الجزائر: تحريات تتوصل إلى تورط «السلفية» في قتل ناشط يروج للمصالحة

TT

توصلت مصالح الأمن الجزائرية إلى أن تحقيقات أجرتها توصلت الى أن قائد «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» عبد الملك دروكدال (المدعو أبو مصعب عبد الودود) هو الذي أصدر أمرا بقتل ناشط عرف بمساعيه لإقناع المسلحين التخلي عن العمل المسلح والانخراط في مشروع المصالحة الوطنية مقابل الاستفادة من عفو رئاسي.

وذكر مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن التحقيق في اغتيال عبد الكريم قدوري المدعو القعقاع يوم 9 مارس (آذار) الجاري، تم بأمر مباشر من «أبو مصعب» الذي يمثل النواة الصلبة داخل التنظيم المسلح الرافض لأي مسعى يقود إلى إسكات لغة السلاح. وكان قدوري قتل عندما كان يهم بمغادرة مسجد قرب منزله في منطقة وادي سوف (600 كلم جنوب شرقي العاصمة)، حيث باغته شخصان أطلقا عليه الرصاص. وعرف قدوري بنشاطه البارز في إقناع المسلحين بالتخلي عن العنف في مناطق الوادي وتبسة وباتنة وخنشلة بشرق البلاد، وقام بوساطة نشطة بين السلطات والمسلحين لتحقيق ذلك. وتذكر المصادر، أن المساعي التي كان يقوم بها منذ إعلانه هو الآخر التخلي عن العمل المسلح عام 2000 «أزعجت كثيرا قيادات التنظيم المصرة على مواصلة الإرهاب، فقررت قتله».

وأوضحت مصادر «الشرق الأوسط»، أن عملية الاغتيال تمت على أيدي عضوين بارزين في مجموعة تابعة للجماعة السلفية تدعى «كتيبة الفتح المبين». ويدعى أحدهما مسعودي الطاهر ويكنى زكريا أبو يحيى والثاني يدعى يحياوي عبد العالي ويعرف بيونس. وتابعت المصدر قائلا: «رفع مسعودي ويحياوي تقريرا مفصلا إلى أبي مصعب عن نشاط قدوري في إطار المصالحة، فوجد أبو مصعب أنه أصبح يشكل خطرا على تماسك التنظيم بالمنطقة الخامسة (شرق الجزائر حسب هيكل التنظيم المسلح) فقرر تصفيته جسديا». وأضافت المصادر أن «قرار قتل قدوري يعد رسالة ترهيب من قيادة الجماعة باتجاه المسلحين تدفعهم إلى مراجعة أنفسهم إذا كانت لديهم رغبة في التخلي عن السلاح، ويعكس في نفس الوقت شرخا عميقا داخل مواقع الإرهابيين في معاقل شرق البلاد». ونقلت المصادر عن «تائبين» قولهم إن قادة «الجماعة السلفية» يمنعون المسلحين من الاتصال بعائلاتهم ومن متابعة الأخبار عبر الإذاعة «حتى لا يتأثروا بخطاب الساعة الداعي لطي صفحة الآلام».

ويذكر مسلحون كانوا رفاقا لقدوري لـ«الشرق الأوسط»، أنه غامر بنفسه مرات كثيرة عندما كان يتردد على معاقل المسلحين في منطقة باتنة (450 كلم شرق العاصمة) يدعوهم إلى الالتفاف حول مشروع الوئام المدني، الذي أصدره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أواخر 1999 ونص على عفو عن المسلحين شرط تخليهم عن العنف. وقال شخص يعرفه جيدا: «لقد تعرض للتهديد بالقتل قبل تصفيته بأيام، ولهذا السبب قرر الإقامة بالعاصمة، وقد اختار بيتا بها وكان على وشك شرائه».