق الاوسط»، إن أميركا تشك في تخلي «حزب الله» عن سلاحه «حتى لو انسحبت إسرائيل»

TT

أكد دبلوماسي غربي رفيع المستوى في بيروت لـ«الشرق الاوسط»، ان الولايات المتحدة الاميركية تفضل «تقاعد» الرئيس اللبناني اميل لحود من تلقاء نفسه، وانها تنظر الى مسألة «التغيير الرئاسي» كجزء لا يتجزأ من القرار 1559 ولا تراه مطبقاً طالما لم تحدث انتخابات حرة ونزيهة.

وأشار الدبلوماسي، الذي رفض ذكر اسمه، الى ان احتمال الانسحاب الاسرائيلي من مزارع شبعا «لنزع ذرائع حزب الله بحث على أعلى المستويات في واشنطن. وخلصت المباحثات الى انه من غير المؤكد ان الانسحاب ـ اذا حصل ـ سيؤدي الى نزع سلاح الحزب الذي قد يتذرع بأمور اخرى». لكنه أبدى «تفهمه» لوجود «حزب الله» في مؤتمر الحوار الوطني لانه «قوة سياسية ونيابية» بغض النظر عن الموقف من نشاطاته الاخرى. ووجه «نصيحة» الى المتحاورين بان لا يتركوا مسألة نزع سلاح الحزب «بلا تواريخ محددة».

وقال الدبلوماسي انه «عكس الشائعات والاتهامات، فان الولايات المتحدة والدول الاوروبية تدعم بقوة هذا الحوار وتعتبره خطوة واعدة لان الكثير من القضايا لا تحل الا عبر الحوار»، مشيراً الى انطباع حصل عليه من بعض المشاركين في اعمال المؤتمر بان «النقاش بناء». لكنه رفض اطلاق توقعات حول ما قد ينتج عن هذا المؤتمر باستثناء توقعه بمعاودة انطلاق الحوار الاثنين بمشاركة النائب وليد جنبلاط.

ورفض الدبلوماسي التعليق على مشاركة «حزب الله» في الحوار، قائلاً: «موقفنا واضح من الحزب. لكننا نتفهم اسباب مشاركته في الحوار لأنه قوة سياسية ولديه كتلته البرلمانية». لكن الدبلوماسي نفسه رفض ربط موضوع نزع سلاح الحزب بقضية مزارع شبعا، مسجلاً شكوك الدوائر الغربية في انه «حتى لو انسحبت اسرائيل من المزارع، فان هذه الدوائر ليست متأكدة من ان ذلك سيدفع الحزب الى التخلي عن سلاحه». ولم يستبعد تذرع الحزب بمواضيع اخرى كالقرى الحدودية السبع او اللبنانيين في السجون الاسرائيلية، مشيراً الى ان هذا الموضوع تحديداً وسواه درس بدقة في عواصم القرار، وخصوصاً في واشنطن «وكانت النتيجة ان لا شيء مؤكداً بان الموضوع يحل بهذه السهولة».

ورأى الدبلوماسي ان تقدم لبنان بملف عن ملكيته للمزارع الى مجلس الأمن غير كاف لاثبات هذه الملكية، مشيراً الى ان الامر بحاجة الى اتفاق لبناني ـ سوري موثق حول ترسيم الحدود في المنطقة. لكنه قال انه لا يتوقع تعاوناً سورياً في هذا المجال، مستدلاً على ذلك بان اربعة قرارات صدرت في مجلس الأمن، خلال عضوية سورية فيه، اكدت على شمول مزارع شبعا بالقرارين الدوليين 242 و338 وليس القرار 425 من دون اي اعتراض سوري، بالاضافة الى ان هذه الاراضي تابعة عملياً لقوة «الاندوف» الدولية التي تفصل بين الاسرائيليين والسوريين في الجولان، فيما يعتبر لبنان من اختصاص «اليونيفيل» (القوة الدولية العاملة في جنوب لبنان).

ونفى الدبلوماسي الغربي بشدة وجود اي تدخل اوروبي او اميركي في مسار الحوار اللبناني. لكنه اعترف بـ «اننا نتحدث الى بعض المسؤولين لمعرفة مسار الامور واتجاهاتها».

