واشنطن: إذا تعاونت إيران سندعم دخولها منظمة التجارة العالمية

السفير الأميركي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية: لا نستبعد أية خيارات في التعامل مع طهران

TT

تعتبر الولايات المتحدة ملفات النشاط النووي وانتهاكات حقوق الانسان والحاجة الى الاصلاح في ايران، بالاضافة الى تدخلاتها في شؤون الدول المجاورة لها، مترابطة. وقد ازدادت تصريحات من مسؤولين اميركيين بهذا السياق، إذ اكد السفير الاميركي لدى وكالة الطاقة الذرية الدولية غريغوري شولت لـ«الشرق الاوسط» ان بلاده تعتبر هذه الملفات «متصلة ببعضها البعض، لكن همنا الاول الآن هو عدم حصول ايران على سلاح نووي». واعتبر الوضع الراهن في ايران يشكل «مشكلة دبلوماسية معقدة واجمع العالم على ضرورة حلها». وجاء كلام شولت في وقت يجتمع ممثلو الدول الاعضاء في مجلس الأمن في نيويورك من أجل التوصل الى موقف موحد في مواجهة ايران.

وكرر شولت، الذي التقى بصحافيين عرب في مقر السفارة الاميركية في لندن أمس لتوضيح موقف بلاده، ان «هدفنا هو التوصل الى حل دبلوماسي». وأكد دعم بلاده للمساعي الاوروبية والروسية الى التفاوض مع ايران، رافضاً امكانية تفاوض واشنطن مباشرة مع طهران. ولكنه اردف قائلاً، في حال تعاونت ايران، «سندعمها في مجالات عدة مثل الانضمام الى منظمة التجارة العالمية». الا انه في حال فشل المساعي الدبلوماسية، قال السفير الاميركي «لا نستبعد أية خيارات اخرى»، من دون ذكر الخيار العسكري.

وعدد شولت ثلاثة مطالب اميركية واوروبية رئيسية لـ«تستعيد ايران ثقة المجتمع الدولي بها»، وهي:«التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتطبيق البروتوكول الاضافي لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي، ووقف جميع النشاطات المتعلقة بتخصيب اليورانيوم». واضاف ان «لدى القيادة الايرانية خيارين، المضي قدماً في الطريق الخطير في محاولتها لامتلاك التكنولوجيا لتطوير السلاح النووي، مما يزيد من عزلتهم ويعرضهم لعقوبات محتملة، أو خيار طريق التعاون والتفاوض وهذا ما نأمله». ورأى شولت انه من المستبعد تغيير القيادة الايرانية موقفها، قائلاً: «يبدون مصرين على موقفهم وهم يزيدون من عزلتهم» ولكنه اعترف بأنه حتى في حال تخلت ايران عن تخصيب اليورانيوم «لن تنتهي المشاكل مع ايران، فهي الدولة الاولى المساندة للارهاب في العالم». وركز شولت على ان هناك اجماعاً بين الدول الاوروبية والكثير من الدول الاخرى مثل اليمن ومصر والارجنتين والبرازيل الذين صوتوا لصالح إحالة طهران الى مجلس الأمن. ولفت الى مساعي ايران الى تفرقة المجتمع الدولي «في التفاوض مع اوروبا وروسيا على نطاق مختلف لكن القادة الايرانيين تفاجأوا باتحاد العالم وزادوا من عزلتهم». وقد انتقل المسرح الرئيسي للنزاع الدبلوماسي مع ايران الى نيويورك بعد احالة طهران الى مجلس الأمن. وانتهت أمس اللقاءات غير الرسمية بين الأعضاء الخمسة دائمي العضوية في مجلس الأمن دون التوصل الى اتفاق بشأن العناصر الأساسية التي يتضمنها البيان الرئاسي الذي سيصدر عن المجلس والذي يحدد كيفية التعامل مع الملف النووي الايراني. وأكد سفير البيرو لدى الامم المتحدة اوزوالدو دي ريفييرو لوكالة الصحافة الفرنسية ان المشاورات الرسمية الاولى ستجري الجمعة. ورداً على سؤال لمعرفة ما اذا كان مجلس الامن سيتبنى نصا بهذه المناسبة، قال السفير البيروفي «كلا، ربما الاسبوع المقبل، وسيكون اما اعلانا رئاسيا واما قرارا». يذكر ان اصدار اي بيان لمجلس الامن يعتمد على موافقة كل الاعضاء، اما القرار فيتطلب فقط موافقة تسعة اعضاء من المجلس شريطة عدم استخدام اي دولة من الدول دائمة العضوية حق النقض (فيتو).

