ميلوشيفيتش سيدفن في بلغراد وصربيا ترفض العفو عن زوجته لحضور الجنازة

طبيب هولندي: الرئيس الصربي السابق تناول عمداً دواء مضاداً لعلاجه

TT

على الرغم من الإعلان عن وفاة الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش يوم السبت الماضي بسبب سكتة قلبية، إلا أن الأسباب وراء هذه النوبة ما زالت غير واضحة. وفي وقت قررت فيه عائلة ميلوشيفيتش دفنه في بلغراد، العاصمة الصربية ومسقط رأسه، رفض الرئيس الصربي بوريس طاديتش العفو عن زوجة ميلوشيفيتش، ميرا ماركوفيتش، الفارة من صربيا. وبعد الإعلان عن دفن الرئيس اليوغسلافي في بلغرلد، أعلن نجله ماركو ميلوشيفيتش انه قد يطلب من روسيا إذنا لدفن والده في موسكو إذا لم تكن هناك ضمانات لسلامة أفراد عائلته في صربيا.

وفي ظهور نادر قال ماركو ميلوشيفيتش لقناة التلفزيون الروسية الأولى إن العائلة تريد دفن والده في بلغراد. لكنه أضاف أن القرار يعتمد على ما إذا كانت السلطات الصربية ستضمن سلامة أمه ميرا المطلوبة لارتكاب مخالفات جنائية في البلاد. وأضاف: «فقدت والدي للتو ولا أريد أن أعرض أمي للخطر، فسألت السلطات الروسية إن كان بإمكاننا دفنه في موسكو وإن كان ذلك بشكل غير رسمي حتى الآن... إذا دعت الحاجة حتى تصبح الظروف في صربيا مواتية لنقل جثته هناك».

وأعرب ماركو ميلوشيفيتش عن رغبته في إلقاء النظرة الأخيرة على جثمان والده في لاهاي قبل دفنه المتوقع في اليومين القادمين. وقال زدنكو تومانوفيتش، المحامي المساعد لسلوبودان ميلوشيفيتش إن «ماركو ميلوشيفيتش يريد أن يلقي نظرة أخيرة على جثمان والده قبل أن يدفن». وأضاف: «طلبت من الحكومة الهولندية، منح ماركو ميلوشيفيتش تأشيرة دخول لأراضيها لهذا الغرض، وأعتقد أنها ستوافق». وأشار تومانوفيتش إلى أن «عائلة ميلوشيفيتش توافقت على دفنه في بلغراد، والحكومة الصربية وافقت على ذلك وفق رغبة أسرته». إلا أن السلطات الصربية أكدت أن ميلوشيفيتش لن يحصل على جنازة دولة رسمية. وكان الحزب الاشتراكي الصربي الذي قاده ميلوشيفيتش في السابق قد هدد بالخروج من البرلمان في حالة تم دفن رئيسه السابق في العاصمة الروسية وليس بلغراد. وكانت أنباء قد تحدثت عن حل وسط، وهو أن يتم دفن ميلوسيفيتش مؤقتاً في موسكو إلى حين توفر الظروف الموضوعية لنقله إلى بلغراد، حيث يطالب الحزب الاشتراكي بدفنه في مقبرة كبار الشخصيات. وقالت ماركوفيتش في حديث صحافي: «للأسف أعيش منذ ثلاث سنوات كلاجئة، حيث يلاحقني الإنتربول». وأعربت عن أملها في تبرئتها من التهم الموجهة إليها لتتمكن من المشاركة في جنازة زوجها. لكن الرئيس الصربي بوريس طاديتش جدد رفضه العفو عن ميرا ميلوشيفيتش، وقال إنها ستعتقل في حال قدمت إلى بلغراد. إلا إن المراقبين لا يستبعدون تغير المواقف، حيث شرعت المحكمة الجنائية في بلغراد أمس في إعادة النظر في قضية زوجة سلوبودان ميلوشيفيتش التي تتهمها بالفساد والقيام بعدة جرائم جنائية أثناء فترة حكم زوجها، وذلك لتمكينها من حضور جنازته. وطلب محامي ميرا ماركوفيتش أمس سحب مذكرة التوقيف الصادرة بحقها كما صرحت ناطقة باسم المحكمة. وقالت إيفانا راميتش في اتصال هاتفي إن «محامي ميرا ماركوفيتش تقدم بطلب لتعليق مذكرة التوقيف الصادرة بحق موكلته بسبب الظروف الخاصة التي تعيشها، أي وفاة زوجها». وتابعت انه «بموجب القانون سيدرس ثلاثة قضاة هذا الطلب. ليس هناك تاريخ محدد لرد، لكن القانون يشترط أن يصدر المدعي رأيه». وعلى الرغم من تضارب الأنباء عن صدور العفو من المحكمة أمس، فإن قرار المحكمة يعلن عنه اليوم.

