العاهل الأردني: إذا لم تقم دولة فلسطينية خلال عامين لن يبقى شيء للتفاوض عليه

قال إن حدوث نزاع طائفي في العراق احتمال قائم

TT

دعا العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني المجتمع الدولي الى تخفيف آلام الفلسطينيين، معتبرا المرحلة الحالية فترة انتظار، بينما اعتبر الرئيس الفرنسي جاك شيراك أن الحل بالنسبة لاستمرار المساعدات الأوروبية الى الفلسطينيين يكمن في أن تمر عبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

كما اعتبر شيراك أن تطبيع العلاقات اللبنانية ـ السورية «يجب أن يتم في أسرع وقت» غير أنه وضع لذلك مجموعة من الشروط التي تبين أن هذا التطبيع لم يحن وقته بعد. ورحب الرئيس الفرنسي بالحوار الوطني اللبناني فيما شدد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على أهمية احترام وتطبيق كامل القرارات الدولية، داعيا سورية من غير أن يسميها الى التعاون مع لجنة التحقيق الدولية التي يرأسها القاضي البلجيكي سيرج براميرتز.

وجاءت تصريحات شيراك والملك عبد الله الثاني في مؤتمر صحافي مشترك عقد في قصر الأليزيه ظهر أمس بعد جولة من المحادثات تمحورت حول أربعة ملفات هي: الملف اللبناني ـ السوري، الوضع في فلسطين، المسألة العراقية والملف النووي الإيراني، بالإضافة الى العلاقات الثنائية التي اتفق الزعيمان على وصفها بـ«المتميزة».

وجديد الملف اللبناني يتمثل في أن الرئيس شيراك شدد للمرة الأولى على أهمية الإسراع في إعادة العلاقات السورية ـ اللبنانية الى حال التطبيع. غير أنه استعاد المواقف التي عبرت عنها فرنسا إزاء الوساطات العربية السابقة حيث شدد على ضرورة وضعها في إطار احترام القرارات الدولية التي تركز على سيادة واستقلال لبنان. وتحاشى الإجابة عن سؤال عن امكانية عودة الحوار السياسي بين سورية وفرنسا عقب التقرير الذي قدمه براميرتز، معبرا عن تحفظاته لحهة اعتبار التقرير ينوه بتعاون سورية. وقال الرئيس الفرنسي: «لا أقول أبدا إن التقرير ينوه بالتعاون من قبل سورية، إذ أنني أعتقد أن ثمة الكثير مما يتوجب عمله» واصفا ضرورة تعاون سورية بأنه «جوهري». واستطرد شيراك قائلا «إنه لأمر جوهري أن تطبع العلاقات بين لبنان وسورية في أسرع وقت ولكن هذا يفترض حدا أدنى من الثقة وأن تطبق قرارات مجلس الأمن وخصوصا القرار 1559». وخلص الرئيس الفرنسي الى القول: «نحن ما زلنا بعيدين عن تحقيق كل ذلك». أما بخصوص الحوار الوطني فقد اعتبره شيراك الأول من نوعه الذي يتم من غير وصاية أجنبية، معربا عن أمله بأن يتيح للبنانيين «استعادة وحدتهم الكاملة شيئا فشيئا». وعبر الملك الأردني عن مواقف مماثلة لجهة الترحيب بالحوار اللبناني وتقدم التحقيق الدولي والتأكيد على أهمية احترام القرارات الدولية الخاصة بلبنان. وفي الموضوع الفلسطيني وصف الملك عبد الله المرحلة الراهنة بأنها «فترة انتظار» يحكمها من جهة تسلم الحكومة الفلسطينية الجديدة مهماتها، وتحكمها من جهة أخرى الانتخابات الإسرائيلية المنتظرة الأسبوع المقبل». ودعا عبد الله الثاني المجموعة الدولية الى «تخفيف آلام الشعب الفلسطيني».

