مصادر متابعة للتحقيق: براميرتز حصل من المعلم على تعهد بتمكينه من مقابلة الأسد والشرع

القضاء اللبناني تسلم تقرير المحقق الدولي ويخضعه لدراسة معمقة

TT

انشغلت الاوساط القضائية والقانونية اللبنانية بتقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال رئيس حكومة لبنان الاسبق رفيق الحريري، القاضي البلجيكي سيرج براميرتز، الذي وزع ليل اول من امس بتوقيت بيروت في الامم المتحدة. وكان هذا التقرير، الذي تسلم النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا نسخة منه امس، محل دراسة ومناقشة معمقتين، وخصوصاً لجهة المعطيات الجديدة التي حملها على صعيد تحقيق اختراقات مهمة ومعرفة كيفية حصول الجريمة وتحديد بعض المشتبه بهم الذين لم يكشف عن هوياتهم نظراً الى سرية التحقيق ومقتضيات سلامته.

وبرأي مصادر معنية ومتابعة فإن براميرتز «احدث في تقريره مفاجآت عدة ابرزها ان فرضية تفجير موكب الحريري من تحت الارض لم تسقط وانها ما زالت قائمة وموضع تحليل ومتابعة». وقالت: «ان هذه الفرضية يمكن البناء عليها من جديد لأن معلومات اولية تكونت عقب الجريمة عن احتمال حصول التفجير سلكياً عبر زرع العبوة في مجاري الصرف الصحي، ووصل الصاعق بشريط رفيع يعتقد ان المنفذين فجروا العبوة بواسطته اثناء وجودهم في يخت كان في مرسى فندق السان جورج قبالة موقع الجريمة». ولفتت الى «ان فرضية العملية الانتحارية لم تحسم بشكل نهائي، وان كانت سيارة الميتسوبيشي مليئة بالمتفجرات، لان معظم الشهود الذين كانوا على مقربة من المكان سمعوا دوي انفجارين تفصل بينهما اجزاء من الثانية. ويعتقد ان العبوة المزروعة تحت الارض فجرت في البداية، ثم انفجرت الشاحنة فوق الارض. والمرجح ان يكون سائقها اوقفها الى جانب الطريق وترجل منها وحاول الفرار بناء لامر المراقبين والمفجرين. لكن التفجير حصل قبل ان يخطو خطواته الاولى».

وتوقفت المصادر عند اشارة براميرتز الى «اشغال وحفريات حصلت في المكان قبل الجريمة بثلاثة ايام في نفس المكان. وهذا يرسم اكثر من علامة استفهام حول المرجع الذي يسيطر على تلك المنطقة ولديه كل الخرائط عنها، وهو قائد الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان الذي اعتبرها مربعاً أمنياً يخضع لسلطته المباشرة منذ انعقاد القمتين العربية والفرنكوفونية». ووصفت تقرير براميرتز بـ «المهني» وبانه «جاء ليؤكد صوابية 90 بالمائة مما ورد في تقريري سلفه القاضي ديتليف ميليس، وخصوصاً اشارته الى دور ما لجمعية اسلامية (الاحباش) محسوبة على النظام السوري وكانت محمية من المخابرات السورية التي كانت تعمل في لبنان».

ووفق تحليل المصادر المعنية فان كلام براميرتز عن «تعاون سوري جيد» لا يعني انه خالف سلفه ميليس، بل ان القاضي البلجيكي اعتمد المرونة في التعاطي مع الجانب السوري. لكنه وضع القيادة السورية امام مسؤوليات لا يمكنها التملص منها عندما كشف للامم المتحدة وللرأي العام العالمي انه حصل على تعهد من وزير الخارجية السوري وليد المعلم بتمكينه من مقابلة الرئيس بشار الاسد ونائبه فاروق الشرع الشهر المقبل، وتعهد آخر بأن تلبي السلطات السورية طلب اللجنة بتوقيف اي مشتبه به سوري في حال توافر ادلة على تورطه في هذه الجريمة. وهذا ما كان من الممنوعات، لا بل من المحرمات السورية، عندما طلب ميليس ذلك خصوصاً مسألة مقابلة الاسد.

وتؤكد المصادر ان تقرير براميرتز ترك ارتياحاً واسعاً لدى اللبنانيين، وفتح آفاقاً جديدة نحو معطيات تبشر بأن التحقيق شارف على نهايته وان المتورطين سيمثلون قريباً امام المحكمة الدولية التي يجري العمل على انشائها على قدم وساق، ما يعني ان الحديث عن صفقات في هذه القضية غير وارد، وان لبنان سيشهد انها الجريمة السياسية الاولى في تاريخه التي احيل مرتكبوها الى العدالة الدولية والتي ستضع حداً لمسلسل الاغتيالات السياسية الذي عاشه لبنان على مدى ثلاثة عقود.

الى ذلك وفي سياق متصل، علم ان فريقاً من لجنة التحقيق الدولية عاين امس سيارات موكب الرئيس رفيق الحريري التي دمرها الانفجار والموجودة في ثكنة الحلو ببيروت. وقد تم اخذ عينات منها. وسبق ذلك زيارة الفريق لموقع الجريمة لمطابقة بعض الادلة.

من جهة اخرى، احال وزير العدل اللبناني شارل رزق الى وزارة الخارجية الملف القضائي الذي اعده النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا ويطلب فيه من السلطات البرازيلية تسليمه امينة السر التنفيذية السابقة في «بنك المدينة» رنا قليلات التي اعتقلتها الشرطة البرازيلية الاحد الماضي.

وعلم ان ميرزا عزز الملف بعشرات مذكرات التوقيف والأحكام الصادرة بحق قليلات في دعاوى احتيال وتزوير وتبييض اموال واختلاس وإعطاء شيكات من دون رصيد، جميعها متفرعة عن ملف بنك المدينة. كما انه ضمن الملف نسخة من التقرير الثاني لرئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي الالماني ديتليف ميليس الذي رجح ان تكون عملية اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري مولت من «بنك المدينة» وتحدث عن اهمية استجواب قليلات في هذه القضية لكونها تملك الكثير من الاسرار عن الفساد الذي كان يحصل في هذا البنك برعاية الجهاز الأمني اللبناني ـ السوري السابق.