بحريني في غوانتانامو حاول 12 مرة الانتحار وكتب رسالة بالدم لمحاميه

الجيش الأميركي يؤكد صلات جمعة بـ«القاعدة» واعتقاله في تورا بورا

TT

قبل ان يحاول جمعة الدوسري الانتحار بشنق نفسه أو فتح جرح عميق في ذراعه اليمنى، سلم سجين غوانتانامو محاميه مظروفا يحتوي على صفحات مكتوبة بلغة عربية بخط يد أنيق، بعضها ملطخ بدم جاف. وأبلغ الدوسري محاميه بأنهما يمكن ان يناقشا الرسالة في وقت لاحق.

وكتب الدوسري قائلا ان «السجناء يعانون من مرارة اليأس واذلال السجن وقهر العبودية والاضطهاد. آمل أن تتذكروا، على الدوام، انكم التقيتم وجلستم مع «كائن بشري» اسمه جمعة، عانى كثيرا وتعرض الى انتهاك في معتقده ونفسه وكرامته وكذلك في انسانيته. فقد سجن وعذب وحرم من وطنه وعائلته وابنته الصغيرة التي هي بأمس الحاجة اليه لفترة اربع سنوات، بدون سبب او جرم اقترفه».

والرسالة لمحة شخصية نادرة عن اليأس الذي يشعر به بعض السجناء في السجن الأميركي بكوبا، وهي رواية عاطفية عن اضطراب انسان وقراره النهائي باختيار الموت بدلا من البقاء في السجن يوما آخر. واخفقت محاولة الدوسري الانتحار في اكتوبر (تشرين الاول)، وهي واحدة من حوالي 12 مرة حاول فيها الانتحار خلال سنواته الأربع في الجزيرة، أخفقت لأن محاميه، جوشوا كولانجيلو بريان، اكتشفه وهو ينزف متدليا باضطراب في زنزانة حيث يفترض ان يكون في فترة استحمام.

وحاول الدوسري، وهو مواطن بحريني يبلغ 32 عاما، أن ينتحر مرتين بعد محاولة اكتوبر، مخبرا محاميه بأن طبيعة سجنه غير المحددة وافتقاره الى التواصل مع الناس الآخرين سببا له شعورا حادا بالكآبة.

وكتب الدوسري «لم يكن هناك بديل لاسماع صوتنا الى العالم من أعماق مراكز السجن باستثناء هذه الطريقة من اجل أن يعيد العالم النظر بموقفه ومن اجل ان يتأمل الناس المنصفون في اميركا مرة اخرى الوضع ويحاولون اتخاذ الموقف الحاسم مع انفسهم. وعندما تتذكرونني في آخر لحظات حياتي، حيث تغادر روحي جسدي الى خالقها، تذكروا أن العالم تخلى عنا وعن قضيتنا. وتذكروا ان حكوماتنا تخلت عنا».

وقال الدوسري انه يعتقد انه والسجناء الآخرين «اعتقلوا وعذبوا وسجنوا بدون جرم أو مبرر».

غير ان الجيش الأميركي يعتقد أن الدوسري ارهابي لديه صلات مع «القاعدة» واعتبر مقاتلا عدوا. ويشير المسؤولون الأميركيون الى صلات الدوسري المزعومة مع الخلايا الارهابية في الولايات المتحدة ويعتقدون انه كان في تورا بورا قبل اعتقاله.

وقال الكولونيل جيرمي مارتن، المتحدث باسم غوانتانامو، ان الدوسري يمكنه ان يتصل مع سجناء آخرين ويمارس التمارين الرياضية ولديه سبيل للحصول على المواد الدينية والكتب، فضلا عن كتابة ما يريد واللقاء بالأطباء والأخصائيين في السلوك. كما اكد مارتن انه لا يجري التسامح مع اساءة المعاملة في السجن.

وقال مارتن في رسالة إلكترونية جوابا على الأسئلة الموجهة اليه ان «مزاعم السجناء بشأن إساءة المعاملة والتعذيب هي من أساليب القاعدة المعروفة التي تستخدم لاستغلال الاعلام وتشكيل ضغط على حكومة الولايات المتحدة من اجل اطلاق سراحهم».

وقال كولانجيلو بريان ان الدوسري سلمه المظروف خلال لقائهما في اكتوبر وحاول أن ينتحر بعد لحظات من ذلك في غرفة اخرى. وبعد محاولة الانتحار فتح المحامي الرسالة التي ضمت ورقة اخرى مغطاة بدم جاف لم توافق الحكومة على نشرها. وقال كولانجيلو بريان «أعتقد انها تعبر عن افتقاره الكامل الى الأمل واحساسه بالعجز التام، وانه قرر ان السبيل الوحيد للاعلان عن نفسه ككائن بشري هو بالانتحار». وأنهى الدوسري رسالته بالقول، انه رأى «الموت يخيم عليه».

وكتب يقول «وداعا... وداعا بدون أمل برؤيتي ثانية. أشكركم على كل ما فعلتموه من اجلي، ولكن، لدي طلب اخير. دعوا العالم يطلع على رسائلي، ويقرأها، فيعرف الألم الذي يعاني منه السجناء في كوبا».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»