وفي حديث لصحيفة «لوموند الفرنسية»، عبر الملك عبد الله عن «مخاوفه» من عدم قيام دولة فلسطينية في العامين المقبلين. وقال عبد الله الثاني «إنني قلق لجهة قيام دولة فلسطينية مستقلة». وأعتقد أنه إذا لم تنشأ هذه الدولة في العامين المقبلين «فلن يعود ثمة ما يتفاوض عليه». وأضاف الملك عبد الله أن الأردن «عرف حتى الآن كيف يتفادى العاصفة والأزمات في فلسطين والعراق ولبنان.. يمكن أن تتفاقم ولا أحد سيكون في منأى عنها». وفي المؤتمر الصحافي مع الرئيس شيراك عبر عن قناعته بأن «غالبية» الفلسطينيين والإسرائيليين «تريد دولتين تتعايشان جنبا الى جنب» وهو ما «يشكل المستقبل» بالنسبة للأردن.

ومن جانبه، اعتبر الرئيس الفرنسي أن الحل بالنسبة لاستمرار المساعدات الأوروبية الى الفلسطينيين يكمن في أن تمر عبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وبعد أن ذكر شيراك بالموقف الأوروبي الذي دعا «حماس» الى الاستجابة الى ثلاثة شروط : وقف العنف والاعتراف بإسرائيل والاعتراف بالاتفاقات المبرمة مع إسرائيل، كما اعتبر أنه لا يجوز وقف المساعدات الاقتصادية عن الفلسطينيين «لأن لديهم ما يكفيهم من المشاكل والصعوبات» و«لذا من الضروري العثور على وسيلة» لاستمرار تدفق المساعدات الأوروبية. وأضاف شيراك «آمل أن نعثر على أفضل الحلول مع الرئيس الفلسطيني لاستمرار المساعدات تحت سلطته وحتى لا تذهب الى حيث لا يجب».

ووضع الملك عبد الله حدا نهائيا لـ«التوتر» الذي أحدثته تصريحات الجنرال الإسرائيلي يائير نافيه الشهر الماضي عن ديمومة النظام الأردني واستقواء الحركات الإسلامية في الأردن. وأكد عبد الله الثاني أن التوتر تسبب به أناس «يبحثون عنه» متوسلين الصحافة طريقا لتحقيقه، غير أنه استطرد قائلا إن العلاقات الأردنية ـ الإسرائيلية «كانت دائما مبنية على الثقة» وأن هذه القضية «نزعها من ذهنه» مشددا على أن العلاقة مع إسرائيل «طبيعية».

وفي الموضوع العراقي، اعتبر الملك عبد الله أن حدوث نزاع طائفي في العراق «احتمال قائم». وفي حديثه الى صحيفة «لوموند» عاد الملك عبد الله الثاني الى ما ذكره في الماضي عن مخاطر الهلال الشيعي. وقال عبد الله الثاني: «عندما تحدثت قبل عامين عن خطر الهلال الشيعي، كنت أعبر عن مخاوف من أن يفضي النزاع السياسي في العراق تحت غطاء ديني الى حرب بين السنة والشيعة وهو ما نرى بداياته حاليا». واستطرد قائلا: «إن خطر قيام حرب طائفية قائم وهذا سيكون بمثابة الكارثة للجميع». وعول الملك الأردني على ما يمكن أن يسفر عنه الحوار الإيراني ـ الاميركي حول العراق. وفي حديثه مع شيراك عرض العاهل الأردني لمبادرته الداعية الى جمع القادة الدينيين العراقيين في مؤتمر في عمان الشهر المقبل.

وفي الموضوع الإيراني، وفيما يتهيأ الغربيون الى استصدار بيان رئاسي من مجلس الأمن حول الملف النووي لطهران، أكد الرئيس شيراك أن الترويكا الأوروبية «لا تزال تمد يدها» الى إيران من أجل الحوار. وربط شيراك «استقرار الشرق الأوسط» وبين البرنامج النووي الإيراني داعيا الى استئناف الحوار مع طهران التي دعاها هي الأخرى الى مد يدها الى المجموعة الدولية. وأكد شيراك أن المجموعة الدولية مستعدة للاستجابة لحاجات ومطالب إيران في ما خص برنامجها النووي لإنتاج الطاقة الكهربائية شرط توافر الضمانات ألا يكون طريقا لانتشار السلاح النووي. ويلتقي العاهل الأردني الذي سيعود الى عمان بعد انتهاء زيارة اليومين الى فرنسا رئيس مجلس النواب جان لوي دوبريه واللجنة الخارجية في المجلس المذكور.