مسؤولون عراقيون يكشفون: وزارة الصحة تلقت أوامر حزبية بعدم توثيق ضحايا الإعدام بالرصاص

بعد تأكيد مدير مشرحة بغداد أن 1300 قتلوا في العنف الطائفي إثر تفجير سامراء

TT

بعد أيام من تفجير مرقد الامامين علي الهادي وحسن العسكري في سامراء، والذي أطلق موجة من اعمال قتل انتقامية بحق العرب السنة، طلب الحزب الشيعي الرئيسي في «الائتلاف العراقي الموحد» الحاكم، من وزارة الصحة وقف تسجيل حالات الاعدام بإطلاق الرصاص، وفقا لمسؤول في الوزارة مطلع على سجلات الوفيات.

وقال المسؤول، الذي تحدث مشترطا عدم ذكر اسمه خوفا على حياته، ان ممثلا عن المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق أصدر امرا الى المستشفيات الحكومية ومشارح الجثث يقضي باعداد قوائم بحالات الوفيات الناجمة عن تفجيرات او صدامات مع المتمردين، وليس الحالات الناجمة عن الاعدام رميا بالرصاص.

ويبدو أن التصريح الصادر هذا الاسبوع عن مكتب لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة في بغداد يدعم معلومات المسؤول في وزارة الصحة. وقال المكتب انه تلقى معلومات حول مشرحة بغداد الرئيسية (الطب العدلي)، حيث يؤخذ الضحايا ممن أعدموا باطلاق الرصاص عليهم، تشير الى ان «المدير الحالي يتعرض الى ضغط من جانب وزارة الداخلية لكي لا يكشف عن مثل هذه المعلومات ويقلل عدد الضحايا».

ونفى متحدثون باسم وزارة الصحة والمجلس الأعلى للثورة الاسلامية اصدار أي أمر للتغيير في سجلات الوفيات.

وقد ازدادت خلال العام الماضي عمليات خطف وقتل الرجال من العرب السنة، باطلاق الرصاص على رؤوسهم من الخلف في الغالب. ويلقى على نطاق واسع اللوم في ذلك على المليشيات الشيعية المتحالفة مع الحكومة و«فرق الموت» التي تعمل من داخل وزارة الداخلية التي يهيمن عليها المجلس الأعلى للثورة الاسلامية. وتوجه الى المليشيات الشيعية، على نحو خاص، تهم بخطف واعدام اعداد كبيرة من السنة في الأيام التي أعقبت مباشرة تفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء يوم 22 الشهر الماضي.

وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قد اشارت في عددها الصادر يوم 28 الشهر الماضي الى أن ما يزيد على 1300 ضحية باطلاق الرصاص قد جلبت الى مشرحة بغداد خلال الأيام الستة الأولى بعد تفجير سامراء. وقدم هذا الرقم أحد العاملين في المشرحة رفض الاشارة الى اسمه.

ونفى رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري التقرير قائلا: ان اعمال العنف الطائفية الشيعية ـ السنية ازهقت ارواح 379 شخصا فقط في الأسبوع الذي اعقب الهجوم على المرقد. ووصف الجنرال جورج كيسين قائد القوات الأميركية في العراق، تقرير «واشنطن بوست» بأنه مبالغ فيه وغير دقيق. ولم تجر الاجابة على رسالة بالبريد الإلكتروني وجهت الى مسؤولين عسكريين أميركيين الأسبوع الحالي تطلب تحديثا لأرقام الضحايا.

ولكن خلال الأسبوع الماضي رفضت وزارات عديدة اعطاء تصنيف للضحايا المشار الى ان عددهم هو 379 فقط ، أو قالت انها غير قادرة على ذلك. ومن الواضح ان المعلومات المتضاربة تدعو الى الارتياب بسجلات الحكومة.

وفضلا عن الشخص العامل في المشرحة فان ثلاثة مصادر، هم مسؤول في وزارة الصحة ومسؤول في وزارة الداخلية ومسؤول دولي في بغداد، وهم جميعا معنيون باحصاء او مراقبة حالات الوفيات المتزايدة، يضعون عدد الضحايا عند حدود الألف او يزيد، على الرغم من أن احدا منهم لم يصل بالعدد الى 1300. وقال مصدران ان الضغوط التي يمارسها زعماء شيعة بهدف عدم تقديم معلومات عن حالات الاعدام رميا بالرصاص قد أدت بهما الى الاشارة الى العدد الأدنى الذي اعلنه الجعفري.

وقال المسؤول الدولي ان «سجلات وزارة الصحة» تشير الى حوالي ألف حالة قتل قبل ان يعلن الجعفري نفيه. وأضاف انه «قبل الثامن والعشرين من الشهر الماضي، بل وحتى الأول من الشهر الحالي جرى الاعتراف بالعدد المعلن. ثم اعلنت الحكومة رقمها الأدنى. وقال المسؤول الدولي «انهم خائفون».

وتقول سلطات المشرحة الان انها تسلمت 250 جثة فقط بين 22 و28 الشهر الماضي ما يعني حوالي 35 جثة يوميا، وهذا لا يزيد الا قليلا عن المعدل اليومي الذي هو بحدود 30 جثة والذي يشار اليه منذ اواسط العام الماضي. ومن غير الواضح ما اذا كانت الحكومة قد شملت عمليات القتل اعداما بالرصاص في الحصيلة عن الأرقام وكيف فعلت ذلك.

ونفى مسؤولون عراقيون ان يكون قد جرى استغلال أرقام الوفيات. وقال قاسم يحيى، المتحدث باسم وزارة الصحة «أجد من غير المحتمل تماما والغريب جدا أن يأتي مسؤول سياسي معين ويفرض وجهة نظره على هذه الوزارة».

وقال هيثم الحسيني، المتحدث باسم المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق «كيف يمكن للمجلس ان يمارس ضغوطا على السلطات أو الناس؟ لا اتوقع انكم تصدقون مثل هذا الأمر. كيف يمكن للمجلس ان يذهب الى وزارة ويعطي توجيهات الى هذا الموظف او ذاك للقيام بهذا العمل أو ذاك ؟».

وقال الحسيني ان «هذا جزء من الحملة التي يحاول أعداء العراق والشعب العراقي القيام بها لارباك الأوضاع. وهذا جزء من حملتهم لاظهار أكاذيبهم بشان وزارة الداخلية وما يجري وكذلك لصرف أنظار الناس عن الجرائم التي يرتكبونها ضد المدنيين».

ويدير وزارة الصحة، المسؤولة عن مشرحة بغداد والمستشفيات الحكومية، الحزب الذي يقوده مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي الذي خاضت المليشيا التابعة له وتحمل اسم «جيش المهدي»، معركتين مسلحتين ضد القوات الأميركية عام 2004. ومنذ تفجير سامراء توجه الاتهامات على نطاق واسع الى جيش المهدي بخطف وقتل السنة.

وقد نفت ميليشيا الصدر أية صلة لها بعمليات القتل، مشيرة الى ان الجرائم ترتكب على يد أشخاص يرتدون اللباس الأسود لتوجيه الأنظار الى جيش المهدي.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»