استهداف الأكاديميين يصيب العراق بـ«نزيف عقول»

TT

بغداد ـ رويترز: نجا سامي المظفر، استاذ الكيمياء السابق بجامعة بغداد، من هجوم بسيارة ملغومة في أوائل فبراير (شباط) من دون خدش، رغم ان عددا من حراسه أصيبوا بجروح. وهو يعرف العديد من العلماء والاكاديميين العراقيين الذين لم يحالفهم الحظ مثله.

وقال المظفر الذي يتولى حاليا منصب وزير التعليم العالي «انها خسارة كبيرة حين نفقد استاذا او عالما لأنهم يمثلون صفوة المجتمع». وأضاف «من الصعب للغاية تعويض من نخسرهم». وقالت رابطة التدريسيين الجامعيين في العراق في مؤتمر صحافي الاسبوع الماضي، ان نحو 182 استاذا جامعيا قتلوا في أعمال عنف منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003، وتعرض 85 من كبار الاكاديميين للخطف او لمحاولات اغتيال.

ولا يعبأ الكثير من الرجال والنساء في قطاع التعليم بالعراق بدرجة تذكر بالحرية الاكاديمية، وهي قيمة تحفز العمل في جامعات العالم الغربي. لكن في بغداد الهدف هو مجرد البقاء على قيد الحياة. والذين ينجون من حادث تفجير او اطلاق للنار او يطلق سراحهم بعد خطفهم نادرا ما يحالفهم نفس الحظ في المحاولة الثانية، مما يتسبب في نزيف للعقول يقضي على ابرز المثقفين المهمين لتعليم جيل المستقبل من المهنيين العراقيين، ولإعادة بناء اقتصاد البلاد.

وقال محمد فهد، الاستاذ في كلية طب الاسنان بجامعة بغداد «استهداف اساتذة الجامعات يدمر نظام التعليم العالي في العراق، وهو ما يدمر بدوره قطاعات أخرى من المجتمع من خلال تدهور مستوى التعليم». ويخشى العديد من العراقيين من أن يؤدي استهداف الاكاديميين الى نقص في الاطباء والمهندسين والمهنيين كذلك. ويفكر فهد الذي يقول انه يشعر بالإحباط في مغادرة البلاد.

واشار تقرير الرابطة كذلك الى تعرض استاذ للهجوم من جانب الطلبة في واقعة واحدة على الاقل، وحذر خارج الحرم الجامعي. وقال استاذ آخر بجامعة بغداد، طلب عدم نشر اسمه، انه يتجنب الخلافات مع الطلبة. فاعطاء طالب درجات تؤدي الى رسوبه يحتاج لشجاعة غير عادية في العراق.

ويدرك الطلبة كذلك ان نظام التعليم ينهار، ويشعرون بالقلق على مستقبلهم.

وقال الطالب الجامعي رياض جمعة «قتل اساتذتنا أضرنا بشدة...عندما يقتل أستاذ خبير يكون من الصعب تعويضه ونحن نعاني من ذلك». وقال قاسم عبيد، وهو طالب بالسنة الثالثة يدرس الكومبيوتر في جامعة المستنصرية في بغداد «اعتقد أن الارهابيين يستهدفونهم لحرماننا من معرفتهم».

ووسط حالة الفوضى وغياب القانون في العراق، لم يكن من السهل التوصل الى دافع سياسي أو جنائي وراء كل حالة قتل. وقال عصام كاظم الراوي رئيس الرباطة وأستاذ علوم الارض بجامعة بغداد، ان الحملة على المثقفين العراقيين وراءها أحزاب من داخل وخارج البلاد. وصرح بأن الدافع هو عادة ما يكون انتماء الفرد الى حزب ديني او علماني معين والفكرة هي ان قتل الذين يفترض انهم يسعون لتنفيذ جدول حزبي معين قد يمنع نشر أفكارهم.

وقال الراوي «ما يجري في العراق ضد هؤلاء الاساتذة هو جريمة حرب». وأضاف الراوي انه اذا لم يتحسن الوضع فان اساتذة الجامعات قد يضربون عن العمل أو ينظمون احتجاجات خاصة بهم منها الاعتصام. ومثل هذه الاجراءات قد تحقق نتائج في مؤسسات مثل جامعة كيمبردج البريطانية او جامعة هارفارد الاميركية، لكن لا يعتقد الكثيرون انها ستوقف قتل المثقفين العراقيين.

وقتل عبد اللطيف المياح، رئيس قسم دراسات الوطن العربي بمركز الابحاث في جامعة المستنصرية في يناير (كانون الثاني) عام 2004 بعد يوم واحد من ظهوره على قناة الجزيرة التلفزيونية الفضائية مع أسرته. وأطلقت عليه 32 طلقة، وهو في طريقه للعمل. وقالت ابنته هبة «القتلة كانوا منظمين ومحترفين... ابلغنا ضابط شرطة انها تبدو مثل عمليات الاستخبارات».