اما النصيحة «الوحيدة» التي يوجهها الدبلوماسي الى المتحاورين فهي ان الدوائر الغربية ـ وخاصة الولايات المتحدة ـ لا تعتبره مجديا تأجيل موضوع نزع سلاح «حزب الله» من دون تواريخ محددة، مشيراً الى ان هذا كان السبب في الانتقادات العلنية والمباشرة التي وجهتها الولايات المتحدة الى التفاهم الذي وقع بين «حزب الله» والعماد ميشال عون. وذكر ان عون تبلغ هذا الموقف شخصياً وعبر بعض القريبين منه ان «من غير الجائز السماح ببقاء الحزب دولة ضمن الدولة».

غير ان الدبلوماسي اكد ان هذا الموقف لم يكن السبب في عدم لقاء وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس لعون خلال زيارتها الاخيرة للبنان «فوقتها كان محدوداً. وكان من غير المقبول ان تلتقي مرشحاً للرئاسة من دون غيره، لان ذلك سيعطي انطباعاً انها تؤيد ترشيح عون للرئاسة. وهي لا تريد ان تقدم اي ايحاءات لان الموضوع لبناني بحت».

واوضح الدبلوماسي الغربي ان الولايات المتحدة وفرنسا عملتا من اجل تجنب تمديد ولاية الرئيس اميل لحود. وساهمتا في السعي لاصدار القرار 1559 من اجل منع التمديد. ولهذا السبب تعاملت الولايات المتحدة مع لحود كأمر واقع وفضل السفير الاميركي عدم زيارته الا عند الضرورة الملحة لعدم اعطاء انطباع بقبول بلاده بالتمديد رغم محاولات تسويقه لديها قبله وبعده.

واكد الدبلوماسي ان واشنطن «لا تعتبر القرار 1559 منفذاً طالما لم تحصل انتخابات رئاسية حرة ونزيهة» وانها تضع التغيير الرئاسي كجزء لا يتجزأ من القرار الدولي. لكنه شدد على انها تريد هذا التغيير وفق المبادئ الدستورية لا عبر الشارع او عبر العنف وانها تفضل «تقاعد» الرئيس المبكر من تلقاء نفسه لان في ذلك حلاً للمشاكل القائمة.

كذلك اكد الدبلوماسي الغربي على «عدم واقعية» بعض الكلام في لبنان عن صفقة اميركية مع سورية في موضوع التحقيق الدولي وتقديم «اكباش محرقة» للنظام السوري، قائلا ان واشنطن «غير مهتمة باتفاق كهذا» وانها، من جهة اخرى، غير قادرة على تقديم تعهدات من اي نوع لان التحقيق مستقل ويدار من الامم المتحدة.

واشار الدبلوماسي الغربي الى ان الولايات المتحدة ارادت من خلال توجيه الدعوة الى النائب وليد جنبلاط اظهار الدعم الى شخص من قادة «ثورة الارز» حياته مهددة بسبب مواقفه. وقال ان المسؤولين الاميركيين حاولوا مناقشة الوضع اللبناني معه وكيفية التعاون لدعم السيادة اللبنانية التي اصبحت موضوعا اساسيا في اولويات الادارة الاميركية، كما اصبحت اهتماما شخصيا للرئيس جورج بوش منذ اغتيال الرئيس الحريري.

ورفض الدبلوماسي بشدة الاتهامات القائلة ان الولايات المتحدة تدفع لبنان الى حرب اهلية، مشددا على انها «اول الراغبين في عدم حصولها». كما استخف بالاتهامات التي تطلق حول قيادة الدول الغربية لقوى «14 اذار» قائلا ان الذين يوجهون الاتهامات «كانوا يتلقون التعليمات من غيرنا». ورأى ان شخصيات مثل النائب وليد جنبلاط لا يمكن ان تقاد او تعطى توجيهات، لكنه تحدث عن توافق بين الولايات المتحدة والدول الغربية الاخرى على نقاط عدة تم الالتقاء عليها سابقا، وهي الانسحاب السوري ووضع حد للتدخلات ودعم التحقيق الدولي، مشيرا الى ان «هذا الالتقاء يزيد او يقل تبعا للقوى داخل تجمع 14 اذار نفسه».

واوضح الدبلوماسي الغربي ان النائب سعد الحريري او اي سياسي لبناني يتحدث عن استمرار عمل «حزب الله» وربطه بقضية المزارع سيبلغ نفس الموقف «والمخاوف من ترك موضوع السلاح بلا حلول» مشيرا الى ان الفارق بين ما يقوله النائب الحريري وما فعله العماد عون عبر التفاهم الذي وقعه مع «حزب الله» هو ان الاخير اتى مفاجئا ولم يكن لدى واشنطن اي معلومات مسبقة عنه.