وعلى الرغم من اعلان يوم غد (الجمعة) موعدا للمشاورات الرسمية لمجلس الأمن حول الملف النووي الايراني، الا ان المشاورات بين الدول الاعضاء استمرت في اجتماعهم الرابع امس للتوصل الى اتفاق على موقف مشترك قبل غد. وتعارض روسيا والصين اقتراحاً من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا باصدار بيان لمجلس الامن يعرب عن «قلقه الشديد» من برنامج ايران النووي ويحثها على الاذعان لقرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وكانت فرنسا وبريطانيا قد قامتا في اجتماع لمجلس الامن امس بكامل اعضائه وهم 15 دولة بتوزيع «عناصر» البيان المقترح الذي سيدعو ايران لتعليق برنامج تخصيب اليورانيوم الذي يعتقد الغرب انه ستار لتصنيع اسلحة نووية. ومن بين نقاط الخلاف المثارة فقرة تطلب من محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان يرفع تقريراً الى مجلس الامن خلال فترة قصيرة من الوقت عن مدى اذعان ايران. اقترحت بريطانيا فترة مدتها 14 يوماً ودارت المفاوضات حول الفترة الزمنية وعلى الارجح سيجري تمديدها.

ومن جهتها، دعت طهران موسكو وبكين الى الدفاع عن دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية لحل الازمة الناشئة حول الملف النووي الايراني الذي يثير جدلاً. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي أمس «نأمل ان تولي روسيا والصين اهتماماً بواقع ان الدفاع عن ايران هو الدفاع عن العمل الجماعي والمتعدد الاطراف وعن المنظمات الدولية». وفي الوقت نفسه اكد آصفي مجدداً ان ايران لا تنوي الاذعان لأي مطلب من مجلس الامن بتعليق تخصيب اليورانيوم الذي تقوم به لأغراض البحث حسبما تؤكد. وعلى صعيد آخر واصلت طهران أمس انتقادها لبريطانيا بعد ما صرح وزير الخارجية البريطاني جاك سترو بأن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد يقود بلاده «في الاتجاه الخاطئ» ووصف الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي تصريحات سترو بانها «تافهة». وقال آصفي «يظهر ان عقل هؤلاء السادة تجمد وهم يقولون اموراً تافهة». واضاف:«قرأت خطاب جاك سترو ولا يوجد فيه اي رابط منطقي بين مختلف هذه التصريحات». الا ان مسؤولين في ايران بدأوا يوجهون انتقادات الى احمدي نجاد في ضوء عزلة ايران الدبلوماسية التي تزداد تعقيداً مع تطور ازمة الملف النووي. وانتقد المسؤول الايراني السابق الاصلاحي مهدي كروبي أمس التصريحات «غير الحكيمة» للرئيس المحافظ محمود احمدي نجاد في المجال النووي، مؤكداً ضرورة تجنب احالة الملف النووي الايراني على مجلس الامن بأي ثمن.ونقلت الصحف الايرانية عن كروبي رئيس مجلس الشورى الايراني سابقاً قوله «يجب ان تكون لنا دبلوماسية قوية وتجنب التصريحات غير الحكيمة التي تعقد الوضع، كما علينا تعزيز التعاون وتوفير اجواء الثقة». واضاف: «يجب ألا نسمح بان يحال الملف النووي الايراني على مجلس الامن». واوضح «انا على ثقة ان عقوبات (اقتصادية) ستتسبب بمشاكل ضخمة كثيرة. امل ان تحل المسألة عبر التفاوض».

وفي واشنطن، صوتت لجنة في الكونغرس الاميركي على قانون لتقوية العقوبات الاميركية ضد ايران. وكانت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش قد ابلغت اعضاء الكونغرس أنها تعارض تشريعاً لفرض عقوبات على الشركات الاجنبية والدول التي تعمل في ايران لكن غالبية المشرعين صوتوا لصالح القانون (37 معه و3 ضده). وقالت النائبة الجمهورية ايليانا روز ليهتنين، التي شاركت مع النائب الديمقراطي توم لانتوس في صوغ المشروع، انها لن تذعن لمطلب الادارة لمزيد من المرونة في تنفيذ العقوبات.

وقال مؤيدو مشروع قانون العقوبات انه سيرهق اقتصاد ايران ويعزز الرد على سعي طهران لامتلاك التكنولوجيا النووية التي تقول الولايات المتحدة انها قد تستخدم لصنع اسلحة نووية. ويقضي المشروع بفرض عقوبات اميركية على أية شركة أجنبية او دولة تستثمر أكثر من 20 مليون دولار في قطاع الطاقة الايراني. يذكر ان الولايات المتحدة تفرض عقوبات تمنع الشركات والافراد الاميركيين من الدخول في تعاملات تجارية مع ايران.