مساع بريطانية لإعطاء التفاوض فرصة جديدة بمشاركة أميركية

بوش يهدد طهران باستخدام القوة العسكرية لحماية إسرائيل

TT

ازدادت التقارير الاخبارية أمس المشيرة الى سعي المملكة المتحدة الى إشراك الولايات المتحدة بمباحثات مباشرة مع ايران بشأن برنامجها النووي. وفي اجتماع لمسؤولين رفيعي المستوى في الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمانيا أمس، كان من المتوقع أن تطرح لندن هذا الاقتراح، بينما سعت الدول الاوروبية والولايات المتحدة الى تهدئة المخاوف الصينية والروسية من تأجيج الأزمة مع ايران. وتزامن ذلك مع تهديد الرئيس الاميركي جورج بوش طهران من انه «سيستخدم القوة العسكرية» ضدها إذا لزم الأمر لحماية اسرائيل، كما انه اتهمها بالسعي وراء تطوير أسلحة نووية.

وفي نيويورك، اجتمع مديرون سياسيون عن الشؤون الخارجية من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التي تتمتع بحق النقض (الفيتو)، بالاضافة الى المانيا، أمس في إطار جهود لحل الأزمة المتعلقة بكبح جماح طموحات ايران النووية. وناقش المسؤولون السياسات المستقبلية تجاه ايران في الوقت الذي فشل فيه مجلس الأمن في إصدار بيان رئاسي مشترك يطالب إيران بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم. وتؤكد مسودة البيان الرئاسي الذي وضعت نصه فرنسا والمملكة المتحدة على أن تتعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومقرها فيينا. وفي حين يتردد أن أغلبية الدول الاعضاء في مجلس الأمن تساند الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، الا ان روسيا والصين لا يريدان أي عبارة تقود الى فرض عقوبات. ولا تهدد مسودة البيان بإجراءات عقابية. وقال مسؤول أميركي لوكالة «رويترز»، أمس، ان الغرض من اجتماع أمس «هو حتى تشعر روسيا والصين براحة أكثر». وأضاف: «سنخبرهما مع الاوروبيين بأننا لسنا على وشك بدء حرب أو فرض عقوبات، ما نريده هو فقط بيان رئاسي للضغط على إيران».

وفي لندن، وتعليقا على تسريب خبر عن اقتراح بريطاني لمشاركة الولايات المتحدة مع باقي الأعضاء دائمي العضوية في مجلس الأمن في تفاوض مباشر مع ايران، قال ناطق باسم الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» بأنه من «المحتمل جدا أن نطرح هذه الفكرة على الطاولة». وأضاف: «اللقاءات في نيويورك مبنية على تبادل الآراء والاستماع الى ما قد تطرحه ايران». وعلى الرغم من ان اجتماع أمس للمديرين السياسيين في وزارات خارجية الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا لم يشرك الايرانيين، إلا ان الناطق أكد بأنه «من المحتمل أن تتضمن اجتماعات مستقبلية الجانب الايراني». ورفض الناطق إعطاء المزيد من التفاصيل عن اجتماع يوم أمس، مفضلا ترك التفاصيل جانبا حتى تتضح نتائجه.

وأكدت مصادر دبلوماسية، أمس، المطالبة البريطانية بجولة جديدة من المباحثات مع إيران. وأفادت وكالة «اسوشييتد بريس»، ان مصدرين دبلوماسيين طلبا عدم الكشف عن هويتهما قالا بأن الاقتراح البريطاني موجه الى كسب موافقة روسيا والصين المعارضتين لعمل من مجلس الأمن، بما فيه فرض عقوبات محتملة، للضغط على طهران للتخلي عن برنامجها النووي. ويأمل البريطانيون، مع الفرنسيين والاميركيين، بأن توافق روسيا والصين على عمل أكثر شدة من مجلس الأمن في مقابل استعداد غربي لخوض مفاوضات جديدة مع ايران قبل اتخاذ هذه الاجراءات. وقال أحد الدبلوماسيين ان الاقتراح البريطاني يعتمد على مبدأ: «لن نفرض على روسيا والصين قبولا باحتمال فرض العقوبات على ايران في الاشهر المقبلة، على الاقل لن نفعل ذلك من دون بذل المزيد من الجهود للتفاوض مع ايران». وتسعى بريطانيا الى «تنسيق خطة ومن ثم تقديمها الى الايرانيين كاقتراح جديد»، وستعتمد الخطة على موافقة موسكو وبكين على اتخاذ إجراءات شديدة في حق ايران اذا لم تتنازل عن تخصيب اليورانيوم. ومع تعثر المباحثات بين مندوبي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، قد يوافق مسؤولون أكثر مرونة في الادارة الاميركية على بدء محادثات مباشرة مع طهران شبيهة بالمحادثات مع كوريا الشمالية ذات الاطراف الستة التي تسعى الى إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن السعي وراء الاسلحة النووية. الا ان الرئيس الاميركي اتهم ايران بمحاولة تطوير اسلحة ذرية، واصفاً ذلك بأنه «تصرف غير مقبول»، الا انه أكد ان «هدفنا هو حل هذه المسألة دبلوماسيا». كما أشار بوش الى ما وصفه بـ«التهديد الخطير» الذي وجهه الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى اسرائيل، وحذر من انه اذا استدعى الأمر «فسنستخدم القوة العسكرية لحماية حليفتنا إسرائيل». ومن بروكسل، دعا وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي، مجددا، ايران أمس الى الاستجابة لطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتخلي عن نشاطات تخصيب اليورانيوم. وجاء في إعلان صادر عن المجتمعين أمس ان مجلس وزراء الاتحاد الاوروبي «يدعو إيران مجددا الى الاستجابة بشكل عاجل لطلبات مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وجاء أيضا في الاعلان ان الدول الـ25 «تأسف بشدة لعدم قيام إيران بتطبيق الاجراءات التي اعتبرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضرورية»، الا انها تبقى «متمسكة بالتوصل إلى حل دبلوماسي». واضاف الاعلان الاوروبي ان على مجلس الأمن «التحرك لتعزيز سلطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وفي وقت كثفت فيه الدول العظمى جهودها من أجل إقناع طهران للتخلي عن تخصيب اليورانيوم، أفادت مصادر دبلوماسية في فيينا أمس، ان ايران على وشك تكثيف أنشطة تخصيب اليورانيوم من خلال تشغيل سلسلة مترابطة من 164 جهازا للطرد المركزي. وقال دبلوماسي غربي طلب عدم الافصاح عن هويته لوكالة الصحافة الفرنسية ان «ايران على وشك تشغيل سلسلة من 164 جهازا للطرد المركزي بواسطة غاز هكسافلورور اليورانيوم» في موقع نطنز وسط ايران. وتستخدم اجهزة الطرد المركزي المترابطة في سلسلة لتخصيب اليورانيوم الذي يمكن استخدامه لصناعة سلاح ذري، وهذا ما تخشاه الدول الغربية.