وفي لاهاي، قال الطبيب الهولندي المتخصص في تحاليل الدم، رونالد أوجيس، أمس إن ميلوشيفيتش تناول أدوية تبطل مفعول الأدوية التي تعالج ارتفاع ضغط الدم ومتاعب في القلب؟ ونقلت وكالة الأنباء الهولندية أمس عن الطبيب الهولندي قوله إنه قام بتحليل عينة من دم الرئيس اليوغسلافي منذ عدة أسابيع وأثبتت نتائج التحليل انه كان يتناول عقار «ريفامبسين» الذي يبطل مفعول أدوية أخرى تعالج ارتفاعا حادا في ضغط الدم وما يترتب عنها من متاعب للقلب. وأضاف أنه قام بتحليل عينة دم أخذت من الرئيس اليوغسلافي في أعقاب قيام الطبيب المكلف بفحص حالته من نشر تقرير حول تردي الحالة الصحية وهو الطبيب ج. تاوو الذي عينته المحكمة الدولية في لاهاي لجرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة بغرض فحص حالته لمعرفة أسباب استمرار معاناته من ارتفاع ضغط الدم بالرغم من الأدوية القوية التي يتناولها. وجاء في تقرير تاو أن الرئيس اليوغسلافي السابق إما انه يمتنع عن تناول تلك الأدوية التي تعالج ارتفاع ضغط الدم أو انه يتناول أدوية أخرى تبطل مفعول أدوية معالجة ارتفاع الضغط. ولكن احد أعضاء فريق الدفاع عن ميلوشيفيتش شكك في التقرير الذي صدر في يناير الماضي، وقامت المحكمة بإرسال عينة جديدة منذ أسابيع الى الطبيب الهولندي في خرونينجن لتحليلها واتضح من نتائجها أن ميلوشيفيتش كان يتناول بالفعل دواء «ريفامبسين». وفي موسكو، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس أن لديه «الحق في عدم الوثوق» في نتائج تشريح جثة الرئيس اليوغوسلافي السابق، وأعلن انه سيتم إرسال أطباء روس الى لاهاي. وقال في تصريح صحافي: «بما أنهم لم يصدقونا (حين عرضت روسيا ضمانات لمعالجة ميلوشيفيتش في موسكو) فإن لدينا أيضا الحق في عدم تصديق وعدم الثقة في أولئك الذين قاموا بذلك». وأضاف «لقد تقدمنا من محكمة الجزاء الدولية (الخاصة بيوغوسلافيا السابقة) بطلب ان يشارك أطباؤنا في التشريح أو على الأقل أن يطلعوا على نتائجه»، وأوضح «اليوم تستعد مجموعة من أطبائنا للمغادرة بشكل عاجل الى لاهاي». وفي الشارع الصربي لا تزال المواقف متضاربة حول سبب وفاة ميلوشيفيتش، وأعربت حكومة بلغراد عن قبولها نتائج التشريح الذي قام به الأطباء في لاهاي بحضور جراحين من صربيا، والذي أكدت نتائجه وفاة ميلوشيفيتش بالسكتة القلبية، قاطعة بذلك الطريق على ظهور المزيد من الإشاعات التي تحدت بعضها عن تسممه، أو وجود مواد غريبة في دمه. بيد أن تأكيد وزارة الخارجية الروسية على إرسال ميلوشيفيتش رسالة تفيد بوجود محاولات لتسميمه، جعلت تلك الفرضيات قائمة في أذهان الشارع. وقال الناطق باسم الخارجية الروسية ميخائيل كامينين: «وزارة الخارجية الروسية تلقت عبر السفارة الروسية في هولندا رسالة من الرئيس اليوغسلافي الأسبق تشير إلى تعرضه لمحاولة تسميم». وشرح الناطق أن الرسالة وصلت روسيا يوم قبل يومين. وعلى صعيد آخر، أفاد مصدر في محكمة الجزاء الدولية ليوغسلافيا سابقاً أن جلسة محاكمة ميلوشيفيتش المقررة اليوم ستعقد رغم وفاة الرئيس اليوغوسلافي. وأوضح ناطق باسم محكمة الجزاء الدولية أن جلسة محاكمة ميلوسيفيتش ستعقد، مشيرا الى أنها ستكون على الأرجح قصيرة. وتنص قوانين محكمة الجزاء الدولية على أنه لا يمكن إجراء محاكمة في غياب مستمر للمتهم.