لندن: إيران في الاتجاه الخاطئ منذ انتخاب أحمدي نجاد

روسيا تعرب عن خيبة أملها من أسلوب التفاوض الإيراني

TT

اعتبر وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أمس ان ايران تسير في «الاتجاه الخاطئ» منذ انتخاب محمود احمدي نجاد رئيساً لها، معتبراً ان «ايران والايرانيين يستحقون ما هو افضل»، جاء ذلك في خطاب لسترو امام المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية والذي كان تلخيصاً للسياسة البريطانية في مواجهة ايران، التي باتت تنحصر في الفصل بين النظام الايراني وشعبه. وجاء خطاب سترو في وقت انتقد نظيره الروسي الدبلوماسية الايرانية، قائلاً: «روسيا شعرت بخيبة امل كبيرة من تصرف ايران في المفاوضات الذي لا يساعد اولئك الذين يريدون ايجاد وسيلة سلمية لتسوية الوضع المتعلق بالمشكلة النووية الايرانية».

وأدان سترو مواقف الرئيس الايراني التي وصفها «بالاستفزازية»، لا سيما في الملف النووي، وقال «تسير ايران للاسف في وجهة خاطئة، ومنذ انتخابه رئيساً، يعتمد احمدي نجاد مع فريق صغير يحيط به سياسات داخلية وخارجية يخشى معها ان تسيء الى سمعة ايران وعلاقاتها مع باقي العالم». ومن جهة ثانية قال سترو ان بلاده تأمل في ان يبقى باب المفاوضات مع طهران حول برنامجها النووي مفتوحاً ليكون في الامكان «استئناف المفاوضات في اي وقت». وعدد وزير الخارجية اربعة مبادئ يفترض ان تحكم عمل المجتمع الدولي في مواجهة طهران، اولها «الضغط الضروري» لكي تستأنف ايران الحوار مع المجتمع الدولي في شأن برنامجها النووي. واشار الى ان المبدأ الثاني يكمن في «ان يكون التحرك الذي يقوم به مجلس الأمن الدولي متصاعداً وخطوة وراء خطوة»، كما يجب ان يكون «قابلاً للعودة عنه لكي نتمكن من التجاوب مع اعمال طهران وردود فعلها».

والمبدأ الثالث الذي تطرق اليه سترو يتعلق بالتوصل الى «اكبر توافق ممكن» داخل المجتمع الدولي، اما الرابع فيفترض ان يتمثل في «تعزيز» مجلس الأمن الدولي لسلطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأوضح سترو ان الشكوك «الدولية ازاء مسألة الطموحات النووية الايرانية بشكل عام هي لب المشكلة»، واتهم الوزير طهران بالتضليل، قائلاً: «يحاول الايرانيون اخفاء ما يقومون به»، مذكراً بان الوكالة الدولية للطاقة الذرية «اظهرت بالتفصيل سياسة الاخفاء التي تتعمد ايران اتباعها حول برنامجها النووي» منذ سنوات. وقال وزير الخارجية البريطاني ان «طبيعة البرنامج الايراني» مشكوك بها، وذلك رغم تأكيدات ايران حول الطابع المدني لبرنامجها، وتابع «لا تملك ايران الا مفاعلاً نووياً مدنياً يجري بناؤه حالياً»،.

وعلى رغم الشكوك في البرنامج النووي الايراني، أكد سترو في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) ان التحرك عسكرياً ضد ايران غير وارد وليس على جدول اعمال الولايات المتحدة.

وتشتبه بريطانيا والولايات المتحدة ودول اخرى في ان ايران تريد تطوير تكنولوجيا نووية لتصنيع قنبلة، وتنفي طهران هذا وتقول ان برنامجها النووي لا يهدف إلا لتوليد الطاقة. ويدرس القضية مجلس الأمن في الامم المتحدة والذي يمكن ان يطبق عقوبات ضد ايران التي استأنفت نشاطات تخصيب اليورانيوم، وقالت الادارة الأميركية ان كل الخيارات مطروحة لمنع ايران من تطوير اسلحة نووية.

وعندما سألته هيئة الاذاعة البريطانية عما اذا كانت ضربة عسكرية ضد ايران غير واردة، رد سترو: «نعم..انها غير واردة»، واستطرد قائلاً: «اي رئيس أميركي لا يستبعد نظريا اي خيار... ولكن من الناحية العملية العمل العسكري ليس على جدول اعمال الأميركيين».

وشدد سترو على ضرورة وجود حل للأزمة النووية الايرانية، قائلاً: «هذه قضية يتعين حلها.. نعم بالضغوط ولكن بوسائل سلمية وديمقراطية»، وأضاف انه لم يفت الاوان لكي يعود الايرانيون الى الحوار حول الملف النووي، وتابع: «نريد التطبيع مع هذه الدولة، ولقد عملت على ذلك طوال ثلاث سنوات ولم يفت الاوان لكي يعود الايرانيون الى المفاوضات».

