مؤتمر الحوار الوطني اللبناني يقفز فوق المواضيع الخلافية ويتجنب التراشق بخرائط شبعا

توافق حول تنظيم العلاقة مع سورية وإقامة علاقات دبلوماسية

TT

عاود مؤتمر الحوار الوطني اللبناني اعماله امس بعد «استراحة» لخمسة ايام ارادها المتحاورون فرصة لاجراء المزيد من الاتصالات لتقريب وجهات النظر حول البنود الخلافية.

وقد تجنب المتحاورون امس اثارة موضوع مزارع شبعا بالتفصيل خوفا من انفجار الحوار في ضوء المواقف المتباينة خصوصا بين النائب وليد جنبلاط و«حزب الله» بعدما تراشقا بالاتهامات والمواقف الحادة طوال الاسبوع الماضي الذي قضاه جنبلاط في الولايات المتحدة.

ومع ان جنبلاط احضر معه الى الجلسة خرائط ووثائق قيل انه حصل عليها من الامم المتحدة تؤكد عدم لبنانية مزارع شبعا، فيما احضر «حزب الله» ورئيس مجلس النواب نبيه بري ـ وقيل وزير الداخلية احمد فتفت من «تيار المستقبل» الذي يقوده حليف جنبلاط النائب سعد الحريري ـ خرائط ووثائق تؤكد لبنانية هذه المزارع، الا ان «سلاح الخرائط» لم يُشهر على طاولة الحوار، كما اكد احد المشاركين فيه لـ«الشرق الاوسط» قائلاً: «رأينا خرائط تدخل، لكننا لم نرها تشهر».

وتقاطعت المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الاوسط» وتلك التي افاد بها بعض المشاركين في جلسة الحوار الصباحية ان الحوار قفز فوق موضوع المزارع وموضوع رئاسة الجمهورية باعتبارهما محور الخلاف بين فريقي «الاكثرية» و«الاقلية» في مجلس النواب، لينتقل هؤلاء الى بحث موضوع العلاقات اللبنانية ـ السورية التي بدا ـ للمفارقة ـ انها تحظى بامكانية توافق حولها اكبر بكثير من الموضوعين الآخرين.

واشارت المعلومات الى «تقدم مهم» على صعيد هذا الملف لجهة تنظيم العلاقة بين الدولتين وقيام علاقات دبلوماسية بينهما لأول مرة منذ انشائهما، بالاضافة الى بحث معمق للاتفاقات الموقعة بين الطرفين والتي قال مصدر قريب من فريق «الاقلية» انه تبين للمتحاورين وجود استفادة لبنانية منها تفوق الاستفادة السورية. واتفق المحاورون على مبدأ قيام «علاقات مميزة ومتساوية» بين لبنان وسورية وتأكيد هوية لبنان العربية. فيما حظيت دراسة اعدتها لجنة حكومية لبنانية حول الاتفاقات اللبنانية ـ السورية باهتمام كبير من قبل المشاركين.

وعلم ان وزير الاتصالات مروان حمادة، القريب من النائب جنبلاط، اثار خلال الاجتماع الصباحي موضوع التشويش الذي يصيب شبكة الهاتف الخليوي (الجوال) اللبنانية جراء التداخل مع الشبكات السورية. فيما قال بعض المشاركين ان جنبلاط ابدى انزعاجه من الحملات الاعلامية التي شنت عليه.

وكانت الجولة الجديدة من الحوار، وهي العاشرة منذ انطلاقته، قد بدأت في الحادية عشرة من قبل ظهر امس بحضور جميع قيادات «الصف الاول». واستمرت حتى الثالثة والنصف من بعد الظهر حيث رفعت حتى السادسة والنصف مساء.

وبعد انتهاء الجلسة، تعاقب المشاركون على وصف اجوائها بـ«الايجابية والجيدة». وقال الوزير ميشال فرعون: «بحثنا في كل الامور، من العلاقات اللبنانية ـ السورية الى مزارع شبعا» مشيرا الى ان الجلسة «سادها جو من الايجابية والموضوعية». اما النائب حسن يعقوب فقال: «كانت العلاقات اللبنانية ـ السورية محور البحث، وكذلك مزارع شبعا، لأن الموضوعين مترابطان الى حد ما لجهة ترسيم الحدود وتأكيد هوية المزارع اللبنانية». اما العماد ميشال عون، رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النيابي، فوصف الاجواء بأنها «جيدة». وقال: «انا دائماً متفائل. وهل يعقل ان يصمد شخص كما صمدت انا من دون ان يكون متفائلاً». واضاف: «لم تشهد الجلسة اي هجوم وكانت الاجواء هادئة وموضوعية. وقد قطعنا شوطاً لا بأس به اليوم. وان شاء الله نكمل بنفس السرعة». وسئل اذا تم التطرق الى ملف الرئاسة، فأجاب بسؤال آخر، قائلاً: «وهل هناك ملف رئاسي؟». وقال رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع ان اجواء الجلسة «كانت جيدة. ولم تشهد اي تشنج، مع العلم ان النقاشات كانت صعبة لكنها مقبولة». ورداً على سؤال حول العلاقات اللبنانية ـ السورية قال جعجع: «نعم جرى البحث في هذا الملف. ولم يكن هناك الكثير من الفروقات في وجهات النظر بين الموجودين». ووصف العلاقات بين المتحاورين بانها «كانت طبيعية، ومرت بمراحل عديدة تخللها بعض المزاح». وقال: «لا يعتقدن احد بان هناك صراعا حادا، فقد كانت الاجواء مرة هادئة ومرة عادية واحيانا مسترخية».

وحول ما نقلته الصحف السورية من ان لبنان تحول الى نموذج للفساد والفوضى المنظمة من قبل الاميركيين، قال جعجع: «لا علاقة للسوريين بلبنان. وعليهم ان يهتموا ببلدهم وانفسهم. ونحن نعرف كيف نهتم ببلدنا». وتمنى «ان تستمر هذه الاجواء في جلسات الحوار المقبلة» لكنه قال: «علينا الا ننسى ان المناقشات صعبة جدا وليست سهلة. لكن هناك بعض البوادر الجيدة. ونحن سنكمل مهما كانت الاجواء والظروف». ولدى مغادرته الجلسة، ابلغ الرئيس السابق امين الجميل الصحافيين ان البحث «كان ايجابياً، وتبين ان هناك مجموعة قواسم مشتركة من الممكن التفاهم عليها سريعاً» مشيراً الى نقاط تلاق كبيرة في موضوع العلاقات مع سورية.

ورداً على سؤال قال الجميل: «لا احد من الموجودين يشك بلبنانية مزارع شبعا. انما هناك ضرورة لتحديد مساحة هذه المزارع وحدودها».