وشارك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره البريطاني في مخاوفه من البرنامج النووي الايراني، وصرح لافروف بأن بلاده تشعر بخيبة أمل لسلوك ايران في المحادثات التي تهدف لنزع فتيل الازمة المتعلقة ببرنامجها النووي. ونقلت وكالة الاعلام الروسية (ار.اي.ايه) عن وزير الخارجية سيرجي لافروف قوله: «نشعر بخيبة أمل بالغة في الاسلوب الذي تنتهجه ايران خلال هذه المحادثات، ان ايران لا تقدم يد العون مطلقاً لاولئك الذين يريدون ايجاد سبل سلمية لحل هذه المشكلة». وفي مؤتمر صحافي أمس، اعلن لافروف ان المفاوضات بين روسيا وايران ستستأنف «قريباً جداً»، وقال لافروف للصحافيين «لقد توجه الجانب الايراني مرة جديدة في اليومين الماضيين باقتراح (لموسكو) لاجراء مفاوضات».

وتابع الوزير الروسي: «لدينا مؤشرات متناقضة من طهران، تارة يرفضون وتارة يقبلون».

ونفى المسؤول الروسي ما يقال حول ان اتفاقاً جرى التوصل اليه مع الجانب الاميركي بشأن الانحياز الى مواقف الولايات المتحدة المناهضة لايران مقابل موافقة واشنطن على انضمام موسكو الى منظمة التجارة العالمية. واكد لارفروف ان روسيا والولايات المتحدة يمكن ان تقدما «اقتراحاً مشتركاً» حول تطوير القطاع النووي المدني في العالم بدون ان يطرح ذلك خطر انتشار اسلحة نووية. وحول أمن الطاقة، قال الوزير الروسي: «تعرفون اقتراح الرئيس فلاديمير بوتين الذي يفتح الطريق امام تطوير الطاقة النووية بدون خطر ومع ضمان الاستخدام القانوني للوقود النووي لكل الدول وعبر تعزيز نظام عدم انتشار الاسلحة النووية»، واضاف ان الرئيس الاميركي جورج بوش «قدم بعد ذلك مبادرة مماثلة، وخلال زيارتي الاخيرة (الى الولايات المتحدة) عبر الرئيس بوش ووزيرة الخارجية الاميركية عن اهتمامهما بالتنسيق بين هاتين المبادرتين في اطار الاعداد لقمة مجموعة الثماني في سان بطرسبورغ ووضع اقتراح مشترك».

وكانت المصادر الرسمية الروسية قد كشفت عن ان سيرغي كيريينكو رئيس الوكالة الفيدرالية للطاقة الذرية يتوجه الى الصين في السابع عشر من مارس (آذار) الجاري في زيارة عمل تستغرق اربعة ايام، يتفقد خلالها محطة تيان فان الكهرذرية التي تساهم موسكو في بنائها في الصين. وكان كيريينكو قد اشار الى ان اقتراح موسكو حول انشاء المؤسسة المشتركة مع ايران يظل قائماً، لكن كمقترح غير قابل للتجزئة. وعقدت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا) اجتماعاً جديداً صباح أمس لمناقشة النص الذي سيصدره المجلس بشأن الملف النووي الايراني، وبعد ثلاثة اجتماعات للدول الدائمة العضوية لم تتوصل الدول الخمس إلى اتفاق بشأن مسودة البيان الذي تقدمت به الولايات المتحدة والذي يطالب طهران بأن تتوقف عن استئناف تخصيب اليورانيوم وأن تسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة المواقع التي لها صلة ببرنامج إيران النووي. ومن المتوقع أن يعقد مندوبو الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين اجتماعهم الرابع اليوم لبحث نص جديد لمشروع البيان على أمل أن يحظى على موافقة الأعضاء الخمسة الدائمين من أجل تقديم النص بصيغته النهائية إلى أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر. وذكرت مصادر دبلوماسية مطلعة على الاجتماع إلى «الشرق الأوسط» أن النص الجديد الذي قدمته الولايات المتحدة ما زال يواجه معارضة الصين وروسيا، ويوحي النص حسب قول المصادر بإحالة الملف النووي الإيراني بالكامل إلى مجلس الأمن، بينما تطالب موسكو وبكين بأن يكون الدور الأساسي للتعامل مع الملف النووي للوكالة الدولية. ومازالت واميركا وبريطانيا وفرنسا تؤيد فقرة في مسودة المشروع تطلب من مدير الوكالة الدولية محمد البرادعي أن يقدم تقريرا إلى مجلس الأمن في غضون فترة لا تتجاوز أسبوعين عن مدى التزام إيران بوقف برنامج تخصيب اليورانيوم. ووصف دبلوماسي من البعثة الأميركية الموضوع بـ«الكبير»، وحرص على عدم إبراز الخلافات الحادة بين الخمسة الكبار في مجلس الأمن وقال: «لا نريد أن نعطي الانطباع بأن الخمسة الدائمين لديهم خلافات حول موضوع كبير كهذا». ولم تخف روسيا مخاوفها من الطريقة التي تريد بها واشنطن التعامل مع ملف إيران النووي داخل مجلس الأمن، وأعربت عن قناعتها بأن أي بيان يصدر عن المجلس قد يعقد المفاوضات التي تقودها مع طهران، على الرغم من أن إيران ليست ملزمة بتنفيذ ما يرد في البيان الرئاسي.